عادت أمس ظاهرة طوابير الخبر أمام المخابز المدعومة في معظم المحافظات، وقبل يوم من حلول شهر رمضان، فيما ينذر بتكرار أزمة العام الماضي، والتي يتوقع أن تظهر آثارها بشكل خاص في المدن الساحلية والإسكندرية، نظرًا لبدء مديريات التموين بتلك المحافظات خصم حصة الدقيق التي تسمى "حصة المصيف"، وتعادل نحو ربع الحصة الأصلية لكل مخبز. يأتي ذلك بعدما أعلنت روسيا تعليق صادرات القمح المتعاقد عليها مع الهيئة العامة للسلع التموينية المصرية، بسبب نقص الإنتاج الروسي نتيجة تغيرات المناخ، في الوقت الذي تواجه فيه مصر نقصًا من المخزون الاستراتيجي من القمح في شون الهيئة العامة للسلع التموينية لأقل من شهرين، رغم تأكيدات المهندس رشيد محمد رشيد وزير الصناعة والتجارة بأن المخزون يكفى لمدة 4 أشهر. وعلمت "المصريون"، أن مديريات التموين بالمحافظات تلقت تعليمات أمس الثلاثاء تقضي بالخصم من حصص المخابز التي يثبت ارتكابها أي مخالفات، سواء فيما يتعلق بجودة ووزن الرغيف، أو في بيع جزء من الحصص المخصصة لها، في محاولة لاحتواء تداعيات الأزمة، خاصة مع قدوم شهر رمضان. من جانبه، أعلن الدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء أمس في الإسكندرية أنه لا زيادة في سعر رغيف الخبز المدعم، مؤكدا أن الاحتياطي الإستراتيجي لمصر من القمح يكفى شهورا مقبلة. وقتا نظيف إنه في حال حدوث زيادة في أسعار تعاقدات شراء القمح فإن الدولة ستتحمل هذا الفرق في السعر ولن يتم تحميل المواطن أية زيادة، ودعا إلى عدم التكالب على شراء الدقيق أو الخبز بصورة غير طبيعية مؤكدا "أنها أزمة عالمية وستمر". وذكر نظيف أن روسيا أخذت قرارا بمنع تصدير القمح نظرا لظروف طبيعية تمر بها وأثرت على إنتاجها من القمح بنسبة 30 %، ولم تفتعل الأزمة. وأوضح أن مصر حريصة على تنويع مصادر استيراد القمح حيث تم التعاقد بالفعل مع فرنسا لشراء 240 ألف طن من القمح كما تقوم الحكومة حاليا بإعادة جدولة التعاقدات مع روسيا لافتا إلى وجود تفاهم من الجانب الروسي في هذا الشأن. جاء ذلك في تصريحات على هامش حفل تدشين الوحدتين النهريتين الجديدتين بميناء الإسكندرية بحضور وزراء النقل المهندس علاء فهمي والتنمية المحلية اللواء عبد السلام المحجوب والموارد المائية والري المهندس أمين أباظة والتضامن الاجتماعي على المصيلحي ومحافظ الإسكندرية اللواء عادل لبيب. وتابع نظيف أن الصوامع المصرية استلمت نحو 2.1 مليون طن وأن إنتاج مصر من القمح يزيد على 6 ملايين طن ويقدر الاستهلاك بضعف هذا الرقم، وأشار إلى أن الدولة لا تدخر جهدا لزيادة إنتاجية القمح في مصر بهدف تحقيق نسبة أكبر من الاكتفاء الذاتي في المرحلة المقبل . تأتى تصريحات نظيف في الوقت الذي ارتفع فيه طن الدقيق الفاخر في الأسواق المصرية إلى نحو 3 آلاف جنيه، بسبب المخاوف من نقص المعروض في السوق مع قدوم شهر رمضان المبارك، وتتوقع مصادر الغرف التجارية أن تتضاعف أسعار الكنافة، والقطايف، والكعك هدا العام نظرا لارتفاع أسعار الدقيق. وأعلن رشيد محمد رشيد، وزير التجارة والصناعة أمس أن نائب رئيس الوزراء الروسي طمأنه خلال مكالمة هاتفية أمس الأول – الاثنين - على أن حكومته ستأخذ بعين الاعتبار الطلب، الذي تقدمت به مصر لإعادة جدولة تعاقدات القمح، التي تمت بين الهيئة العامة للسلع التموينية والشركات الروسية قبل قرار الحظر الذي فرضته موسكو مؤخرا على صادراتها. وبالرغم من وعد المسئول الروسي لرشيد بأن مصر ستكون لها أولوية، بحكم العلاقات القوية التي تربط البلدين، إلا أنه قال إن حكومته لن تتمكن من إعطاء رد نهائي على المطلب المصري قبل أكتوبر 2010، عندما تقوم روسيا بإصدار التقديرات النهائية لمخزونها. وأضاف رشيد "لقد أكدت للمسئول الروسي أننا مقدرون ظروفهم، ولا توجد لدينا أي مشكلة في المواعيد، فنحن لدينا ما يكفينا لمدة خمسة أشهر مقبلة"! . وجاءت مكالمة المسئول الروسي ردا على خطاب أرسلته الحكومة المصرية لنظيرتها الروسية تطالبها فيه بإعادة جدولة تعاقداتها معها، بعدما أعلنت روسيا عن حظر صادراتها من القمح بدءا من 15 أغسطس إلى نهاية ديسمبر 2010، بعد أن أصابت البلاد موجة جفاف أثرت على إنتاجها من هذا المحصول الاستراتيجي. ووفقا لما أعلنته الهيئة العامة للسلع التموينية فإنها قد تلقت أمس الأول من خلال المناقصة، التي طرحتها 17 عرضا بكمية إجمالية تصل إلى نحو مليون طن لتوريد أقماح فرنسية وأمريكية وكندية، وقامت بالتعاقد على شراء 240 ألف طن قمح فرنسي.