انزعجت أطراف دولية ومحلية كثيرة من بياني الرئاسة المعينة وحكومتها ليلة عيد الفطر. فبينما أرادت الرئاسة عبر كلمة المستشار عدلي منصور نفض يدها عن الوساطات الغربية والعربية التي جرت خلال الأيام الماضية لتحليل ما سيحدث خلال الساعات أو الأيام القليلة القادمة، خرج حازم الببلاوي رئيس الوزراء ببيان يؤكد أنهم ذاهبون إلى فض اعتصامي رابعة العدوية وميدان النهضة ولن يتراجعوا عن ذلك مهددا المعتصمين بالرد بكل حزم وقوة في حال استخدامهم السلاح. الببلاوي الذي استقال قبل ذلك من حكومة عصام شرف احتجاجا على مذبحة ماسبيرو يكشر عن أنيابه في تطرف بالغ من أهل الحكم نحو استخدام القوة بغض النظر عن تكلفتها الدموية التي تعرفها أمريكا جيدا وتوقعها جون ماكين في مؤتمره الصحفي مع زميله ليندسي جراهام بأن مصر تفصلها أيام عن حمام الدم، ولذلك نصحت السفارة الأمريكية رعاياها بتجنب أماكن المظاهرات والاعتصامات وأخذ الحيطة والحذر من عنف محتمل. أمريكا - كما يقال - تعرف أكثر من غيرها، فلديها جهاز مخابرات قوي يسمع دبة النملة خصوصا في القاهرة التي أصبحت ساحة أثيرة ومريحة لكل أجهزة المخابرات العالمية لا نستبعد منها مخابرات بوركينا فاسو وجزر القمر! تعرف واشنطن جيدا كيف تم الإعداد لمظاهرات 30 يونيو والثلاثة وثلاثين مليونا التي احتج بها الانقلابيون للقيام بانقلابهم وهل هو رقم واقعي أم من صناعة كاميرا المخرج الشهير الذي كان على إحدى الطائرات التي قامت بالتصوير وأرسلت المشاهد إلى القنوات الفضائية الخاصة التي تقوم حاليا بعملية استحلال الدم الذي ينتظر مصر ومسلميها الخارجين من صيام رمضان. ندعو الله لمصر بالسلامة وللحكومة التي يعتبرها الغرب والولايات المتحدة غير شرعية أن تفكر أكثر في مصر وأن تقرأ على الأقل تصريحات الدكتور محمد البرادعي أبرز رجالات السلطة الانقلابية الكبار وأكثرهم حنكة سياسية وربما السياسي الوحيد بينهم في حواره مع "الشرق الأوسط" يوم الأربعاء الماضي والتي حذر فيها من هذا المنزلق ونبه إلى خطورة ما تفعله وسائل الإعلام من شيطنة مؤيدي مرسي والتأليب عليهم ومنبها إلى أن الاقصاء والاجتثاث الذي تشيطن من أجله البرادعي نفسه قد يذهب بالإسلاميين إلى العمل تحت الأرض مع ما يحمله ذلك من خطورة بالغة على الأمن والاستقرار. الببلاوي وبقية من يطلق عليهم صقور الحكومة يجرون البلد نحو مستنقع دماء لن يجف بمجرد اخلاء ميداني رابعة العدوية والنهضة. لقد حذرتهم واشنطن والاتحاد الأوروبي من الكارثة وعبرا عن قلقهما بمجرد صدور بياني الرئاسة والحكومة ليلة عيد الفطر، لكن الاستعلاء والكبر يعمي العيون ويحجر القلوب. لقد بدأ الإعلام على الفور حملة التمهيد لحمام الدم بالتحدث عن الأسلحة الثقيلة في رابعة التي يزعم أن المعتصمين يخفونها وهو الخطأ الكارثي الذي وقع فيه قائد دبلوماسية السلطة المعينة وزير خارجيتها نبيل فهمي عندما نسب المعلومات في هذا الشأن إلى منظمة العفو الدولية فأصدرت بيانا فوريا تنفي أنها قالت ذلك. شهدنا اعلاميين كانوا معروفين في عهد مبارك بعلاقتهم الوثيقة بأمن الدولة والنظام يتحدثون عن مقابر جماعية في مسجد رابعة العدوية لمن عذبهم المعتصمون حتى الموت ليجبروهم على البقاء، إضافة إلى مزاعم كاذبة عن أموال توزع على المعتصمين بما يحمله ذلك من الإشارة إلى علاقتهم بدول خارجية للاساءة إلى وطنيتهم وقضيتهم، وتوزيع الأطعمة بقسائم ووضع اسطوانات البوتجاز فوق العمارات تمهيدا لتفجيرها في حال اقتحام قوات الأمن للاعتصام. نحن الآن للأسف أمام شلة من المتطرفين يتبوأون المسئولية في السلطة الجديدة تحت غطاء إعلام محرض حتى الثمالة. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.