فوجئ المصريون بملصقات في عدد من الأحياء الشعبية تدعو جمال مبارك لخوض الانتخابات الرئاسية المصرية ا لمقبلة نهاية العام المقبل ، ولم يكن أحد يعلم من هو الذي يقف خلف تلك الملصقات الغامضة ، حتي ظهر علينا شخص غامض أيضا يقول إنه مؤسس الائتلاف الشعبي لدعم جمال مبارك للانتخابات الرئاسية القادمة ويدعي مجدي الكردي ، والمثير أنه يتمتع بلسانة كالسياسيين المحترفين وهو عضو في حزب التجمع اليساري المعارض ، وهنا قدر الدهشة في الحالة المصرية فحزب الفقراء والعدالة الاجتماعية يخرج من رحمه شخص يقود حملة لدعوة عنوان الرأسمالية المتوحشة ذات الأنياب الداعمة لسوق ذات قوانين لا تعرف الرحمة ليترشح لرئاسة مصر بناء علي طلب الجماهير في محافظات مصر المختلفة . ويقوم الائتلاف الداعم لجمال مبارك في حملة الانتخابات الرئاسية المقبلة بجمع توقيعات يقول إنها ستكون بالملايين من جانب أعضاء الحزب الوطني الحاكم الذي يقدر عدد أعضائه بثلاثة ملايين . نفي جمال مبارك أن يكون له علاقة بالموضوع ، بينما الحقيقة المؤكدة هنا أن نفي السياسي في موجة أنواء عاصفة يمر بها البلد الأكبر والأهم في المنطقة ليس صحيحا ، وأن قولة " لا هنا قد تعني ربما " أو أنني في طريق فعل ذلك ، وحتي يعطي الائتلاف الداعم لترشيح جمال مبارك لنفسه شرعية التحرك فقد أكد أنه يعلم بتحرك الائتلاف الذي سوف يضغط علي جمال مبارك من أجل ترشيح نفسه لمعركة الرئاسة القادمة بعد أن يكون قد حصل علي القدر اللازمن من التوقيعات من المواطنين . من جانبه لم يتردد أيمن نور في أن يرد علي الحملة الغامضة وأن يطلق حملة ملصقات مضادة بعنوان " مصر كبيرة عليك " و " لا لجمال مبارك " و " وقف " stop واعتبر نور الذي كان منافسا للرئيس مبارك في انتخابات 2005 أن ما يجري هو جزء من المشروع الأمني السلطوي " ، واعتبر كثير من المراقبين أن ما يجري هو نوع من جس النبض لإعادة طرح مشروع التوريث . ويبدو أن موقف الحزب الوطني من الانتخابات الرئاسية لا يزال هو الآخر غامضا ، فقادة الحزب الكبار مثل أمينه العام صفوت الشريف ومفيد شهاب وعلي الدين هلال يقولون إن الرئيس هو مرشح الحزب الوطني للانتخابات الرئاسية المقبلة واعتبر أمين الإعلام في الحزب أن تجاوز الرئيس مبارك في الترشيح هو نوع من قلة الأدب . بينما ذكر وزير الدولة للشئون القانونية والمجالس النيابية أن الحزب الوطني سيعلن مرشحه للانتخابات منتصف العام المقبل في يونيه المقبل ، واعتبر مراقبون أن ذلك الموعد سيكون بينه وبين موعد الانتخابات ذاتها مسافة زمنية قليلة لا تسمح للمنافسين بالدعاية أو التحرك في وسط الجماهير لجذب اهتمامهم وأصواتهم . ربما يكون الغموض الذي يحيط بموقف النخبة القابضة علي الحزب الحاكم حول من سيكون مرشح الحزب في الانتخابات القادمة نابعا من الحالة الصحية للرئيس مبارك والتي كانت موضوعا لسجال سياسي كبير بين مصر وبين العديد من المصادر الإعلامية الغربية خاصة الأمريكية والإسرائيلية ، كما أن سؤال من يحكم مصر قد تم طرحه في هذا السياق وكان موضوعا لاهتمام مراكز صنع القرار وأجهزة الاستخبارات المهتمة بحالة مصر . يبدو لنا أن احتمال ترشح جمال مبارك للانتخابات الرئاسية هو أحد الاحتمالات المعروضة علي الحزب الحاكم في حال لم تسمح الحالة الصحية للرئيس بخوض الانتخابات ، ورغم أن الرئيس مبارك نفسه نفي مرارا وتكرارا أن يكون أمر ترشيح نجله مطروحا علي أجندته وأنه هو الرئيس لمصر ما دام فيه نفس ينبض ، إلا أن الانتخابات الرئاسية القادمة لمصر في نهاية عام 2011 قد تشهد مفاجأة ترشح نجل الرئيس لرئاسة الجمهورية ، فمشروع ما يعرف في مصر باسم التوريث لا يزال قائما ، وهو اسم يحمل في طياته رفضا نفسيا له ، فتقاليد الجمهورية ترفض منطق أن يرث الابن أباه في تولي منصب الرئاسة وإلا كان ذلك نوعا من النكوص إلي الملكية وهو أمر يسمه الإعلام الرسمي المستقل كل لحظة بأنه عودة للماضي الذي كافح المصريون من أجل تجاوزه والتخلص منه إلي المستقبل . ما جري بالطبع هو نوع من الطلقات الكاشفة التي تطلق في السموات المفتوحة لتضئ دون أن تصيب ، بيد إنها إيذان ببداية معركة الانتخابات الرئاسية المصرية ، وعلي القوي السياسية أن تكون جاهزة .