لا أعرف الأستاذ إبراهيم عيسى رئيس تحرير جريدة الدستور المصرية اليومية, كل ما أعرفه عنه أنه ظهر في فيلم خيانة مشروعة من إخراج خالد يوسف وصاحبت ذلك أيضاً تغطية واسعة "مشروعة" أيضاً عن هذا الفيلم وحلاوته وجماله في جريدة الدستور , كما أنه يعمل بخلاف ذلك في قناتي نجيب ساويرس "اون تي في" و"أو تي في" وهما قناتان تحرصان حرصاً شديداً على تجنب استخدام اللغة العربية الفصحى في أي برنامج حتى في نشرات الأخبار وذلك في إطار توجهاتهما للتأكيد على أن الهوية المصرية قبطية وأنها تتعارض مع اللغة العربية الفصحى خصوصاً أن اللغة العربية هي لغة القرآن الكريم. ما علينا ..الأستاذ إبراهيم عيسى سيقدم برنامجاً يحمل اسم "حمرا" على قناة "موجه كوميدي" في رمضان وهو البرنامج الذي تصدعنا به القناة بإعلانات متتالية بوصفه نسخة تتفوق على برامج اوبرا وينفري , ويقوم عيسى باستضافة العديد من الشخصيات العامة مثل الراقصة دينا و شعبان عبد الرحيم و نجوم الإعلام من بينهم محمود سعد و معتز الدمرداش و عمرو أديب و أحمد شوبير و مفيد فوزي وغيرهم من الشخصيات العامة. وبعيدا عن نوعية الضيوف يبقى السؤال المهم : هل وصل إبراهيم عيسى إلى هذا المستوى؟ وهل تناسب هذا البرنامج طبيعة شهر رمضان الفضيل؟ وهل مدرسة الإثارة التي يتبناها عيسى دفعته لاختيار هذا الاسم أسوة بالظاهرة المنتشرة حاليا في سوق الكتاب المصري باختيار عناوين مثيرة مثل "طظ فيكم"، "مصر المفروسة"، "إنجز"، ، "كلام أبيح جداً" بهدف تحقيق المبيعات؟, عن نفسي لا أهتم كثيرا بمثل هذه البرامج لكن ما يعنيني في الأمر برمته المناخ الثقافي الذي بات سائداً في مصر , والذي افرز بذاءات نراها في الكليبات وكلمات الأغاني والأفلام ووصلت الآن إلى أسماء البرامج التليفزيونية . البعض يعتبر ذلك حرية ونقلا ومحاكاة للواقع فإذا سألت كاتباً أو مخرجاً لماذا تتناول الشواذ جنسياً في مصر وهم فئة محدودة يؤكد لك أن وظيفة الإبداع هي مناقشة الظواهر في المجتمع معتبراً أن هذه ظاهرة تستحق الدراسة والتأمل وإذا خالفته في الرأي وأكدت له أنه لا يعرف معنى الظاهرة أساساً يعتبرك من خفافيش الظلام, وبالتالي فبما ان البعض بذيء بطبعه ويستخدم البذاءة في حياته فلماذا لا نقتحم بيوت المشاهدين متسلحين بالبذاءة؟ ..حسناً هذا كله محض هراء فالقيء احد الأعراض المصاحبة للأمراض فهل من الممتع أن نصوره سينمائياً أمام الناس أم انه مشهد يثير التقزز؟ ابراهيم عيسى المناضل الذي يعارض التوريث عفا عنه الرئيس محمد حسني مبارك في 6 أكتوبر 2008 بعد صدور حكم ضده بالسجن لمدة شهرين بتهمة نشر أخبار كاذبة عن صحة الرئيس يقدم في رمضان برنامجا يحمل اسم حمرا , صدمتي في عيسى ليست كبيرة فالبعض يؤكد أنه ديكتاتور في العمل والوسط الصحفي ما زال يتذكر مواجهته لأزمة مطالبة عدد من المحررين بجريدة الدستور بزيادة رواتبهم التي لا تتجاوز 500 جنيه شهريا بالتهديد بالفصل وبأنه لا يأبه بإمكانية لجوء المحررين إلى القضاء, رغم أن عيسى يتقاضي نحو 50 ألف جنيه شهرياً بخلاف حصة في الإعلانات بجريدة الدستور, انتهت الأزمة باستقالة بعض المحررين من الدستور وبقاء عيسى على كرسي رئاسة التحرير عن نفسي لن أشاهد برنامج "حمرا" ولم أشاهد أيضا فيلم خيانة مشروعة لكن ما أخافه أن تتحول البذاءة إلى ثقافة راسخة تتكرس في وعى وسلوك الشعب المصري , ثم أن الفضول يقتلني لأعرف إجابة سؤال مهم : كيف يستطيع إبراهيم عيسى أن يدير عمله في جريدة الدستور ثم يقدم برامجه في قناتي او تى في واون تي في ويقدم برنامجاً في "موجه كوميدي " ثم يحل ضيفاً على معظم البرامج ثم يكتب مقالا يوميا ؟ ..بدأت اشك أن في اليوم 24 ساعة فقط! ربنا يبارك للأستاذ إبراهيم لكن تبقى كلمة أخيرة : قبل سنوات طويلة كان المخرج محمد كريم يحرص على غسل الحمار إذا أراد تصويره في أحد مشاهد أفلامه, وكان يقول إن السينما يجب أن تقدم كل ما هو جميل وممتع , انظر الآن إلى : حجم البذاءات من حولنا الشتائم "الأبيحة" باتت عادية في الأفلام والإيحاءات الجنسية أصبحت عنصراً أساسياً من عناصر الغناء , ومطربات العري يكتسحن , وتامر حسنى صار نجماً للجيل , وإبراهيم عيسى يقدم برنامجاًَ اسمه حمرا في رمضان !. * صحفي مصري مقيم في الكويت [email protected]