ووجه قرار منع رواية وفيلم "شفرة دافنشي" من التداول والعرض على شاشات السينما المصرية بعاصفة شديدة من الانتقادات من جانب بعض المثقفين، الذين رأوا في هذا القرار إساءة إلى الأديان وتشجيعًا لمن وصفوهم بالمتشددين. جاء ذلك خلال الاجتماع الذي عقده وزير الثقافة فاروق حسني بمقر المجلس الأعلى للثقافة بالقاهرة قبل إعلان جوائز الدولة للفنون والآداب والعلوم الاجتماعية. واحتل الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي قائمة المثقفين الذين اعترضوا على مبررات الوزير بمنع تداول الراوية في الأسواق المصرية ومنع عرض الفيلم المأخوذ عنها في دور العرض المصرية. واستنكر حجازي مطالبة نواب مجلس الشعب بمصادرة الرواية ومنع عرض الفيلم ، معتبرا اعتراض النواب المسيحيين والمسلمين "تسابقًا للفوز برضا الجماعات المتطرفة"، على حد زعمه. وشدد على أن الرواية لا تسيء إلى المسيحيين أو المسلمين ، ولكن المنع "يسيء إلى الدينين وإلى الوطن." من جانبه، نفى الكاتب صلاح عيسى أن يكون لمجلس الشعب سلطة رقابية أو تنفيذية في مثل هذا الشأن، مشيرًا إلى وجود قوانين رقابية من شأنها أن تطبق حتى لو جاءت النتيجة بالمنع، واعتبر ما حدث تشجيعًا للمؤسسات الدينية على التدخل في الأعمال الفنية كما وصف الكاتب محمد سلماوي موقف مجلس الشعب من القضية بأنه "غوغائي"، في الوقت الذي اعتبر فيه د.يونان لبيب رزق أستاذ التاريخ أن السياق العام في مصر يشيع فيه "جو مرضي" ، مستشهدا بردود الأفعال إزاء الرسوم المسيئة للنبي محمد - صلى الله عليه وسلم - وردود الفعل حول فيلم لم يعرض بعد في مصر. وفي المقابل ، وصفت الكاتبة ليلى تكلا الفيلم بأنه هرطقة ويسيء إلى المسيحية والإسلام معا، مشيرة إلى أن المشهد الأخير في الفيلم الذي تظهر فيه نجمة داود يعتبر ازدراء للأديان ، ومحاولة صهيونية للرد على ما اعتبر إدانة لدور اليهود في الفيلم الأمريكي "آلام المسيح". في سياق متصل، تباينت ردود الفعل القبطية بين الرفض والترحيب حول اعتزام الكنيسة الإنجيلية بمدينة نصر عرض الفيلم. ويخشى المعارضون من تزايد الإقبال الجماهيري على مشاهدة الفيلم ، ويتهمون الكنيسة الإنجيلية بالشذوذ عن مواقف الكنيسة المصرية، بينما يرحب آخرون بعرضه ومناقشته في النور بدلاً من رفضه. من جانبه، وافق القس مينا ظريف راعي أبراشية العمرانية على عرض الفيلم، وقال "نحن مع حرية الإبداع والفكر عندما يتفق ما جاء في الأعمال الفنية والأدبية مع القاعدة التاريخية والكتابية والعقائدية مع الأديان ، ولكن إذا تعارضت هذه الأعمال مع هذه القاعدة فمن الأفضل عرضها ومناقشتها وتفنيد ما جاء فيها". وتوقع أن ترفض الجماهير الفيلم مثلما حدث في العديد من الدول الأوروبية والولايات المتحدة، مشددًا على أن العقيدة المسيحية قوية ولن يهزها مثل هذه الأعمال. واتفق معه في الرأي الباحث القبطي هاني لبيب، مطالبًا بضرورة التوعية الدينية لكشف الأخطاء الدينية والتاريخية التي جاءت في الفيلم، والذي يطرح للبيع على أرصفة الأسواق المصرية مقابل خمسة جنيهات. وأرجع عرض الكنيسة الإنجيلية لهذا الفيلم إلي المرونة والتحرر الذي تتميز به عن نظيرتها الأرثوذكسية في التعامل مع هذه الملفات بحكم نشأتها في الغرب. من جهته، رفض القمص عزيز راعي الكنيسة المعلقة عرض الفيلم، متهما الكنيسة الإنجيلية بالشذوذ عن الكنيسة المصرية عموما في التعامل مع مثل هذه الملفات، وقال إنه كان يتمني أن تتوحد آراء الكنيسة المصرية حيال هذه القضية. وأوضح أن الكنيسة كان لها تجربة سابقة مع فيلم "بحب السيما" الذي أساء للأديان، محذرًا من خطورة عرض هذه الأفلام على الأجيال الشابة بحجة التمدين والتحضر . يذكر أن الكنيسة الإنجيلية بمدينة نصر تعتزم عرض الفيلم خلال الأيام القليلة القادمة ، وعقد حلقات نقاش حول ما جاء به من أحداث، وما إذا كان السيد المسيح قد تزوج بالفعل من السيدة مريم المجدلية ، بالإضافة إلى الأصول التاريخية التي جاءت في الفيلم.