جامعة كفر الشيخ تشارك في فعاليات معرض "أخبار اليوم"    رئيس الوزراء: "مصر لن تغفل حقها في مياه نهر النيل فهي مسألة حياة للمصريين"    ارتفاع أرصدة تمويل المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر إلى 84.8 مليار جنيه    أهم أخبار الكويت اليوم الأربعاء.. تعطيل العمل بالوزارات 4 سبتمبر بمناسبة المولد النبوي    تفاصيل توقيع بنك القاهرة وجهاز تنمية المشروعات عقدين ب 500 مليون جنيه لتمويل المشروعات متناهية الصغر.. صور    رئيس "الوطنية للصحافة": القضية الفلسطينية في مقدمة أولويات الدولة المصرية    وزير الخارجية يبحث مع نظيره الإيراني وجروسي العودة إلى مفاوضات البرنامج النووي    الجيش الإسرائيلي يقر خطوطه العريضة لاحتلال مدينة غزة (تفاصيل)    ريبيرو يفاجئ لاعبي الأهلي بتشكيل مباراة فاركو.. وشكوى من الشناوي بسبب الهجوم عليه    ننشر أسماء المصابين في حادث انقلاب سيارة ملاكي أعلى كوبري المستقبل بالإسماعيلية    «الداخلية» تضبط شخصين لارتكاب أحدهما فعلًا خادشًا للحياء ضد فتاة بالشرقية (فيديو)    هيثم مازن يحصد نجاحًا واسعًا بألبومه الجديد "مرت ليالي" على منصات التواصل الإجتماعي    «تنوع كبير في العروض».. تفاصيل وموعد انطلاق فعاليات «القاهرة لمسرح العرائس»    هذه الأبراج دائما مشغولة ولا تنجز شيئا ..هل أنت واحد منهم؟    ب 34 مليون جنيه.. روكي الغلابة يحقق إيرادات عالية خلال أسبوعين    ليلة استثنائية في حب فيروز وزياد رحباني علي أوتار ثنائي العود    المخططات الإسرائيلية للهجوم على غزة بين الموافقة والتمدد    كيفية تحسين جودة النوم والتخلص من الأرق    افتتاح وحدة العلاج الإشعاعي بمستشفى الأورام الجامعي في المنيا    تدمير الآبار والينابيع وتعطيش السكان جنوبي الضفة الغربية    مؤتمر الإفتاء يحذر: فتاوى الذكاء الاصطناعي تشوه الدين    "تراجع المستعمل لا يتوقف".. بيجو 301 موديل 2020 ب570 ألف جنيه    فضيحة اسمها الانتخابات    نور وغزل تحرزان ذهبية تتابع ببطولة العالم للخماسي الحديث تحت 15 سنة بالإسكندرية    «أتعرض لحملة تشويه».. الشناوي يوجه رسالة حادة ل مسؤول الأهلي (إعلامي يكشف)    القائمة بأعمال وزيرة البيئة تتابع آخر مستجدات العمل بمصرف المحيط بالمنيا    رئيس الوزراء ينعي الأديب المصري الكبير صنع الله إبراهيم    3 أيام من البحث.. انتشال جثة مندوب أدوية غرق بعد انقلاب سيارته في ترعة بسوهاج    "المتحدة" تطلق حملة توعية بمخاطر حوادث الطرق للحفاظ على الأرواح    فكك 6 شبكات تجسس.. قصة خداع «ثعلب المخابرات المصرية» سمير الإسكندراني للموساد الاسرائيلي    جامعة الجلالة توجه الشكر لأول مجلس أمناء بعد انتهاء بعد دورته    مجلس الوزراء يوافق على إعفاء سيارات ذوى الإعاقة من الضريبة الجمركية    رغم انخفاض الأمطار وسد النهضة.. خبير يزف بشرى بأن مياه السد العالي    مجلس الوزراء يستهل اجتماعه بدقيقة حدادا على روح الدكتور علي المصيلحي    رئيس الوزراء يوجه الوزراء المعنيين بتكثيف الجهود لتنفيذ الوثائق التي تم توقيعها بين مصر والأردن وترجمتها إلى خطط وبرامج على الأرض سعياً لتوطيد أطر التعاون بين البلدين    وزارة الرياضة: نسعى لمنظومة خالية من المنشطات.. ونراقب عقوبات الجماهير وعقود اللاعبين    بعد صرف 800 مليون إسترليني.. هل نشهد أقوى سباق على الإطلاق للفوز بلقب الدوري الإنجليزي؟    حقق إجمالي 141 مليون جنيه.. تراجع إيرادات فيلم المشروع X بعد 84 يومًا    "خايف عليك من جهنم".. مسن يوجه رسالة مؤثرة لشقيقه من أمام الكعبة (فيديو)    كيف نخرج الدنيا من قلوبنا؟.. علي جمعة يضع روشتة ربانية للنجاة والثبات على الحق    بشروط صارمة.. «الإدارة الروحية الإسلامية» بروسيا يُجيز استخدام حقن «البوتوكس»    أوقاف سوهاج تختتم فعاليات الأسبوع الثقافى بمسجد الحق    عارضة أزياء عن أسطورة ريال مدريد السابق: «لا يستحم».. ونجم كرة القدم: انتهازية (تفاصيل)    المصري يختتم تدريباته لملاقاة طلائع الجيش في الدوري    تخفيف الزحام وتوفير الأدوية.. تفاصيل اجتماع رئيس "التأمين الصحي" مع مديري الفروع    محافظ المنوفية يفاجئ مكتب صحة الباجور ويحيل عاملا للتحقيق- صور    "قيد الإعداد".. الخارجية الأمريكية تقترب من تصنيف الاخوان منظمة إرهابية    رئيس منطقة سوهاج الأزهرية يتفقد اختبارات الدارسين الخاتمين برواق القرآن    المشاط: العلاقات المصرية الأردنية تحظى بدعم مباشر من قيادتي البلدين لتحقيق التكامل الاقتصادي    وزير التعليم يكرم الطلاب أوائل مدارس النيل المصرية الدولية    وزير الخارجية يبحث مع نظيره السعودي تطورات الأوضاع في غزة    الصحة: حريق محدود دون إصابات بمستشفى حلوان العام    قافلة المساعدات المصرية ال 14 تنطلق إلى قطاع غزة    غدًا آخر فرصة لحجز شقق الإسكان الأخضر 2025 ضمن الطرح الثاني ل«سكن لكل المصريين 7» (تفاصيل)    البيضاء تواصل التراجع، أسعار الدواجن اليوم الأربعاء 13-8-2028 بالفيوم    مواعيد مباريات اليوم.. قمة باريس سان جيرمان ضد توتنهام بالسوبر الأوروبي    كسر خط صرف صحي أثناء أعمال إنشاء مترو الإسكندرية | صور    الحماية المدنية تنقذ أهالي عقار قديم بعد سقوط أجزاء منه بالجمرك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مع الحركة الإسلامية.. خواطر باحث قبطي (6)
نشر في المصريون يوم 08 - 09 - 2010

أن تكون قريبا من جماعة الإخوان المسلمين بعد أن كنت جزءا من حزب الوسط فتلك مشكلة، لأنك تحركت بين فصائل بينها اختلافات، وأحيانا ما هو أكثر من الاختلاف. ولكن الحقيقة أن موقف الباحث لم يتغير من جماعة الإخوان المسلمين، بل أن اشتراكه في حزب الوسط كان بسبب معرفته بجماعة الإخوان المسلمين، حيث كان مؤسسوه من أعضاء الجماعة. والمسألة ليست فيها انتقال، فالباحث يمارس تجربة البحث التفاعلي في ضوء ما هو متاح وممكن، ومعرفة الباحث بجماعة الإخوان المسلمين، وحواره مع بعض أعضائها تمتد لسنوات قبل تجربة الوسط واستمرت بعده، وبداية الحوار المتواصل مع جماعة الإخوان المسلمين، بدأت بعد انسحابه من الوسط بسنوات.
لكن تفسيرات السياسة، تعقد موقف الباحث، وتضيق عليه اختياراته، وهذا لا يعني أن تفسيرات السياسة خطأ. فقد يؤدي موقف الباحث أحيانا إلى تأثير سياسي لا يقصده، وقد يرى البعض أن بعض التصورات والتحليلات التي تصدر من الباحث، يمكن أن توظف سياسيا أحيانا. كل هذا من توابع الاقتراب من المجال السياسي، ولكن تجربة البحث التفاعلي المحاور مهمة، وهي في حالة الباحث المهتم بالحركة الإسلامية مهمة أكثر، وبالنسبة للقبطي تصبح أكثر أهمية، لأنه يحتاج للتفاعل المباشر مع رموز وقيادات الحركة الإسلامية، ويعرفهم بصورة مباشرة.
لذا استمر الباحث يرى ضرورة الاستمرار في تجربة البحث التفاعلي، وضرورة التوصل إلى التصورات الشارحة والمفسرة للحركة الإسلامية والمشروع الإسلامي. فالفكرة الإسلامية ومشروعها، تمثل تعبيرا عن الموروث التاريخي، وبالتالي فهي تمثل المحور الرئيس المشكل للماضي، والذي سوف يشكل الحاضر والمستقبل. ولأن الحضارة الإسلامية هي المرجعية التاريخية للدول العربية والإسلامية، لذا فهي الإطار المرجعي لكل المكونات المشكلة للأمة، وهي المرجعية الغالبة، والتي يجب أن نحقق من خلالها وحدة أوطان الأمة، ووحدة كل وطن منها.
والباحث عندما يقترب من جماعة الإخوان المسلمين، ويصبح محاورا ومتفاعلا معها، لا يقوم بدور السياسي الذي يحمل منهجا سياسيا ويريد أن يعرضه على الجماعة. فالباحث وظيفته الفهم والتفسير والتحليل، وليس من وظيفته إصدار الأحكام السياسة. لأن كل ناشط سياسي أو حركي تكون له رؤيته الحركية التي يرى أنها أفضل من الرؤى الأخرى. ولكن الباحث يرصد الرؤى الحركية، ويرى تأثيراتها على الواقع ويحللها، ويحاول أن يعرف مآلها المستقبلي. وتظل تلك الحقيقة غائبة عن البعض، فالباحث عندما يرصد الواقع لا يصنعه، فهو ليس من صناع الواقع، أما الحركي فهو من صناع الواقع. وهنا اختلاف كبير، بين من يحاول فهم الواقع، ومن يشارك في صنع الواقع.
وعندما يتناول الباحث جماعة الإخوان المسلمين بالبحث والتحليل، يرصد واقعها وموقفها السياسي والاجتماعي، ويرصد رؤيتها ورسالتها، وأيضا منهجها الحركي. لذا فالرصد يكون للواقع القائم، ثم يقاس هذا الواقع على ما حددته الجماعة لنفسها من منهج، ويقاس على الواقع المحيط بها، ويتم رصد تأثيراته الاجتماعية والسياسية. وهذا الرصد والتحليل، ليس تأييدا ولا معارضة، وليس قبولا ولا رفضا. فالباحث يكون معنيا بشرح الواقعة وتفسيرها، وليس بتحديد موقف شخصي منها. فالباحث يختار المرجعية التي يستند عليها، وهي كما أوضحت مرجعية المجتمع الذي ينتمي له، والتي تمثل هويته وقيمه، من ثم يصبح منحازا لتلك المرجعية، أما عدا ذلك من الظواهر التي يتناولها، فهو لا يحكم عليها حكما سياسيا أو ذاتيا، ولا يحكم عليها من خبرته، خاصة وأن خبرته ليست خبرة الممارس الحركي.
وتظهر هنا مشكلة تتعلق بكيفية قراءة ما يتوصل له الباحث من تحليلات وتفسيرات، فقد يرى فيها البعض مدحا أو تأييدا، وهي ليست كذلك، بل هي رصدا للواقع. فرصد ما تعتمده جماعة الإخوان من أساليب ومواقف وعرضه، يمثل ما توصل له الباحث من مشاهدات، ولكنه ليس تأييدا لأسلوب معين تتبعه الجماعة في مواجهة أساليب أخرى، قد تكون مطروحة. وقد يرى البعض أن من مهمة الباحث، تحديد أنسب الوسائل التي يمكن للحركة أن تحقق بها أهدافها، وهذا أمر يسهل على الممارس الحركي أكثر من الباحث. فالباحث إذا أراد التفضيل بين أكثر من خيار حركي لجماعة الإخوان المسلمين، سيكون عليه تحديد تلك الخيارات، وحساب تأثير كل خيار منها، وحساب نتائج كل خيار، ورسم صورة للتوقعات المستقبلية بحسابات دقيقة، حتى يقول في النهاية إن اختيار الجماعة لخيار ما سوف يمكنها من تحقيق أهدافها أكثر من الخيارات الأخرى، حتى تكون خلاصته علمية. وهي عملية بحثية وحسابية معقدة، قد يتمكن الباحث من حسابها في بعض الحالات، ويصعب عليه حسابها في حالات أخرى. لأن الحسابات العلمية للتوقعات المستقبلية، من أصعب المحاولات العلمية.
وتتعقد المشكلة أكثر، إذا عبر الباحث عن تصوره في قضايا تطرح فيها رؤى مختلفة من داخل جماعة الإخوان المسلمين. خاصة وأن كل تحليل أو تصور يعرض لصورة الواقع، يحمل ضمنا تصويرا وتحليلا له، مما يمكن أن يكون له ردود فعل، تتعلق ببعض القضايا الداخلية المثارة. والمشاهدة البحثية تتوجه للواقع القائم لفهمه، ولكن هذا الواقع ليس حالة صامتة، بل حالة متفاعلة، بها بعض الجدل أو النقاش، ومن هنا قد يرى البعض أن تصورات الباحث قد تؤثر على الجدل الداخلي، والذي قد يكون متابعا له أو لبعضه. ولكن المشكلة أن الحركي يتصور أحيانا أن كل فعل أو فكرة تطرح لها علاقة بقضية مثارة، يجب أن تكون جزءا من حالة التفاعل أو المواجهة، ويفترض أنها جزء من الفعل المواجه له. فالحركي يحاول الانتصار لفكرته غالبا وليس أحيانا، ويرى أن كل فكرة أخرى تختلف عن فكرته، قد تكون خصما من فكرته، لذا يميل أحيانا الحركي للاشتباك مع التصورات، وكأنها أفعال سياسية أو حركية على الأرض، رغم أنها قد تكون تصورات باحث.
وهنا تبرز قضية مهمة في الفرق بين التفضيل بين المناهج كموقف يأخذه الحركي في حياته وخياراته، وبين التحليل والتقييم للمناهج والخطوات والخطط، في تصور الباحث. فالباحث المتابع لجماعة الإخوان المسلمين، يحاول معرفة منهجها، ثم يحدد تصورها عن الخطوات المستقبلية، مما يساهم في فهم اختيارات الجماعة الممكنة في المستقبل. وكل تصورات الباحث ترتبط أساسا بمعيار منهج الجماعة المعتمد ورسالتها المختارة، بحيث يستطيع معرفة اختيارات الجماعة الحركية في ضوء خيارات الحركة. ومعنى هذا، أن الجماعة إذا غيرت من بعض اختياراتها، وتبنت اختيارات أخرى، سيكون من الضروري تحليل موقفها على معيار اختيارها الجديد. ويمكن للباحث بالطبع وضع تصوراته عن خيارات الجماعة المستقبلية المتوقعة، وعن المواقف التي سوف تتبناها في المستقبل.
وكل هذا يعمق تصورات الباحث، بما يتيح له في النهاية طرح رؤية إستراتيجية تشرح الأوضاع الراهنة، وتطرح سيناريوهات المستقبل، وتقيس التوقعات وتختبر الخيارات. ولكنه بهذا لن يكون مثل الحركي الذي يتبنى منهجا معينا وينحاز له، بل سيكون مثل القياس الذي يختبر الرؤى والتصورات المنهجية المطروحة.
وكاتب السطور يرى من خلال ملاحظاته ودراسته، أن جماعة الإخوان المسلمين تمثل حركة محورية في التيار الإسلامي، وأنها رافعة رئيسة لمشروع النهوض الحضاري الإسلامي، وتلك خلاصة للبحث والدراسة، وهي بهذا واقع يراه الباحث، وليست موقفا عاطفيا. ويظل ما يكتبه الباحث عن جماعة الإخوان المسلمين، يستهدف الفهم والرؤية الواضحة، والتي تطرح على القارئ واقع الجماعة، أما المدح والذم، فهي من لوازم الحركي والممارس السياسي، والذي ينحاز لجماعة أو لاختيار، ويمارس دوره بناءا على هذا الانحياز.
ولكن الباحث القبطي المتفاعل مع الحركة الإسلامية، لا يمكنه رصد الحركة الإسلامية، دون رصد لأسس المشروع الحضاري الإسلامي، فيجد نفسه يحلل الرؤى الحضارية الإسلامية المختلفة، فيقع بين المختلفين حول الرؤى والأفكار، ويصبح كمن يدخل طرفا بين المتهمين بالجمود والمتهمين بالمهادنة، وتلك مشكلة أخرى.
وإلى المقال القادم..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.