محافظ كفرالشيخ يناقش عددا من الملفات ومشاكل الدوائر مع أعضاء مجلسي النواب والشيوخ    محافظ بورسعيد: هذه إنجازات الدولة المصرية على أرض المحافظة خلال عام    ترامب: الإيرانيون سيحتاجون المال لإعادة البلاد إلى سابق عهدها    بورتو يستقر على إقاله مدربه عقب الإقصاء من المونديال والتعادل مع الأهلي    حكم نهائي بإلغاء سحب أرض الزمالك في مرسى مطروح    مصرع شخصين وإصابة 3 آخرين في حادث إنقلاب ميكروباص بطريق أسيوط الغربي    رئيس الوزراء: 53 ألف ممول دخلوا على المنظومة الضريبية الجديدة    محافظ الغربية يتابع سير العمل بمشروع الصرف الصحي في عزبة الناموس بسمنود    الاتحاد العربي للفنادق والسياحة يُكلف محمد العجلان سفيرًا للاتحاد.. ويُشكل الهيئة العليا للمكتب بالسعودية    رئيس الأركان يشهد تخرج دورات من دارسي الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا    ترامب: مسؤولون أمريكيون وإيرانيون يجرون مباحثات الأسبوع المقبل    الصين: مستعدون للعمل مع "بريكس" لإحلال السلام في الشرق الأوسط ودعم الأمن الإقليمي    صلاة البراكليسي من أجل شفاء المرضى وتعزية المحزونين    قرار جمهوري بإضافة كلية الطب البشري إلى كليات "جامعة الحياة" الخاصة    مصدر من اتحاد الكرة ل في الجول: إقامة كأس مصر خلال تحضيرات المنتخب لكأس الأمم    الزمالك يستعيد أرض مرسى مطروح بحكم نهائي من المحكمة الإدارية العليا    مجلس جامعة المنوفية يعلن الخريطة الزمنية للعام الدراسي الجديد 2025/2026    مصرع طفل غرقا في بحر يوسف ببني سويف    أبو يطرح أولى أغنيات ألبومه "توبة" بعنوان "أحلى حاجة".. (فيديو)    أيمن سليم: "عبلة كامل حالة استثنائية وهتفضل في القلب"    أجمل عبارات ورسائل التهاني بمناسبة رأس السنة الهجرية الجديدة 1447ه    بعد قليل.. الإفتاء تعلن موعد أول أيام العام الهجري 1447    الإفتاء تكشف عن حكم التهنئة بقدوم العام الهجري    رئيس الوزراء يستعرض تعاون "أكسفورد" و500500 في علاج السرطان    شرب الماء أثناء الأكل يزيد الوزن- هل هذا صحيح؟    جيش الاحتلال يعلن اعتراض مسيرة أطلقت من اليمن قبل دخولها المجال الجوي    الرقابة الإدارية تنفى صدور أى تكليفات لها بضبط عضو نيابة عامة أو ضباط    عاطل يقتل شقيقه السائق بعيار ناري خلال مشاجرة بسبب خلافات بشبرا الخيمة    الرقابة الإدارية توكد عدم صحة ما تداول بشأن ضبط أحد أعضاء الهيئات القضائية    التعامل مع 92 شكوي..محافظ الجيزة يتابع نتائج لقاءات المواطنين بالأحياء والمراكز    الحرية المصرى: 30 يونيو استردت هوية الدولة المصرية.. والاصطفاف الوطني "ضرورة"    «النداهة».. عرض مسرحي في «ثقافة القصر» بالوادي الجديد    «أجهزة لكشف الكذب».. 4 أبراج تستطيع اكتشاف الأشخاص المزيفة من جلسة واحدة    "حماية التراث الثقافى الغارق بالمياه الاقتصادية" ورشة العمل بمكتبة الإسكندرية    «يومين في يوليو».. «المحامين» تعلن موعد الإضراب العام اعتراضًا على الرسوم القضائية    في الذكرى ال12.. مجمع إعلام القليوبية يحيي ثورة 30 يونيو    زد يضع الرتوش النهائية على صفقة ضم خالد عبد الفتاح من الأهلي    منتخبا شباب وشابات الطائرة الشاطئية يتوجهان للمغرب استعدادا للبطولة الأفريقية    سجل سلبي يطارد العين قبل مواجهة الوداد في كأس العالم للأندية    المدير التنفيذي للتأمين الصحي الشامل: التحول الرقمي ضرورة لتحقيق العدالة في إتاحة الخدمات الصحية    محافظ الدقهلية: 1517 مواطنا استفادوا من القافلة الطبية المجانية بميت غمر    في أسبوعين..تامر حسني يكسر حاجز ال 12 مليون مشاهدة ب حلال فيك    التقويم الهجري: من الهجرة إلى الحساب القمري.. قصة زمنية من عهد عمر بن الخطاب حتى اليوم    «حمى القراءة.. دوار الكتابة».. جديد الروائي الأردني جلال برجس    الأمم المتحدة: وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران فرصة لتفادي تصعيد كارثي    من البحر إلى الموقد.. كيف تؤمن سفن التغويز احتياجات مصر من الغاز؟    «العربية لحقوق الإنسان»: مراكز المساعدات لمؤسسة غزةتشكل انتهاكاً خطيراً لمبادئ القانون الإنساني    محافظ الجيزة يتابع ميدانياً جهود إطفاء حريق بمخزن دهانات بمنطقة البراجيل بأوسيم    قرار جمهوري بتعيين سلافة جويلي مديرا للأكاديمية الوطنية للتدريب    المشاط تبحث مع المنتدى الاقتصادي العالمي تفعيل خطاب نوايا «محفز النمو الاقتصادي والتنمية»    تطور قضائي بشأن السيدة المتسببة في حادث دهس "النرجس"    خالد عبد الغفار يوجه بضرورة تطوير التقنيات الحديثة في مجال الصحة الرقمية    محافظ القاهرة يبحث مع وزير الثقافة تحويل حديقة الأندلس لمركز فنى وثقافى    وزير الرياضة: منتخب اليد يستحق جهازا فنيا على أعلى مستوى    صور جديدة تظهر الأضرار اللاحقة بمنشآت فوردو وأصفهان ونطنز    مواعيد مباريات اليوم والقنوات الناقلة.. مواجهات نارية في كأس العالم للأندية    رسميًا درجات تنسيق الثانوية العامة 2025 في بورسعيد.. سجل الآن (رابط مباشر)    أجمل رسائل تهنئة رأس السنة الهجرية 1447.. ارسلها الآن للأهل والأصدقاء ولزملاء العمل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عراق مابعد الانسحاب.. تحديات تؤجل الاحتفال !
نشر في المصريون يوم 08 - 09 - 2010

ليس وحده بقاء خمسين ألف جندي أمريكي في العراق هو ما يلقي بظلاله على فرحة العراقيين بانسحاب عشرات الآلاف من القوات الأمريكية المقاتلة - وهو الجزء الأكبر من القوات التي احتلت البلاد منذ سبع سنوات ونصف؛ فالعراق يشهد الانسحاب وقد تردَّت أوضاعه السياسية والاقتصادية والاجتماعية بحيث لم تعد احتمالات مستقبله بأفضل من مآسي السنوات الماضية.
التزامٌ بلا حدود!
لم ينته الوجود العسكري الأمريكي في العراق؛ لأن هناك عدد من الجنود الأمريكيين يوازي ربع الجيش العراقي، لن يكون خروجهم قريبًا كما يرى كثيرون. فضلا عن كون صلاحياتهم مازالت واسعة لتشمل المداهمات وجمع المعلومات و الإمدادت بالإضافة إلى السيطرة التامة على المجال الجوي العراقي، والمياه الإقليمية العراقية.
وبالإشارة إلى تعهد أوباما بإنهاء الوجود العسكري لبلاده مع نهاية عام 2011م في العراق، يؤكد البعض أنه لن يكون بمقدوره الوفاء بتعهداته. فالحاجة لم تنتف للحفاظ على المصالح الأمريكية في منطقةٍ من أهمِّ مناطق العالم من الناحية الإستراتيجية. فضلا كون المجال سوف يكون مفتوحًا لتدخل القوات الأمريكية خاصة وأن احتدام العنف الطائفي أو السياسي أمرٌ وارد في ظلِّ تعسر تشكيل الحكومة العراقية.
على أية حال،لم تنس الخارجية الأميركية - تزامنًا مع الانسحاب - التأكيد على ما وصفه الناطق باسمها بالالتزام الأميركي "غير المحدود" تجاه العراق، بينما أكد الرئيس أوباما بأنه : "مازال هناك الكثير من العمل يتعين علينا القيام به لضمان أن يكون العراق شريكًا فاعلا معنا". فالتدخل الأميركي لم ينته إذًا وإنما انتقل إلى شكلٍ جديد.
فالولايات المتحدة وهي تسحب قواتها جزئيًّا من العراق يبدو أنها تسعى لتأكيد الوجود الأمريكي في شكله المدنى فضلا عن السياسي والاقتصادي؛ فقد طلبت وزارة الخارجية أخيرًا تخصيص مبلغ إضافي لها في ميزانية العام 2010 بنحو 2.1 مليار دولار من أجل إقامة قنصليتين أميركيتين دائمتين، علاوة على تأسيس ثلاث فرق تنموية مؤقتة. أما عن الوجود الاستخباراتي الأمريكي فهو أمرٌ قد يكون مفيدًا فيه أن نترك لخيالنا العنان!
الحاجة إلى حكومة.. ودولة أيضًا!
يواجه العراق تحدياته وأزماته بلا حكومة منذ حوالي الستة أشهر بعد الانتخابات العامة التي جرت في مارس الماضي، فيما لا يزال الخلاف حاضرًا بقوة بين الفصائل السياسية العراقية التي قَسَّمتها سنوات من الاقتتال الطائفي بين الأغلبية الشيعية والأقلية السنية، بينما تتأجج التوترات بين العرب والأقلية الكردية.
ولا يبدو أن حكومة عراقية توافقية سوف تُشكل قريبًا لأسبابٍ داخلية وخارجية. وقد يقوض التأخر الطويل في تشكيل الحكومة الأمن، في حين ان تهميش قائمة العراقيَّة قد يُغضب السُّنة.
لم تسفر الانتخابات عن فائز واضح. وعلى الرغم من حصول قائمة العراقية التي يتزعمها إياد علاوي الذي يتمتع بدعم واسع بين السنة على أغلبية ضئيلة، إلا انه لم يستطع تشكيل حكومة عراقية في ظل معارضة الكتل السياسية الشيعية وعدم تحمس الأكراد له. مما أدى إلى جمود سياسي ينذر بعودة العنف والاقتتال الطائفي. وبالفعل شَهِدَ العراق سلسلة من التفجيرات والهجمات خلال الأسابيع الماضية مما أسفر عن مقتل العشرات وإلقاء الضوء على الوضع السياسي والأمني الهش في البلاد.
ولكن ليست الحكومة هي المشكلة الوحيدة؛ فالعراقيون يتقدمون بطيئا في بناء دولتهم من الصفر تقريبًا، بعد أن أسقطت الولايات المتحدة الرئيس صدام حسين وحظرت حزبه البعثي وسَرَّحَت جيشه. ببساطة، لقد تداعت مؤسسات الدولة العراقية مع الغزو الأمريكي لها.
ومن ثم فإن ما يواجهه العراق ليس مشكلات ثانوية تتعلق بالأمن وتشكيل الحكومة، بل ما يواجهه هو أزمة دولة ومجتمع تعرَّضا لصدمات عنيفة جرَّاء الاحتلال الأمريكي. فكل ما كان يمثل عناصر الإجماع الوطني من نظام وحزب وجيش - على قصورها - قد فككت لصالح عناصر وقواعد جديدة هاجمها (فيروس) الطائفية الدينية والسياسيَّة منذ اليوم الأول.
المشكلة إذًا مشكلة دولة قبل أن تكون مشكلة حكومة وإن لم تحل فإن قتل عشرات العراقيين في تفجيرات واغتيالات كل شهر لن يتوقف. وسُيترك العراق فريسة لتحديات مؤلمة , وأبعد ما يكون عن الأمن والاستقرار، في حين لا يرى العراقيون في المدى المنظور ما يخفف آلامهم وأحزانهم بعد قتل عشرات الآلاف من العراقيين وتحول ثلاثة ملايين طفل إلى يتامى ومليونًا من العراقيات الأرامل.
اقتصادٌ يحتضر!
لقد تسببت المعارك منذ الاحتلال الأمريكي عام 2003 في تدميرٍ شبه كامل لبنية العراق التحتية؛ حيث لا تحصل الأغلبية الساحقة من الأُسر العراقيَّة على الكهرباء إلا لبضع ساعات في اليوم، ولايتسنى لربع العراقيين الحصول على مياه شربٍ آمنة.
يمكننا القول أن الاقتصاد العراقي الآن في حالة احتضار؛ فثلث العراقيين عاطلون عن العمل وفق تقديرات بعض الخبراء، في ظل أزمة سياسية ووضع أمني هش جعل المستثمرين في القطاعات الأخرى غير قطاع النفط يستبعدون العراق من خطط استثماراتهم.
ومع أن العراق يضم ثالث أكبر احتياطي نفطي في العالم، إلا أن مجيء إيرادات النفط سيستغرق سنوات في ظل بطء التقدم في المشروعات التي وقَّعها العراق مع شركات الطاقة الكبرى، وفي ظل الفساد الذي استشرى بسبب الفوضى التي أعقبت الاحتلال الأمريكي في استشراء الفساد إلى أن أصبح العراق في ذيل تصنيف مؤسسة الشفافية الدولية لمؤشر الفساد عام 2009.
معركة سد الفراغ!
لم يعد الشرق الأوسط بعد الغزو الأمريكي للعراق كما كان قبله؛ إلا ان الولايات المتحدة قد تشهد تراجع نفوذها – جزئيًّا - مع انسحاب قواتها. مما يجعل دول الجوار تسعى إلى سد الفراغ، ويؤدي إلى خضوع تشكيل الحكومة العراقية المنظرة ليس فقط للتوازنات الداخلية فقط، بل إلى التوازن بين إيران والسعودية وتركيا وسوريا.
فضعف العراق وثروته يغري جيرانه للتنافس على النفوذ بين الفصائل العراقية، لكن ما قد يسبب الأزمات هو ان مصالح كلا من هذه الدول تتباين في كثير من الأحيان بشكل واضح، ولا تصب بالضرورة في مصلحة العراق. فالبعض يذهب إلى أن أحدًا لا يريد لدولة العراق أن تكون قوية، بدءًا بدول الجوار وليس انتهاءًا بالفصائل السياسية العراقية المتناحرة!
فحتى الحلفاء مثل إيران وسوريا مختلفون حول العراق؛ ذلك لأن احتكار الكتل السياسية الشيعية الموالية لإيران يتعارض مع التوجهات القومية العربية للنظام السوري الحاكم.
أما تركيا التي تستخدم نفوذها الإقليمي المتزايد؛ لتلعب بهدوء دورًا يوازن دور إيران فتشجع وجود السنة والأكراد إلى جانب الشيعة في أي حكومة جديدة ببغداد. كما تسعى السعودية إلى الإضطلاع بدورٍ أكبر في العراق لمواجهة النفوذ الإيراني المتزايد خلال فترة الجمود السياسي في بغداد، ولمساعدة الشركات السعودية على اللحاق بمنافسين إقليميين في اقتحام السوق العراقيَّة.
في كل الأحوال، كان من المنتظر أن يكون يوم الانسحاب الأمريكي يوم تتداخل فيه شارات النصر وأهازيج الاحتفال باليوم المنتظر لدى العراقيين، لكن تحديات العراق مازالت تقف شاخصةً تنتظر الحل والعلاج، وأول هذه التحديات : خمسون ألفًا من الجنود الغرباء مازالوا جاثمين على أرضه!
فداء فوزي
باحث في الفكر السياسي
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.