قللت أحزاب المعارضة بالجزائر من أهمية التعديل الوزاري الذي أعلنه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة مساء الأربعاء الموافق 11 سبتمبر. ورغم التغييرات, التي طالت وزارات سيادية، تعتبر المعارضة أن الفريق الحكومي الجديد سيقتصر دوره على تهيئة الظروف لاستمرار النظام الحالي لما بعد 2014. وقال بيان لرئاسة الجمهورية إن بوتفليقة أجرى تعديلا وزاريا، وإن الحكومة, التي يقودها عبد المالك سلال تتضمن أسماء جديدة على مستوى الوزارات السيادية، منها الداخلية والدفاع والشؤون الخارجية والعدل. وتم تعيين الفريق أحمد قايد صالح نائبا لوزير الدفاع الوطني قائد أركان الجيش، وعين رمضان لعمامرة وزيرا للشؤون الخارجية خلفا لمراد مدلسي، في حين عين الطيب لوح وزير التشغيل سابقا وزيرا للعدل، كما تم تعيين الطيب بلعيز رئيسا للمجلس الدستوري وزيرا للداخلية والجماعات المحلية، إلى جانب تغييرات طالت وزارات أخرى على غرار وزارة الأشغال العمومية، والتعليم العالي والبحث العلمي والنقل والتكوين المهني، وغيرها. ورغم أنها شملت وزارات سيادية، يقلل البعض من أهمية هذه التغييرات، كون الشخصيات المكلفة بقيادتها وجوها قديمة ومعروفة بولائها للنظام القائم. وفي تصريحات أدلى بها لقناة "الجزيرة" في 12 سبتمبر، قال رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية المعارضة موسى تواتي :"إن هناك فئة كرست لنفسها سياسة احتكار السلطة، في حين بقي الشعب خارج المعادلة"، وأضاف أنه لا يرى في هذا التعديل "بشرى خير"، وإنما هو "مجرد سياسة لربح الوقت ولإلهاء الجزائريين"، وكأن "هناك تغييرا في السلطة، وأن تغييرات ستحدث مستقبلا". وبدوره, قال القيادي في جبهة العدالة والتنمية المعارضة لخضر بن خلاف أيضا ل "الجزيرة" إن هذا التعديل "كان متوقعا"، لاقتراب موعد الرئاسيات العام القادم. وأضاف "في الوقت الذي كان فيه الجزائريون ينتظرون من الحكومة تقديم بيان سياستها العامة، نتفاجأ بتعديلها، والهدف هو تنفيذ خارطة طريق وضعت لاستمرار النظام إلى غاية انتخابات الرئاسة في 2014 وما بعدها". وأعرب بن خلاف عن استغرابه إزاء "استمرار وزراء أثبتوا فشلهم"، وبرأيه فإن هذا "التغيير غير قائم على الكفاءة، ولكنه قائم على الولاء، وعلى مدى الالتزام بتنفيذ خطة الطريق السابقة"، وأنه في "الجزائر لا يوجد تداول على السلطة، ولكن يوجد تداول الأشخاص على المناصب". وأشار إلى أن الشعب الجزائري كان ينتظر من السلطة أن تتجه نحو "التغيير الهادئ"، لكن مثل هذه القرارات وغيرها -برأيه- لا تكرس هذا التغيير، وإنما تتجه نحو العمل على استمرارية النظام القائم عن طريق تمديد الولاية الحالية للرئيس بوتفليقة إلى سبع سنوات، من خلال تعديل دستوري جديد، يمرر عبر البرلمان، باستحداث منصب نائب أو نائبين لرئيس الجمهورية، أو الترتيب لولاية رابعة ما دامت الظروف والأجواء مواتية. كما ذهب رئيس تحرير يومية "الوطن" الجزائرية الناطقة بالفرنسية فيصل مطاوي إلى القول إن هذا التغيير لم يكن متوقعا، لأن مجلس الوزراء لم ينعقد منذ نحو ثمانية أشهر، وهناك العديد من مشاريع القوانين معطلة، "وبدلا من أن يجتمع مجلس الوزراء ويقوم بتحريك هذه المشاريع يقوم الرئيس بإحداث تعديل حكومي"، والهدف من ذلك حسب مطاوي "التحضير من الآن للانتخابات المقبلة". ولفت إلى أن قائمة الوزراء الجدد تثبت أن بوتفليقة أحكم قبضته على الوزارات السيادية من خلال تعيين مقربين منه، ففي وزارة الدفاع عين الفريق أحمد قايد صالح نائبا ويشغل أيضا منصب قائد الأركان، وعين الطيب بلعيز وزيرا للداخلية وكان رئيسا للمجلس الدستوري الذي كان له دور "حساس جدا" خلال فترة مرض الرئيس بوتفليقة، بحيث رفض تطبيق المادة 88 من الدستور، وإعلان شغور منصب رئيس الجمهورية بسبب العارض الصحي، والداخلية هي التي ستحضر وستشرف على الانتخابات الرئاسية. وتابع مطاوي أن بوتفليقة أحكم قبضته على وزارة العدل، لأنها هي التي تشرف من خلال الرقابة على العملية الانتخابية بتعيين الطيب لوح، كما عين عبد القادر مساهل على رأس وزارة الاتصال (الإعلام) "لما لها من أهمية خلال الفترة المقبلة". وأضاف أن مهمة هذه الحكومة التحضير للانتخابات الرئاسية المقبلة، مضيفا أن "بوتفليقة مريض ومتقدم في السن، إلا أنه بدأ في حملة انتخابية قوية، للذهاب إلى عهدة رئاسية رابعة العام القادم, رغم عدم إعلانه عن الترشح". وأشار مطاوي إلى أن بوتفليقة في هذا التغيير "عاقب" الوزراء الذين كانوا معارضين له خلال أزمة حزب جبهة التحرير الحاكم الأخيرة، مشيرا إلى أن بوتفليقة "معروف عنه أنه يعاقب ويبعد كل من يقف في طريقه". وبدورها, ذكرت صحيفة "الحياة" اللندنية أن التعديل الوزاري في الجزائر استهدف إنهاء مهمات غالبية وزراء جبهة التحرير الوطني, الذين يُعتقد أنهم أبدوا موقفاً معارضاً لاستمرار بوتفليقة في الحكم.