رفض مجلس العموم البريطاني مساء أمس السماح للحكومة بتوجيه ضربة عسكرية إلى النظام السوري ردًا على استخدامه أسلحة كيميائية، في تصويت طغى عليه هاجس الخوف من تكرار السيناريو العراقي وشكل صفعة كبرى لرئيس الوزراء ديفيد كاميرون. وإثر التصويت تعهد كاميرون باحترام إرادة النواب. وقال "اتضح لي أن البرلمان البريطاني، الذي يمثل آراء الشعب البريطاني، لا يريد تدخلاً عسكريًا بريطانيًا. لقد اخذت علمًا بهذا الأمر والحكومة ستتصرف بناء عليه"، مؤكدًا التزامه "احترام إرادة مجلس العموم" الذي التأم في جلسة استثنائية بدعوة منه لبحث هذا الموضوع. وأضاف كاميرون على وقع صيحات نواب المعارضة "أؤمن بشدة بوجوب أن يكون هناك رد قوي على استخدام أسلحة كيميائية. ولكني أؤمن أيضًا باحترام إرادة مجلس العموم". وإثر التصويت البريطاني، أعلن البيت الأبيض أن الرئيس باراك أوباما سيحدد قراره بشأن الملف السوري "وفقًا للمصالح الأميركية"، وذلك بعيد إعلان الرئاسة الأميركية أن أوباما يحتفظ بحقه في أن يتحرك بشكل أحادي ضد النظام السوري، من دون الحاجة إلى انتظار الأممالمتحدة أو حلفائه مثل بريطانيا. ورفض مجلس العموم المذكرة الحكومية بأكثرية ضئيلة، إذ صوت ضدها 285 نائبًا مقابل 272 أيدوها. وإذا كان نواب حزب العمال المعارض قد صوتوا ضد المذكرة فإن عددًا لا يستهان به من نواب حزب المحافظين بزعامة رئيس الوزراء، بلغ 30 نائبًا، انضموا إلى هؤلاء وصوتوا ضد المذكرة الحكومية. وسقطت المذكرة في عملية تصويت اختتمت سبع ساعات من النقاشات الحامية التي طغت عليها ذكريات التدخل العسكري في العراق في 2003 الذي استند يومها إلى مزاعم بامتلاك نظام صدام حسين أسلحة دمار شامل سرعان ما ثبت عدم صحتها. وكانت المعارضة العمالية أعلنت خلال النهار أنها ستصوت ضد المذكرة، مطالبة بالمقابل ب "أدلة دامغة" على استخدام نظام الرئيس السوري بشار الأسد أسلحة كيميائية قبل الحديث عن أي تدخل عسكري ضده. وتعليقًا على نتيجة التصويت قال زعيم حزب العمل إد ميليباند "أعتقد أن مجلس العموم تحدث اليوم باسم الشعب البريطاني الذي قال إنه لا يريد التسرع في الذهاب إلى الحرب". وأضاف "كنت مصصما على أن نتعلم دروس الماضي، بما فيها (دروس) العراق، وأنا سعيد بأننا أسمعنا رئيس الوزراء صوت العقل". من جانبه، أقر وزير الدفاع فيليب هاموند بأن رئيس الوزراء أصيب ب "خيبة أمل"، مؤكدًا أن نتيجة التصويت "ستكون لها حتمًا تداعيات على العلاقة المميزة" بين الولاياتالمتحدة والمملكة المتحدة. وقبل التصويت على المذكرة الحكومية صوت مجلس العموم على مذكرة مضادة تقدم بها حزب العمال تنص على وجوب أن يسبق أي قرار بشأن التدخل عسكريًا في سوريا تقديم "أدلة مقنعة" على أن النظام السوري هو فعلاً من استخدم السلاح الكيميائي في 21 أغسطس في الغوطة بريف دمشق، إلا أن هذه المذكرة سقطت بدورها.