علي الشاطئ الصخري للواقع تلاحقك الأوامر: مطلوب منك العمل الجاد, مطلوب الحضور باكرا, مطلوب أداء الواجبات الاجتماعية, عندما ترهقك المسئوليات,تهفو عينيك إلي الشاطئ البعيد الآخر , شاطئ الحلم والخيال تسمع همسات اطلب وتمني شبيك لبيك طلباتك أوامر ستنفذ فورا ,الشاطئ الآخر أضواءه خافتة ولذلك لا تتبين مصدر الصوت هل ينبعث من المصباح العجيب أم هي العجوز الطيبة؟ وبالرغم من أنه عرض باذخ الكرم إلا أنه محير ماذا أطلب و أتمني ؟ المال والقوة والحب ليس لها معني ولا طعم إذا وهبت لك وسقطت علي رأسك , إذن أتمني أن أمتلك الأدوات التي تحقق لي النجاح و التميز في الحياة والحصول علي ثمار هذا النجاح بحيث أشعر بمتعة الحصاد وجدارة امتلاك الجائزة . يبشرك العلماء أن ذلك أصبح ممكنا وذلك عن طريق سحر العلم عن طريق( البرمجة اللغوية العصبية ), وقد انتشرت هذه البرمجة في العالم كله , واعتمدتها الشركات والمؤسسات التعليمية, و أضحت تطبيقاتها تمتد إلي أنشطة تطوير مهارات الأداء وتحديد الأهداف و إدارة الوقت والتخطيط الاستراتيجي والإبداع . الفكرة الرئيسية أن مخ الإنسان يشبه جهاز الكمبيوتر وكل مولود يولد علي الفطرة مثل أي جهاز جديد ثم يتم تحميل برامج ومعلومات عليه , وهكذا الإنسان ما يلبث بعد فترة من تعامله مع محيطه أن يكتسب شخصيته التي تميزه عن سواه , تستند( البرمجة اللغوية العصبية ) إلي عدة قواعد : أولها أن خارطة معتقداتنا ومعلوماتنا المكتسبة من بيئتنا بكل ما تحتويه من صواب وخطأ هي المحدد الرئيسي لسلوكنا و تفكيرنا ومشاعرنا و إنجازاتنا وحيث أن لكل إنسان خارطته الخاصة به فإنه يري العالم ويتصوره من خلال هذه الخارطة حصرا ,وبالتالي عن طريق تغيير محتوي هذه الخارطة الذهنية يمكن تعديل رؤية الإنسان للعالم . كذلك فإن الاتصال بين الناس يتم علي مستويين العقل الواعي واللاواعي ويمكن التأثير في أحدهما لتغيير الآخر وتوجيهه كما نريد , وعن طريق إرساء مبادئ احترام الآخر وتغيير الوجهه غير المناسبة , وتحسين التخاطب والتعامل مع الآخرين , يمكن تطوير الأداء البشري . وأخيرا أن هناك خمسة أركان للنجاح والتفوق وهي تحديد الهدف بوضوح والإيمان بتحقيقه وجمع المعلومات حوله وقوة الملاحظة والمرونة والبدء بالعمل فورا وبلا تأجيل .. وتعرف البرمجة اللغوية العصبية بأنها طريقة منظمة لمعرفة تركيب النفس الإنسانية والتعامل معها بوسائل و أساليب جديدة بحيث يمكن التأثير وبشكل حاسم وسريع في عملية الإدراك والتصور و الأفكار والشعور , وبالتالي في السلوك و المهارات والأداء الإنساني الجسدي والفكري والنفسي . خلاصة الأمر أن الإرادة الإنسانية تصنع المعجزات وكم من أناس حولوا فشلهم نجاحا وخسارتهم مكسبا بالإصرار وتغيير الوجهه وإعادة برمجة العقل , كل ما يفعله العلماء هو مساعدة الناس وتحفيزهم علي تعديل مسارهم في الحياة . إذن لا حاجة لنا في استدعاء أدوات سحرية من شاطئ الأساطير , فالعصا السحرية في متناول يدك ورهن إشارتك إنها الإرادة وتغيير الشرائط المحفوظة في المخ , ورؤية الحياة من زاوية جديدة علي أساس أنه إذا كان أسلوب إدارتي لحياتي يفشل غالبا فلماذا لا أغيره وأجرب أسلوبا أفضل يتلافي العيوب وجوانب القصور التي أدركتها بنفسي أو لفت من أثق بهم نظري إليها ؟ يقول الله تعالي في كتابه الكريم ( إن الله لايغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم )الآيه 11 من سورة الرعد يقرر الله عز وجل أن تغيير الواقع يتم عن طريق تغيير الإنسان لنفسه أو تحديدا لما في نفسه ,وأقرب مثال حديث لذلك هو الكمبيوتر إذا كان لا يعجبك مايحتويه من برامج أو معلومات يمكنك تغييرها , استبعد وتخلص من الأشياء غير المرغوب فيها وحمل برامج أحدث وأكثر فائدة و أعظم فعالية , فالعيب ليس في الجهاز ولكن فيما امتلأت به خزائنه , كذلك فإن المادة المحفوظة مهما كانت جودتها تحتاج للتحديث والتطوير المستمر سعيا وراء الأفضل وعلي نفس المنوال مهما كانت معلوماتي جيدة واتجاهاتي صائبة فإنها بعد فترة تصبح عتيقة و لو لم أضف عليها وأنقحها وأطعمها بالجديد ستشيخ وتبلي ويتجاوزها الزمن ويصبح أدائي متخلفا لا يحتاجه أحد لأن الناس تتطلع للأحدث دائما , ومما يثير العجب أن يظل خريج الجامعة يقف متصلبا عند نفس درجة السلم المعرفي التي وصل إليها عند تخرجه منذ عشرين عاما ويشكو من أنه لا يأخذ الفرص الجديرة به في مجالات الحياة والعمل دون أن يدرك أن الناس سبقته وتجاوزته وأنه لم يفعل شيئا إلا الشكوي والتطلع الحسير لغيره ,ومهما كان أسلوبي ناجحا وأحقق أهدافي فلابد من تطوير نفسي وتحديث أدواتي والبحث عن موقع متقدم دائما لأن سنة الحياة هي التطور والتجدد والسير قدما إلي الأمام وفي اتجاه النور . [email protected]