ماذا يريد دعاة الإسلام السياسي من مصر وشعب مصر؟ ما إن انتفض المصريون ضد حكم الإخوان بعدما عانوا ما عانوه، وفاض بهم الكيل من الفشل الذريع الذي غرقت فيه البلاد وذاق مرارته العباد، حتى خرج علينا شيوخ أفاضل نُجلّ لحاهم.. ونحترم مكانتهم يصرخون داعين العالم الإسلامي إلى إنقاذ مصر من العلمانيين الكفّار، والليبراليين المشركين، وإعادة المحروسة إلى حضن الإخوان لتطبيق شرع الله وشريعته، مؤكدين أن هذا هو مطلب شعب مصر. وكما أن هناك «شيوخ فتن» تاريخهم مليء بإذكائها وإشعال نيرانها، يتسترون خلف مقولات حق يراد بها باطل، ومسائل خلافية تصلح للاستخدام على هذا الوجه أو ذاك حسب التوجه «السياسي» والمصلحة. كذلك فإن هناك رجال دين لا يهابون في الحق لومة لائم، والحمد لله أن هؤلاء تصدوا لأولئك وفضحوا كيدهم، ونشروا تاريخهم، وبينوا مقاصدهم حتى لا ينخدع بمعسول كلامهم أحد، ولا يندفع لتلبية دعاواهم نزق أو طائش ويكون الثمن نفوسًا حرّم الله قتلها، وبلادًا حرّم الله تخريبها. «الرسالة» التي وجهها فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي عبر قناة الجزيرة مناشدًا دول العالم – سماها بالاسم بلدًا بلدًا!! – أن تكون شهودًا على ما يحدث في مصر، والألفاظ التي وجهها إلى فضيلة الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر د.أحمد الطيب، والتي نعف عن ذكرها، كانت جزءًا من حملة منظمة شارك فيه الكثيرون غيره، وقد رد عليه بعض من علماء الأزهر، وأعتقد أنه تم تشكيل لجنة من كبار العلماء لإعداد رد على القرضاوي. أما شيخنا الجليل الآخر الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق فأصدر نداءً «ناريًا» بعنوان «انصروا شعب مصر» لاقى من النقد ما لاقى، وهاجمه وفنده شيوخ أجلاء أيضًا مثل الشيخ أبو عمار علي الحذيفي، والشيخ فيصل الجاسم وغيرهم العديد من أهل العلم والفقه. ولا يتسع مقال ولا حتى جريدة كاملة لشرح وجهة نظر الشيخين القرضاوي وعبد الخالق، ونشر عشرات الردود عليها حيث إن فيها الكثير من القواعد الفقهية، والتفسيرات المختلفة، والاستشهادات التي لن يعيها عقل مواطن مثقف، أو كاتب صحافي غير متخصص أو حتى طالب علم في غير معاهد الدراسات الدينية، فما بالك بالشعب المصري الوسطي.. البسيط الذي يعاني من نسبة أمية تتجاوز ال40 %، وتعليم تحولت مخرجات جميع مراحله من الحضانة إلى الجامعة إلى كارثة حقيقية، هذا الشعب الطيب وجد نفسه «ضحية» لفرق عدة من الدعاة ورجال الدين، كل منهم يدعي أنه على حق، ويستشهد بالآيات الكريمة والأحاديث الشريفة، ويقود حربًا شعواء لإقناع البسطاء بصحة وسلامة «وشرعية» ما يدعو إليه، والضحية الحقيقية هي «عقول» أبناء مصر ونفوسهم المعذبة بسياط الدعاة «المسيّسين». يا سادة يا دعاة، للأسف ليس فيكم العز بن عبد السلام، ليقول كلمة حق واحدة، فعودوا إلى طلاب علمكم ونحّوا عنكم «دنس» السياسة تعد إليكم هيبتكم واحترامكم. ويا شعب مصر أقول لكم قولًا واحدًا: «الفقه الإسلامي مليء بالآراء التي تؤدي إلى فتاوى متناقضة» فاستفتوا قلوبكم واعلموا أن المشاريع السياسية لا تهتم بدماء شباب المسلمين وشيابهم ونسائهم وأطفالهم، وأهل «الإسلام السياسي» يقدمون خططهم على إزهاق النفوس التي حرمها الله.. استفتوا قلوبكم.. وكل قتال لم يأمر الله به ولا استحبه ولا أباحه هو قتال فتنة فاجتبنوه. وحفظ الله مصر وشعبها من كل سوء. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. twitter@hossamfathy66