هؤلاء الذين يحرضون العسكر والشرطة على اقتحام رابعة العدوية والنهضة لا يريدون بمصر خيرًا. يريدون رسم خريطة من الدماء والثأر لن تنمحي بسهولة. إنهم يتقربون إلى البيادات لذلك الهدف الذي ستكون تكلفته البشرية باهظة للغاية، بل وكارثية بكل المقاييس. من يستمع إلى التحريض المستمر في فضائيات رجال الأعمال التي تتعبد هذه الأيام في محراب البيادات لن يفكر طويلاً في توصيف ذلك بأنه خيانة لمصر، وكم أتمنى ألا يقع القائمون على أمرها في الفخ المستطير وأن يكونوا مدركين للعواقب. لقد استمعت إلى الصحفي الكبير والمذيع الذي يكلم نفسه كل يوم لمدة ساعة في برنامجه وهو يهون من عملية فض الاعتصام منذرًا ومتوعدًا، خصوصًا بعد تفويض مجلس الوزراء لوزير الداخلية باتخاذ اللازم. ليتذكروا أن الاعتصامات والمظاهرات لم تنقطع عن مصر منذ رحيل نظام مبارك، وخصوصًا في عهد الرئيس مرسي الذي شهد أكبر عدد منها ومن قطع الطرق وترويع الآمنين. أذكرهم بغلق مجمع التحرير وتعليق لافتة "مغلق بأمر الثوار"، فكانت مصالح العباد تتعطل أيامًا وأسابيع بدون أن يخرج واحد من المحرضين، داعيًا إلى فض الاعتصام بالقوة. كانت خطوط السكك الحديدية تقطع في الأسبوع الواحد أكثر من مرة. وكان المتظاهرون ينامون على خطوط مترو الأنفاق فلم تتدخل وزارة الداخلية مرة واحدة ولم نسمع وزيرها غاضبًا أو مزمجرًا أو داعيًا إلى اجتماع لمساعديه لبحث خطة فض الاعتصام أو طالبًا من المعتصمين مغادرة المكان. أنصحه بألا يقع في غلط يعرفه الإعلام المحرض جيدًا ويدري نتائجه السيئة. القانون الدولي يعاقب بشدة على جرائم قتل المتظاهرين والمعتصمين. والمحكمة الجنائية الدولية لن تتورع عن إصدار أوامر الضبط والإحضار ضد المسئول عن ذلك مهما كان شأنه في بلده التي لن تجد مفرًا من إقالته وتسليمه. المسألة لن تكون نفخة هواء، كما ورد في استسهال الصحفي والمذيع المعروف. أبدًا أبدًا.. عندما تقتحم اعتصامًا من مئات الآلاف، فلا هواء عليل ولا ياسمين ولا استقرار بعد ذلك. نهر الدماء ليس له شاطئ وليس في وسطه جزر للاستراحة. أرجوكم تخلوا عن استعلائكم وضعوا مصر في خاطركم ولا تخاطروا برميها في النهر الأحمر. هل يقارن اعتصام رابعة العدوية والنهضة السلمي بإغلاق الطرق والسكك الحديدية وخطوط المترو ومجمع التحرير والمؤسسات الحكومية كدواوين المحافظات أثناء حكم مرسي؟.. أي خطر يشكلونه على الأمن القومي وهم لا يملكون إلا حناجر يهتفون بها في سبيل مطالب محددة؟! التحريض الحالي وما يقال عن خطط الاقتحام بمثابة إعلان حرب على سلام الوطن وأمنه واستقراره ولحمته الاجتماعية والدماء التي تنزف فيها ستعتبر دوليًا جرائم حرب. كنا نتمنى أن يكون عهد الحلول الأمنية قد انتهى، لكن إعلام البيادات يرمي أحجاره في هذا المستنقع، مع أنه يعلم جيدًا أن سفك الدماء لا يأتي بماء عذب. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.