يرى منتدى الوسطية للفكر والثقافة بمصر، نظرًا لتعقد المشهد السياسي المصري والتباس تفاصيله ووصوله إلى مرحلة أقرب إلى مرحلة التكلس والانسداد السياسي وانغلاق سبل الحل والتوافق بين أطرافه كافة، بل وإراقة الدم المصري الحرام أيًا كان تموقعه الفكري واصطفافه السياسي، أن يتم التعامل مع الموقف الراهن من خلال مرحلتين: الأولى.. مرحلة التوافق حول الأسس والقواعد التي تؤمن بها جميع الأطراف وتقدسها، باعتبارها ثوابت وطنية معتبرة وقطعيات مقدسة مصانة لكل وطني صادق لا يسعه سوى النزول على مقتضياتها والتسليم بمعانيها الوطنية الخالصة وتسمى مرحلة التوافق على (وثيقة الإطار العام الوطني). المرحلة الثانية.. وهي مرحلة لازمة للمرحلة الأولى ومتممة لها، ولا تنفصل عنها بحال، وهي مرحلة الاتفاق التفصيلي المبرمج الشامل للبنود والخطوات والمراحل، ومن ثم فإنه يجب على الأطراف كافة أن تسلم بما يلي: · الإقرار بالبعد عن فكرة (سياسة الغالب والمغلوب) وسياسة (الحزمة الواحدة) في المطالب والأمنيات في التعاطي مع الموقف الراهن، لأنها بداية الشر ومكمن الخلل في تجمد المواقف ورفض المبادرات السابقة المقدرة مع ما كان فيها من فرص للتوافق والاتفاق. · إعمال فقه الموازنات واعتبار المآلات والعواقب والتعبد بتحصيل أعظم المصالح مع تفويت أدناها وتفويت أعظم المفاسد مع القبول بأقلها، أمر تقره الشرائع السماوية وتقبله العقول السوية ومضت عليه – بل وتمضي - عليه الاتفاقات والمعاهدات السياسية في العالم كله، ولم يعهد في العمل السياسي أن حصّل كل فريق مبتغاه ولا سلم لكل مطالب بمأموله. · تقدم كل طرف إلى الآخر خطوة حتى يتلقيا - في ظل تغليب المصلحة الوطنية - لا يسمى (تنازلاً) ينأى كل طرف عنه وينفيه كلما أشيع عنه وإنما هو (تقارب) معتبر وشرف يجب أن يدعيه أهله وفخر يجب أن يتقلد به صاحبه طالما به حفظت الدماء ونهضت الأوطان وجمع الله به قلوب العباد، فقد رجع النبي صلى الله عليه وسلم من الاعتمار مع أصحابه مع ما كان في ظاهره من صغار لأصحاب الموقف تغليبًا للمصلحة وصونًا للدماء. · عصمة دماء المصريين أمر مقرر في الشريعة والقانون والحفاظ عليه مطلب وطني خالص يعلو فوق أية مصلحة حزبية ضيقة أو رؤية سياسية معينة أو مصلحة شخصية تافهة والتقليل من شأن الدماء في الحراك السياسي مزايدة مرفوضة وتمحل مذموم. · تقدير الشرعية الشعبية والدستورية وضرورة مراعاتها عند أي اتفاق مزمع أمر لا تختلف عليه الأطراف كافة، بل هو أساس المنظومة الديمقراطية التي لا يسع أحد مخالفتها ممن ارتضاها سبيلاً للعمل الوطني ووضع تصورات متباينة لهذا الإرادة الشعبية، أمر وارد في ظل تعقد الموقف وترتيبات منهجية واعتبار الشرعية الشعبية أمرًا توافقيًا وليس ثابتًا لكل طرف يصر عليه. · إن التعاطي الأمني ليس حلاً للمشكلة ولا حلحلة لتعقد الموقف، وإن اختزال إنهاء الموقف الراهن في فض اعتصامات أو مطاردة لتجمعات سلمية تسطيح للشأن كله وتسفيه لأصحابه وإيهام للبسطاء ولا يمكن أبدًا أن تستقر في ظله أوطان ولا يتقدم معه مجتمع، فضلاً عن مخالفته لأبسط قواعد مكتسبات ثورة 25 يناير المجيدة. · التراشق العدائي وتبادل الاتهامات وانتقاص كل طرف لوطنية الآخر مظاهر لا تليق واتهامات تعقد المواقف وتزيد الشحن النفسي الذي قد ينفلت في صورة أفعال عدائية يجرمها القانون، وهي من جملة المحرمات الوطنية التي حرمتها الأعراف والديانات كافة، ويجب أن تتوقف عنها الأطراف كافة في أدبياتها وخطابها الإعلامي والجماهيري. · ضرورة أن تكون مبادرات حل الإشكال القائم وطنية خالصة والبعد تمامًا عن تدخل الأطراف الخارجية، كما يجب التوقف فورًا عن استدعاء هذه الأطراف تحت أي ذريعة، فإن التاريخ شاهد أنه ما من أزمة دولة إلا حل الخراب بوطنها والتمزق بأهلها. · إن المؤسسات الوطنية هي ملك للجميع ولا ينبغي الترويج للإشاعات بقصد النيل منها أو التعويل على حدوث أي تصدع في بنائها، كما لا يجوز استخدامها في حسم نزاع سياسي، فإنه من المستقر في السياسة المصرية منذ عهود هو نأي مؤسسات الدولة عن النزاعات السياسية والحزبية. · يضمن المخلصون من أهل مصر المحروسة ممن عرف عنهم الإخلاص والصدق بنود أي مبادرة اتفاق تفصيلي.