يسيء العديد من الأزواج التصرف عندما يثقون بأقربائهم وأصدقائهم ثقة عمياء ويتساهلون في السماح لهم بالدخول على زوجاتهم والاختلاء بهن ومجالستهن وتجاذب أطراف الحديث معهن في أي وقت وفي غياب المحارم، بدعوى أنهم كإخوانهن يستحيل أن يمسوهن بسوء أو يطمعوا فيهن !، غير عابئين بأن هؤلاء الذين يبالغون في حسن الظن بهم هم وقود الفِتَن التي غالبًا ما تزعزع كيان الأُسِر وتصدع بنيانها وتهدمها إلى الأبد..
وهناك زوجات يتهاونَّ أيضًا في هذا الأمر، سواء كن راغبات أو مكرهات أو جاهلات بخطورة هذا الاختلاط البغيض المحرم شرعًا، حيث يسمحن عند سفر أزواجهن أو وفاتهم بدخول بعض ذويهم من الرجال عليهن فيحدث ما لا يحمد عقباه من ارتكاب ما حرم الله سبحانه وتعالى، وما يترتب على ذلك من تلويث سُمعتهن وسيرتهن بين الأهل والجيران، إلى جانب العار الذي سيلحق بالأبناء طيلة حياتهم!..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إياكم والدخول على النساء"، فقال رجل من الأنصار: "يا رسول الله أفرأيت الحمو؟" قال: "الحمو الموت" رواه أحمد والبخاري..
والحمو بفتح الحاء المهملة وسكون الميم وبالواو في القاموس: حمو المرأة وحموها وحمها وحموها، أبو زوجها ومن كان من قبله، والأنثى حماة، وحمو الرجل أبو امرأته أو أخوها أو عمها أو الأحماء ومن قبلها خاصة.. عن أبي الطاهر عن بن وهب قال: سمعت الليث يقول: الحمو أخو الزوج وما أشبه من أقارب الزوج ابن العم ونحوهم.. ويستعمل لفظ الحمو عند بعض الناس في أبي الزوج وهو محرم من المرأة لا يمتنع دخوله عليهما؛ فلذلك فسره الليث بما يزيل هذا الإشكال وحمله على من ليس بمحرم فإنه لا يجوز له الخلوة بالمرأة..
قال النووي: المراد في الحديث أقارب الزوج غير آبائه وأبنائه لأنهم محارم الزوجة يجوز لهم الخلوة بها ولا يوصفون بالموت . قال: وإنما المراد الأخ وابن الأخ والعم وابن العم وابن الأخت ونحوهم مما يحل له تزويجه لو لم تكن متزوجة . وجرت العادة بالتساهل فيه فيخلو الأخ بامرأة أخيه فشبه بالموت وهو أولى بالمنع من الأجنبي. وما قاله النووي جزم به الترمذي وغيره . وقال القرطبي: المعنى أن دخول قريب الزوج على امرأة الزوج يشبه الموت في الاستقباح والمفسدة أي فهو محرم معلوم التحريم. وإنما بالغ في الزجر عنه وشبهه بالموت لتسامح الناس به من جهة الزوج والزوجة لإلفهم بذلك حتى كأنه ليس بأجنبي من المرأة . فخرج هذا مخرج قول العرب :"الأسد الموت، والحرب الموت"، أي لقاؤه يفضي إلى الموت . وكذلك دخوله على المرأة قد يفضي إلى موت الدين أو إلى موتها بطلاقها عند غيرة الزوج أو إلى الرجم إن وقعت الفاحشة .
وأخرج الترمذي بلفظ :"لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان. وَعِلَّة التَّحْرِيم ما في الحديث من كَوْن الشَّيْطَان ثَالثهمَا هو أن حُضُوره يوقعهما في الْمَعْصِيَة. وَأَمَّا مع وُجُودِ الْمَحْرَم فَالْخَلْوَة بِالْأَجْنَبِيَّة جَائِزَة لامْتِنَاع وُقُوع الْمَعْصِيَة مع حُضُوره. وَاخْتَلَفُوا هل يَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ في ذلك كَالنِّسْوَةِ الثِّقَاتِ، فَقِيلَ: يَجُوزُ لِضَعْفِ التُّهْمَةِ .
وإذا كان لا ينبغي على الزوج أن يتهاون في مسألة اختلاط زوجته بالرجال الأجانب منعًا من اشتعال نار الفتنة واتقاء شر ويلات هذا الأمر ذي العواقب الوخيمة، فعلى كل زوجة أيضًا أن تتوخى الحذر وتحمي زوجها بكامل استطاعتها من مخالطة صديقاتها وقريباتها، فحكم صديقة الزوجة هو قياسًا حكم الحمو لا يجوز الاختلاء بها بأي شكل، ولا التساهل في علاقتها بالزوج لأنها أجنبية ويمكن أن يميل نحوها أو ينجذب إليها، وقد تميل إليه أيضًا وتتطور مشاعرها تجاهه فتتسبب في خراب البيت بإحداث وقيعة أو افتعال مشكلات بينهما، بل يجب على كل زوجة حريصة على استقرار أسرتها أن تقاطع صديقتها فورًا إذا شكت في سلامة نواياها، وأحست أنها تغازل زوجها أو تثني عليه كثيرًا أو تتعمد زيارتها في بيتها أثناء وجوده، وذلك من باب سد الذرائع وغلق كل باب ينغص عليها حياتها ليحولها إلى جحيم. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.