أتابع بشغف تطورات قضية الأخت كاميليا شحاته لأني أعتبر ذلك واجبا شرعيا يحتم على كل مسلم نصرة أخيه خاصة إذا ما كان في محنة كبرى تتعلق بأمر دينه أو حياته. ومن خلال متابعتي للموضوع على مدار نحو شهر ونصف تقريبا لفت نظري أن هذه القضية استطاعت أن تحقق أمرا غير متوقع وهو أنها وحدت كلمة الحكومة وجماعة الإخوان المسلمين رغم تناقض المصالح بين الطرفين. وهنا سيسألني القارئ ما هذا الكلام الغريب ؟؟ أقول له لا تتعجل علي وسأثبت لك أن كلا الطرفين اتحدا فعندما تجتمع المصالح تلتقي الكلمة حتى ولو دون اتفاق مسبق. فالحكومة التي استنفرت أجهزتها الأمنية وعليها علامات الذعر لتكشف مكان اختفاء كاميليا في غضون أيام استجابة لمطالب شرذمة من النصارى تظاهروا بجرأة فجة بدت واضحة خلال السنوات الأخيرة رافعين شعارات تتهم المسلمين بخطف بناتهم وتتهم الجهاز (أمن الدولة) الذي يخشى الناس من مجرد ذكر اسمه بالتواطؤ مع الخاطفين هي الآن تلتزم بالمثل الشعبي المصري القائل عاملة ودن ومن طين وودن من عجين لتظاهرات المسلمين المتواصلة منذ نحو شهر للمطالبة بفك أسر أختهم التي تبين لهم بالقرائن والأدلة اعتناقها للاسلام. ولعل هذا الموقف غير مستغرب من الحكومة المصرية التي يقف على رأسها نظام لديه رغبة في تحقيق مصالح خاصة مثل الظهور أمام ماما أمريكا بالابن الذي لم ولن يكون له مثيل في "حماية حقوق الأقلية" او عنده أمل في تمرير ملف التوريث خاصة مع اقتراب موعد انتخابات الرئاسة، إذا فبلغة المصالح ستجد أن الحكومة معذورة حتى ولو أتت على حساب مشاعر وحقوق الأغلبية التى لا سند لها في الخارج يمكن أن يحقق أية مصالح للنظام. لكن المستغرب هو ان تأخذ جماعة الإخوان المسلمين نفس موقف النظام وهو التغافل عن القضية جملة وتفصيلا، فلا تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا. فلا ترى بيان واحد يوحد ربه أو حتى مجرد تظاهرة "صغنونة" للجماعة التي طالما صدعت رؤوسنا بالتظاهرات "عمال على بطال" تطالب بالكشف عن مصير الاخت المسلمة، ثم أين نواب الجماعة ال 88 الذين خاضوا الحروب لدخول البرلمان من هذه القضية. لكن هذه الغرابة تزول عندما تعرف السبب فكما يقولون إذا عرف السبب بطل العجب، فالجماعة لها هي أيضا مصالحها السياسية وطموحاتها المقعدية خاصة وأن الانتخابات البرلمانية على الأبواب فربما لا تريد ان تكدر صفو الأجواء تجاه الكنيسة لتبدو في مظهر "الاعتدال مع الآخر" وهي الصورة التي يمكن نقلها للخارج في سفرية من سفريات البابا الكثيرة لعل "ضغطة أمريكية واحدة بس" في هذه الانتخابات على قضية الحريات تأتي بمقعديين زيادة ولا حاجة . لكن هيهات هيهات أيها الاخوان فلن ترضى عنكم الكنيسة حتى تصبحوا "الإخوان النصارى" فالحلول الوسط وطريقة المداهنة لا ترضي هؤلاء القوم.. ولكم حق الاختيار إما أن ترضوا الكنيسة أو ترضوا ربكم.