قالوا إن من باب الإنسانية، ومن بعدها الأديان، ويتبعها فى ذلك حقوق الإنسان.. إن دماء البشر معصومة إلا ما نصت عليه الأديان وما أُخذ عنها من قوانين وتشريعات. وفى أحداث الأربعاء 14 أغسطس من العام 2013 فى مصر حدث ما خالف ذلك، أنا هنا لست بصدد الحديث عن أى الفريقين كان على الحق وأيهما كان على الباطل، فربما قد فندت هذه النقطة مئات، بل ربما الآلاف المقالات التى كتبها آخرون على مدار الأسابيع الماضية، ومنذ أن تم عزل الرئيس المصرى محمد مرسى، وتم إسقاط الدستور وحل مجلس الشورى، وما تلى ذلك من أحداث، لكننا بصدد الحديث عن نقطة أهم من الديمقراطية والشرعية، وأهم حتى من الاستقرار المزعوم.. إنها الدماء!
لقد صار مشهد الدماء أمرًا مألوفًا لدى كثير من المصريين، باتت الجثث والضحايا لا تمثل لبعضهم سوى أرقام وأعداد تتناولها وزارة الصحة والفضائيات والصحف، لم تعد الأرواح ذات قيمة فى نفوس بعض الأحياء الباقيين على قيد الحياة، وهذا هو أخطر وأسوأ التحولات التى شهدها المجتمع المصرى منذ 30 يونيه 2013 حتى اللحظة.
يقول النبى الكريم: "لزوال الدنيا أهون على الله عز وجل من سفك دم مسلم بغير حق" و"لهدم الكعبة حجرًا حجرًا أهون من قتل مسلم"، لكن يبدو أن وقت الحديث عن الدين قد انتهى ومع تكرار بعض من يصفون أنفسهم بالنخبة بأن مصر دولة علمانية بالفطرة، لذا فإنه وإن افترضنا الدين ليس له تأثير أو وجود فى حياة المصريين، فهل يمكن للإنسانية أن تفى بالغرض؟
هل يمكن أن تعيد للنفوس عدم الرغبة فى القتل أو التشجيع عليه والمطالبة بمزيد من الدماء، حتى ولو كانت الغايات النبيلة التى يدّعيها البعض هى الاستقرار والهدوء والأمن؟ فقط أذكر بأن ما من استقرار يقوم على فوهات البنادق، ولا يجب أن ننتظر هدوء أو أمن طالما بقى الشارع منتفضًا والنفوس غير صافية أو متصالحة فى ظل إعلام يزيد من كراهية الآخر ويغذى الفتنة والانقسام.