في الوقت الذي لا يستطيع فيه ممدوح الولي، نشر مقالاته في صحيفة "الأهرام" التي يرأس مجلس إدارتها، بسبب ما تتضمنه من آراء رافضة لما يسميه ب "الانقلاب العسكري"، أبدى نقيب الصحفيين السابق، ترحمه على أيام الرئيس الأسبق حسني مبارك، حيث كانت هناك منابر للمعارضة تعبر فيها عن مواقفها تجاه النظام الحاكم وقتذاك، وهو الأمر الذي قال إنه بات منعدمًا الآن. وقال الولي في مقال نشره تحت عنوان "الحرية المسلوبة" على الموقع الرسمي لحزب "الحرية والعدالة": "في عهد مبارك كنا نلجأ إلى صحف المعارضة أو إلى بعض البرامج الحوارية بالفضائيات الخاصة؛ لتمرير بعض صور الآراء المعارضة للنظام، وكان جزاء المعارضين يتراوح ما بين التضييق عليهم فى الكتابة أو المنع من الاستضافة بالتلفزيون الحكومي. أما الآن فلا مجال لنشر الآراء المعارضة لنظام الانقلاب العسكرى الحاكم، لا فى الصحف الحكومية أو الخاصة، وقل نفس الأمر بالنسبة للتلفزيون الحكومي والفضائيات الخاصة". وأضاف: "فالنغمة الوحيدة السائدة والمصرح بها هي التمجيد للانقلاب وقادته، وإلقاء الاتهامات بالعمالة والخيانة والإرهاب لمعارضي الانقلاب، ورفض الصلح معهم؛ باعتبارهم مسئولين عن مجازر نادي الحرس الجمهورى ورمسيس والمنصة والنهضة والمنصورة ورابعة العدوية"!. وأشار إلى أنه "حتى تجد لك مكانا للكتابة أو بتلك الفضائيات، فالمطلوب أن تلتزم بالروشتة المقررة على الجميع، بأن تتهم هؤلاء الإرهابيين بأنهم قتلوا المئات من أنصارهم، وهم الذين أحرقوا جثث زملائهم وحرقوا المساجد، وهم الذين أحرقوا الكنائس وأقسام الشرطة". واستدرك قائلاً: "حتى لو ظهرت أخبار عن ضبط خارجين عن القانون قد حرقوا كنائس أو مقار شرطة، فهؤلاء الإخوان هم سبب كل الكوارث، ولا سبيل للتعامل معهم سوى بالإخفاء من الوجود. لا يصح أن تسأل عن كيفية مقتل هؤلاء الضحايا خلال تلك المجازر؟، ولا حتى عن كيفية مقتل هؤلاء الجنود والضباط، كما لا يصح أن تسأل عن حدوث تحقيقات حول تلك المجازر التى تعدى عدد ضحاياها الآلاف، ويكفى ما قاله وزير الداخلية عنها رغم ما به من غموض". إذ أنه والكلام للولي "سيكون أى سؤال غير مقبول، مثلما يتساءل البعض أنه لو حدث نفوق خمسة آلاف رأس من الأبقار لدى شركة حيوانية حكومية، ألا يستحق هذا العدد الكبير التحقيق مع المسئولين بتلك الشركة؟، وبالطبع لا مجال لأن نقول إن ضحايا المجازر كانوا من خيرة المصريين من أساتذة جامعات وأطباء ومهندسين ورجال أعمال ومهنيين، وعلينا أن نعى الدرس حين تحدث الرئيس المؤقت بالتلفزيون وذكر من ضحايا الأحداث 111 شخصا من الشرطة، أما الجانب الآخر من الضحايا فيجب غض الطرف عنهم تماما". وتابع: "فإذا حاولت أن تتساءل أليس هؤلاء الضحايا من المصريين؟ ولهم حقوق كمواطنين؟، فأنت هنا تتخطى حيز الحرية المتاح، لتصبح مشكوكا فى ولائك للنظام الجديد، الذى لا يسمح لأحد بالاختلاف معه حتى لو كان فى قامة الدكتور محمد البرادعي"، في إشارة إلى نائب الرئيس السابق والذي تعرض لموجة هجوم عقب استقالته إثر مجزرة فض اعتصام "رابعة العدوية" و"النهضة". ومضى الولي قائلاً: "عليك أن تتعظ مما حدث لرئيس حزب الوسط ونائبه وبعض وزراء حكومة الدكتور هشام قنديل، بل والنائب العام السابق وأعضاء قضاة من أجل مصر، وقيادات حركة 6 إبريل، فليس هناك أى خط أحمر للتهاون مع أصحاب الرأي المحالف للانقلاب". وأردف: "لا مجال للكلام الإنشائي عن الحق فى التعبير عن الرأي كحق دستوري، وحرية الإعلام، فالدستور تم تعطيله وجار تفصيل البديل له، والصحفيون المناوئون للانقلاب تم اعتقال عددا منهم، بل وتم قتل بعضهم، دون أى تذمر أو مجرد عتاب لقادة الانقلاب من قبل نقابة الصحفيين أو مشاهير الإعلاميين أو جمعيات الدفاع عن حقوق الصحفيين". واستطرد الولي: "هكذا علينا أن نعى الدرس فإما أن نكتب لصالح الانقلاب أو أن نختار واحدا من الخيارات المتاحة : الصمت التام أو الاعتقال أو التعرض لطلقات القناصة أو مولوتوف البلطجية لتتحول بعدها إما إلى صاحب عاهة أو قتيل أو صاحب جثة محروقة لا يمكن التعرف على صاحبها مثل 52 جثة محروقة موجودة حاليا بمشرحة زينهم". وأبدى الولي ترحمه على الأجواء التي كان يعيشها المصريون تحت حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، قائلاً: "هكذا عشنا اليوم الذى أصبحنا نترحم فيه على جو الحريات الذى كنا نعيشه فى عهد مبارك، يوم أن كنا ننام فى بيوتنا لا نخشى حضور زوار الفجر فى أى لحظة، ليعبثوا فى محتويات البيوت ويأخذون ما يفضلونه منها ويصورون المعتقلين بالملابس الداخلية. ثم تقوم الصحف ووسائل الإعلام الرسمية باتهامهم بأبشع الاتهامات قبل التحقيق معهم" . وذكر أنه "لم يحدث فى عهد مبارك أن قيام البلطجية بحرق بيوت ومحلات المعارضين للنظام وسلب ما فيها وترويع أسر المعتقلين، مثلما حدث لحوالي 50 بيتا للمعارضين بالمنوفية دون التحقيق مع بلطجي واحد، لقد كان البلطجية فى عهد مبارك يضربون المعارضين أو يتحرشون بالنساء، لكن لم نسمع وقتها عن قتل البلطجية للمعارضين". وختم قائلاً: "لقد كان ممكنا أيام مبارك أن تعرف مكان المعتقل، وأن يحضر معه محاميه التحقيقات ، أما الآن فنحن فى ظروف استثنائية وشاذة بكل معانيها سلبت منا حريتنا وأعادت الخوف إلى نفوس الكثيرين، الذين يؤثرون السلامة وسط تلك المجازر غير المسبوقة تاريخيا، والتي لا أتصور أن تمر بدون عقاب إلهي رادع وعاجل لكل من تسببوا فيها".