خرقت أذني وأذان كثير من الناس هذه الكلمة وهي:" الشعب المصري متدين بفطرته"،فكل إنسان يقولها بحق وبغير حق،بل الذين يعيبون على غيرهم أنهم يتاجرون بالدين يتاجرون بهذه الكلمة كثيرا... نعم لقد حقق أجدادنا والذين سبقونا – وطائفة من الذين ساروا على النهج النبوي الصحيح- أعلى درجة التدين القولي والعملي ،وذلك لأن فطرة التدين كانت حقيقية في حياتهم وكان مخبرهم ومظهرهم شيئا واحدا،فقد سبقت أخلاقهم الزمان والمكان وانتشرت المودة والمحبة بينهم،فلم يقسموا أنفسهم،ولم يقل أحدهم أنتم شعب وإحنا شعب،ولكم رب ولنا رب ،لم تخرج منهم هذه الكلمات التي أطلب من قائلها- وغيره- التوبة إلى الله والتفكر في هذا الكلام الذي يعاقب عليه شرعا في الدنيا قبل عقوبة الآخرة.. كما أن أجدادنا ومن سبقونا لم يجعلوا تدينا للدنيا،وتدينا للآخرة،بل كانت الدنيا والآخرة لله:" رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً"(البقرة:201). نعم شعبنا منه من يعشق الدين،ومازال حب العلماء وتوقير العلماء في دمه،ومنه-للآسف- يتاجر بهذه الكلمة(الشعب متدين بالفطرة)،وهو لا يؤدي شعائر الدين التي هي حجر الأساس في البناء الإسلامي وليس كل الإسلام،بل يزعم التدين وهو يظلم ويفسد،ويسفك الدم،ويسمع الكذب ويصدقه،ويروج الشائعات ويحرض على قتل الأبرياء...بل إن الذين يعتمدون على التدين بالفطرة فقط يحاربون من أجل أن يجعلوا الدين طقوسا روحية لا ارتباط لها بواقع الحياة،وهذا يخالف فطرة الله التي فطر الناس عليها حيث جعل الحياة كلها لله :" قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ"(الأنعام:162).فقد ذكر الله الحياة بجوار الصلاة كنموذج لارتباط الدين بحياة الناس،فإن التدين الحق الذي يظهر أثره على المعاملات مع الناس،؛وذلك لأن علاقة العبد بربه هي علاقة تحتاج إلى ترجمة قولية وعملية في حياة الناس. إن أصحاب التدين الفطري يحاولون قصر الدين على الجانب التعبدي – بل وعلى أركان الإسلام الخمسة فقط،كما سمعت ذلك بنفسي- ولا يريدون أن يفهموا المعنى الحقيقي للعبادة،ويريدون أن يجعلوا أنفسهم نخبة أيضا في تفسير الدين للناس واصفين غيرهم بالجهل والمتاجرة بالدين وهم بفعلهم هذا ،وفهمهم الخاطئ للدين هم الذين يتاجرون بالدين. الذي يتاجر بالدين هو الذي يصف كل من يخالفه أنه إرهابي،وأنا أريد أن أعرف تعريفا محددا للإرهاب عند هؤلاء لأن هذه الكلمة كغيرها من المصطلحات المطاطة التي تطلق من وقت إلى آخر ،وإذا لم تحدد وتقنن ويعرف العالم كله معناها الحقيقي فسوف تحدث انتهاكات كبيرة جدا – كالذي يحدث الآن- تحت مسمى محاربة الإرهاب،فأمريكا غزت بلادا كثيرة ودمرت فيها وسعت فسادا عظيما تحت مسمى محاربة الإرهاب، واليهود والأمريكان يصفون المسلمين بالإرهاب،وذلك بسبب تمسكهم بدينهم،فهل سنستورد هذا الفهم من أعداء الدين ونسقطه على الواقع ونحارب كل من يتمسك بالدين ونصفه بنفس الأوصاف الذي يحاول الأعداء أن يشعها في عالم الناس ضد الإسلام والمسلمين...أفيقوا أيها الناس ولا تتاجروا بدين الله من أجل تحقيق مصالح دنيئة وخسيسة وزائلة.