انتهيت أمس إلى أننا لا يجب أن نفقد الثقة في الإنسان المصري الذي إذا توفرت له الإمكانيات، تبرز عبقريته في كل المجالات. الحراك الدائر حاليا يهدف إلى تغيير الركود بأجواء الحرية والديمقراطية التي تستطيع الإمكانيات أن تبرز فيها وتتنافس لنصل إلى الأصلح منها على قيادة مصر وتولي شئونها. 30 عاما من الثبات والسكون وإبعاد الدماء الجديدة أو البديلة أفرزت الحالة الحالية التي أوصلتنا إلى الإحباط ثم فقدان الثقة في قدراتنا. من هنا فإن الحالة النشطة الحالية إذا لم تتوفر لها قوى قادرة على الصمود والاستمرار، مؤمنة بالتغيير وأهدافه، ساعية بإخلاص إلى حرية المجتمع وديمقراطيته، فإنها قد تصاب بالسكتة الدماغية المفاجئة، فيستلم أمورنا رئيس معمر جديد، تهلك أجيالنا وأجيال أبنائنا في عهده وهو لا يبارح مكانه. التيار الإسلامي لم يتح له قيادة مصر يوما، فلماذا لا يطور طموحه إلى ذلك ويختبر نفسه من الآن في التوحد والانسجام والابتعاد عن صغائر الخلافات، ووضع منهج موحد يقوم على تعضيد الديمقراطية وإحترام إرادتها سواء جاءت به إلى الحكم أو جاءت بقوة سياسية أخرى. الرسالة التي في بريدي اليوم تلخص هذه الفكرة فتقول إنها دعوة لأحداث نوع من حسن الظن أو الترفع عن الصغائر، أو التنسيق، أو التوفيق، أو اصلاح ذات البين – سمها ما شئت - بين التيارات والجماعات الاسلامية المتواجدة علي الساحة، فلا شك أن مصر تمر بفترة عصيبة، هي بمثابة عنق زجاجة لمرحلة مهمة قادمة، وها نحن نرى على الساحة التكتلات والتحزبات والاتفاقات بين القوي المختلفة، العلمانية والنصرانية والليبرالية، بل وبقايا الشيوعية، كلهم يسارعون الزمن، بينما الاسلاميون يقفون محلك سر!.. بل ينتقد بعضهم بعضا ويهاجم بعضهم بعضا! وحتي أكون أكثر وضوحا.. هل تراني حالما إذا رأيت الشيخ محمد حسان - ممثلا عن التيار السلفي- في زيارة للدكتور عصام العريان – ممثلا للإخوان المسلمين، أو يبادر د عصام بالزيارة ..لا فرق، حتى لا يوؤل كلامي، ويتبادلون الآراء والأفكار أو حتى زيارة في الله عز وجل يفهم منها أنه لا توجد حساسيات ولا ضغائن في النفوس؟! هل تراني واهما أن يدعوا الدكتور ناجح ابراهيم وإخوانه من الجماعة الاسلامية – وهم من هم في قوة الرجوع إلى الحق– إلى المصالحة أو (المسامحة) التامة مع الإخوان – والدعوة إليهم والتنسيق معهم أو على أقل تقدير: الدعاء لهم!! أم هل تراني شاطحا في خيالي إذا تصورت أن لقاءً يمكن أن يجمع بين رموز المدرسة السلفية في الأسكندرية ( مثل د. ياسر برهامي والشيخ المقدم ) مثلا مع الإخوة من الإخوان المسلمين لإصلاح ذات البين، ولن أقول التنسيق لأني أعلم تماما ثوابت وقناعات كل فريق. ما ذكرته مجرد أمثلة فقط، وإنما المطلوب تجميع معظم المدارس الاسلامية وليكن تحت مسمى (التجمع الاسلامي للإصلاح). أخي فراج – أنت تعلم وأنا – أن تقاربا مثل هذا له مفعول السحر علي عامة الشعب، وهو إن حدث لجدير بإحداث طفرة كبيرة في آليات العمل الاسلامي، ولقادر علي زلزلة الأرض من تحت أقدام الطغاة و الظالمين، لذا فلا عجب أن القيادات في بلدنا – وهي تعلم نتائج هذا التقارب – تحاول بكل ما أوتيت من قوة أن تمنع حدوثه، بالترغيب تارة وبالترهيب تارات، وبدق الأسافين تارة وتارة! الرسالة تطرح مشروعا طموحا لإصلاح ذات بين التيار الإسلامي وتوحيد الهدف الذي لا أرى أن هناك مدعاة للخجل منه أو الخوف من الإعلان عنه وهو الوصول إلى السلطة، فالمفترض أن أي قوة سياسية لا تنزل إلى الساحة بدون أن يكون ذلك هو غاية ما تعمل من أجله. هذا التقارب سيضعف كثيرا أولئك الذين يعمدون لتشويه التيار الإسلامي بالتقاط أحد عناصره أو مدارسه مثل جماعة الإخوان مثلا، ثم تخويف المجتمع منها وتحويلها إلى فزاعة للداخل والخارج تحت وهم أنها إذا وصلت إلى الحكم ستعلن وفاة الديمقراطية، أو أن الإسلاميين منقسمون على أنفسهم، مختلفون في أبسط الأشياء والقضايا، فكيف يمكنهم قيادة دولة ذات أطياف مختلفة تعيش فيها أقلية مسيحية كبيرة! [email protected] * نعتذر لوقوع خطأ فني أدى لنشر فقرة زائدة سهوا .