نستغرب إلحاح بعض الساسة العراقيين حول مسألة خروج العراق من بنود «الفصل السابع» من ميثاق الأممالمتحدة الذي وقع فيه اثر الغزو العراقي عام 1990، وتحميلهم الكويت المسؤولية وكأنها من يحول بين العراق وبين الازدهار والتطور، في حين ان العراق يعيش من دون حكومة دستورية منذ بداية هذه السنة، ويواجهه معضلات اقتصادية وادارية وامنية هائلة لم ينجح في حل أي منها مما لا يفترض معه ان تأخذ قضية «الفصل السابع» الاولوية. وكان هذا الموضوع محور نقاش في القناة الاخبارية الفرنسية (24) مساء الخميس الماضي كنت ضيفا فيه الى جانب ضيوف من العراق وباريس، وقد لاحظت ان الجانب العراقي في النقاش لا يفتأ يتحدث عن ان الاممالمتحدة «اعطت أراضي عراقية للكويت» بقرارها ترسيم الحدود عام 1993، وقلت لهم: كيف تريدون منا ان نتنازل عن حقوقنا ضمن القرارات الدولية وانتم لا تقرون حتى بمسألة الحدود؟ واستطيع ان ألخص وجهة نظري التي طرحتها في البرنامج فيما يلي: -1 نتمنى لاخواننا في العراق كل النجاح والتوفيق في اقامة نظام حكم مستقر وحكيم يقوم بتطوير العراق ويجلب له الرفاهية والخير، ولكن الواقع يشير الى ان العراق لايزال تحت خطر الوقوع في حالة «الدولة الفاشلة» بسبب الانقسام الفئوي والطائفي وبسبب فشل الاحزاب الحاكمة، وربما تسير الامور الى المجهول بعد الانسحاب الامريكي منه خصوصا مع التغلغل الايراني الكبير هناك، ولهذا فان الكويت بحاجة الى الاحتفاظ بكل اوراقها تجاه العراق وعدم التفريط بها الى ان نصل الى مرحلة من العلاقات اكثر موثوقية وصلابة. -2 للكويت حقوق واضحة قررتها القرارات الدولية ذات الصلة بالبلدين، هذه الحقوق كان يمكن للعراق ان يؤديها منذ سنوات لكن بعض الساسة العراقيين تعودوا التعامل مع الكويت بالاستخفاف والتجاهل، فمثلا مسألة الحدود تم حسمها عام 1993 بتوقيع العراق على القرار الدولي بهذا الخصوص، لكن كل شهر او شهرين يخرج علينا مسؤول في الحكومة العراقية يرفض الحدود الحالية ويدعو الى اعادة الترسيم مثلما فعل سفير العراق لدى الجامعة العربية قبل اسبوعين. -3 لا معنى لزعم بعض المسؤولين العراقيين ان الشعب العراقي غير معني بقرارات دولية اتخذت في ظل النظام السابق، فالقرارات صدرت عن مرجعية دولية ملزمة وعراق ما بعد 2003 اعترف بها رسميا وصارت واجبة التنفيذ، والمانيا عاشت لعقود من الزمن بعد سقوط الحكم النازي تخضع لقيود سياسية وامنية كثيرة الى ان ادت التزاماتها كاملة تجاه دول الجوار. -4 الكويت لعبت دورا محوريا في تخليص الشعب العراقي من دكتاتورية صدام حسين وتحملت مخاطر عسكرية وسياسية وامنية واعباء مالية كبيرة ولا يليق بساسة العراق خصوصا من كانوا ضحايا للدكتاتور اتهامها بأنها تستعدي الشعب العراقي وتضيق عليه. -5 العراق هدد باحتلال الكويت عام 1938 ايام الملك غازي ثم هدد مرة اخرى عام 1961 في ظل نظام عبدالكريم قاسم، ثم غزا واحتل الكويت فعلا عام 1990، وما زلنا نسمع من بعض الساسة والاحزاب في العراق مواقف عدائية ضد الكويت، وصار من حق الكويت ان تحتفظ بكل الاوراق السياسية الممكنة في علاقاتها مع العراق ولا تفرط بها بما في ذلك القرارات الدولية والتعويضات والمطالب باستعادة الممتلكات المسروقة والتعرف على مصير المفقودين الكويتيين الذي لايزال غامضا لأكثر من 400 منهم. -6 الفساد في نظام ما بعد 2003 يذهب بأكثر من نصف عائدات العراق من النفط، وهناك من يقدر ان ما ضاع في الفساد خلال السنوات السبع الماضية يعادل عشرة اضعاف مطالبات الكويت من التعويضات فكيف تريدوننا ان نتنازل عن حقوقنا المالية الكويتية بينما العراق ينهبه ساسته صباح مساء. -7 رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي المنتهية ولايته ويرفض ترك الكرسي حتى الان يتقاضى مرتبا قدره مليوني دولار شهريا وهو ما يعادل 40 ضعف راتب الرئيس اوباما و50 ضعف راتب الرئيس الفرنسي ساركوزي!! والوزراء والنواب العراقيون يتقاضون اعلى من رواتب نظرائهم في اغنى دول العالم، فساسة العراق يتعاملون بهذا الهدر لميزانية العراق بينما يقبع ثلثا العراقيين تحت خط الفقر. -8 ميزانية العراق لعام 2010 بلغت 72.4 مليار دولار وهي تعادل ميزانية اربع دول عربية مجتمعة هي سورية 16 مليارا والاردن 7.6 مليارات ولبنان 6.2 ومصر 36.5 مليارا بعد استبعاد العجز ويتوقع ان يصل دخل العراق من النفط عام 2020 الى 300 مليار دولار، فالعراق لا تنقصه الموارد وهو بلد غني جدا وقادر على اداء التزاماته لولا الفساد وسوء الادارة. • أكاديمي وبرلماني كويتي .