فجأة وبدون أي مقدمات خرج علينا حزب الوسط - تحت التأسيس - بأزمة مع جماعة الاخوان المسلمين اتهم فيها مرشد الاخوان با هانة قيادات الحزب وادعاء أن الجماعة وراء فكرة الحزب من الأساس بما رأوه أنه محاولة من الاخوان لقتل المشروع الوليد للحزب الذي تبني رؤي اسلامية مختلفة عن الاخوان كما يزعم مؤسسوه .. وتصاعدت حدة الاتهامات لتصل للفضائيات وتفرض علينا مناقشة الأزمة القائمة برؤية محايدة لندرك لماذا أثير هذا الموضوع في هذا التوقيت بالذات خاصة بعد الصعود الكبير للاخوان في البرلمان ، ثمة أراء متغايرة يراها المراقبون لهذه الأزمة .. أصحاب نظرية المؤامرة يرون أن أصابع النظام ليست بعيدة عن الموضوع حيث يرون أنها فرصة للنظام للهجوم والطعن وتشويه صورة الاخوان علي يد بعض أعضاء الجماعة السابقين المنشقين عنها ويرون أن هذا الهجوم سيكون أكثر فعالية وتأثيرا بعد فشل أجهزة الاعلام الحكومية في تشويه صورة الاخوان عند الشعب المصري طوال فترة الانتخابات وما أعقبها بل جاء الهجوم بنتائج ايجابية علي الاخوان، وعلي الجانب الأخر يري البعض أنها أزمة مفتعلة من مؤسسي حزب الوسط بغرض الدعاية للحزب والتودد للنظام بالتجريح المباشر في الاخوان طمعا في استرضاء النظام لمنح الحزب رخصة العمل الشرعي مع اللعب بورقة أهمية وجود منافس يمثل التيار الاسلامي بعيدا عن الاخوان الذين يحتكرون التحدث باسم التيار الاسلامي المعتدل ويراهن أصحاب حزب الوسط علي قدرتهم علي سحب البساط من تحت الاخوان والوصول للشعب برؤية اسلامية جديدة ربما تكون ملائمة للنظام أكثر .. بينما يري فريق أصحاب النوايا الحسنة أن الأزمة ليست مفتعلة من الوسط بل هي قلق حقيقي من الوسط من الربط بينه وبين الاخوان مما قد يحول بين ترخيص النظام للحزب ولذلك قامت قيادات الحزب بهذا التصعيد محاولة منها لتأكيد ابراء الذمة من العلاقة بالاخوان لتهدئة هواجس النظام تجاه الحزب خاصة بعد صدور تقرير هيئة مفوضي الدولة بالموافقة علي الحزب مما أنعش الأمل في قلوب مؤسسيه .. وبعيدا عن هذه التكهنات فان هناك حقائق ثابتة لا يمكن تجاهلها ، الحقيقة الأولي أن الجميع بما فيهم النظام يدرك فعلا أن الوسط كان مشروع حزب تبناه الاخوان بعد بداية المحاكمات العسكرية لرموزهم وانتهي الأمر بانشقاق بعض الافراد من مجموعة الحزب واخرون بعد رفضهم طاعة الجماعة بالتوقف بعد رفض الحزب من الحكومة ، ونجحت الجماعة في احتواء الموقف رغم تداعيات المشكلة التي امتدت لبعض المحافظات وأثرت بشكل واضح علي أداء الجماعة في هذه الفترة .. الحقيقة الثانية أن الحكومة لا زالت تحمل الشك والريبة تجاه أي منتمي للتيار الاسلامي بكل فصائله ولوكان منشقا عن الاخوان ومعلنا لخصومتهم دون مواربة ومهما طعن في الاخوان واتهمهم،ففي وجهة نظر النظام أنه لا يأمن أن يعود هؤلاء لأصولهم الأولي وينقلبوا علي النظام ،، الحقيقة الثالثة التي يحاول الوسط أن يتخطاها هي رهانه الصعب علي قبول الشعب المصري له كممثل للتيار الاسلامي السياسي المعتدل بديلا عن الاخوان وهذا مخالف للواقع والتجارب التاريخية التي تثبت عكس ذلك ، حيث أن للاخوان قدرة غير عادية علي احتواء وتحجيم أي شخص أو مجموعة - مهما كانت رمزيته - يخرج علي قواعد النظام والشوري داخل الجماعة وأقرب مثال صارخ لذلك هو سقوط رمز اخواني رشح نفسه مخالفا لارادة الجماعة في دائرة ( النزهة والمرج ) شرق القاهرة رغم أنه رفع شعار الاسلام هو الحل أيضا وكتب علي دعايته أنه مرشح من الاخوان عن الفئات لم يجدي ذلك شيئا والاكثر عجبا من ذلك هو نجاح المرشح الاخواني العمال في نفس الدائرة باكتساح ، مما يشير الي امتلاك الاخوان لأدوات تأثير علي الرأي العام الداخلي للجماعة والخارجي للشارع المصري بشكل ينم عن دقة واستحكام التنظيم والتزامه لدرجة مذهلة يحسد عليها الاخوان .... وفي النهاية تبقي اجابة السؤال المطروح لماذا الأن ؟ في ملعب النظام الذي سيحدد موقفه من حزب الوسط اجابة لكل الاسئلة المطروحة .... د / مصطفي النجار باحث سياسي