سبق لنا أن نوهنا فى مقالنا الفائت بأن ما نتعرض له فى مصر حاليًا من ضائقة مالية مستحكمة دعت الأشقاء العرب –كما العهد بهم - إلى المبادرة المشكورة منهم لنجدتنا بحزمة من المنح (التى لا ترد) ومن المساعدات التى رأينا أنها يجب ألا تكون قروضًا قصيرة الأجل، حتى ولو أضافت مصر جزءًا منها إلى احتياطى البنك المركزى لأغراض فنية واقتصادية سوف نسوقها فيما بعد، ومن ثم فإن رؤيتنا –لتلك المساعدات- أنها ما برحت تفضى فعلًا للهدف المبتغى. وفى معرض تلك المعالجة الفنية البحتة، ناقشنا بعض النقاط التمهيدية فيما يخص احتياطى البلاد من ناحية وظائفه وأساليب تكوينه. ونكمل اليوم الشطر الثانى من المقال الذى فى ختامه نصل إلى مرادنا فى إيضاح خطورة الديون قصيرة الأجل، وخطورة استعمالها فى سد عجز الموازنة العامة للدولة روافد الاحتياطى الأصل أن يزاد الاحتياطى باستدامة تدفق عدد من الروافد منها تحقق فائض بميزان المدفوعات، وعلى الأخص الميزان التجارى عندما تتجاوز قيمة الصادرات من السلع والخدمات لقيمة الواردات منهما، وذلك يستحيل تحقيقه فى مصر حاليًا للعديد من الأسباب الأمنية والسياسية التى يعرفها الكافة منّا وأسهب الكثير فى شرحها، وعلى أية حال نعرض لباقى الروافد كالآتى: 1-تحويلات العاملين المصريين بالخارج وهى قد زادت للضعف بعد ثورة يناير لتصل لنحو 21 مليار دولار استشعارًا منهم بالانتماء الوطنى لمصر. 2-استقرت رسوم العبور لقناة السويس عند نحو 5 مليارات دولار وذلك لارتباطها بحركة التجارة العالمية ولا يؤثر فيها الشأن الداخلى. 3- السياحة وكانت تدر وفقًا للمصادر الرسمية 5.12 مليار دولار بنهاية عام 2010 ثم انخفضت بعد الثورة بنسبة 80% . ومما يذكر فى هذا الشأن أنه ورد الكثير من التقارير العالمية ومنها المنقولة عن كل من الخارجية الأمريكية والسفارة الأمريكية بمصر بشأن الاتجار بالبشر والاستغلال الجنسى للنساء والأطفال تم تسريبها ونشرها على موقع ويكيليكس تفيد أن معظم نشاطات السياحة بمصر قبل الثورة كانت تشوبها أعمال مشينة ضحاياها النساء، والأطفال ما دون الثامنة عشر من العمر. ويمكن لأى مهتم أن يضطلع على ذلك من المواقع المنوه عنها حالًا. 4-عائد الاستثمارات الأجنبية: تأثرت بشده ووفقًا لمصادر حكومية فقد بلغت الاستثمارات الأجنبية عام 2009 نحو 13.4 مليار دولار، إلا أنها انخفضت بعد الثورة ففى عام 2012 بلغت نحو ملياري دولار أما فى عام 2013فقد بلغت أقل من مليار واحد. الاحتياطى والديون تكمن خطورة أن يكون زيادة الاحتياطى عن طريق القروض قصيرة الأجل فى أنها تحدث خللًا فى هيكل الدين العام الخارجى يخلق صعوبات اقتصادية ومالية فى إدارة هذا الملف تفوق قدرة الدولة. ووفقًا لتقارير وزارة المالية كان الوزن النسبى لتلك الديون (قصيرة الأجل) قياسًا إلى الاحتياطى بنسبة 18.7% فى يونيه 2012 ثم قفز بنهاية ديسمبر ليصبح بنسبة 44.3% ، وتشير التقديرات إلى أنه سيصل إلى 58.8% وذلك قبل حزمة المساعدات الأخيرة التى تلقتها مصر بعد يوليو 2013. ويمكن حصر المساعدات التى تلقتها مصر خلال السنة المنصرمة وتصنيفها إلى مجموعتين هما : 1- المساعدات التى قدمتها كل من قطر وتركيا وليبيا على الترتيب خلال العام، كالاتى: مساعدات قطر: بلغت وفقًا لتقارير وزارة المالية نحو 11مليار دولار تم تحويلها لمصر كالآتى: 1.5 مليار دفعه أولى منحه لا ترد، 2.5مليار لشراء سندات مصرية مصدرة بالعملة المحلية، 3 مليارات لشراء سندات دولارية، مليار دولار دفعة ثانية منحة لا ترد، 3 مليارات دولار وديعة بأجل ثلاثة سنوات بفائدة 3.5% . مساعدات ليبيا: قدمت وديعة بدون فوائد أودعت البنك المركزى المصرى بقيمة2 مليار دولار. مساعدات تركيا: قدمت ملياري دولار الأول وديعة، والمليار الثانى فى صورة خط ائتمان لتمويل مشروعات قومية، وقد وظف الشطر الأكبر منه لشركات الغزل والنسيج الحكومية، حيث تم شراء معدات غزل تركية، ومن المعلوم أن الصناعة التركية فى مجال ماكينات الغزل مشهود لها عالميًا. 2- المساعدات التى قدمتها الإمارات العربية والسعودية والكويت على الترتيب خلال يوليو 2013 على النحو الآتى: مساعدات الإمارات العربية: حولت إلى البنك المركزى 3 مليارات دولار عبارة عن مليار منحة لا ترد، و2 مليار وديعة بدون فوائد. مساعدات المملكة السعودية: حولت إلى البنك المركزى 5 مليارات دولار عبارة عن مليار منحة لا ترد، و2 مليار وديعة بدون فوائد و2 مليار مشتقات بترولية. مساعدات الكويت: وعدت بتقديم 4 مليارات دولار ، 2 مليار وديعة بدون فوائد، ومليار منحه لا ترد و مليار مشتقات بترولية. إلا أنها لم تصل ريثما يفصل فى دعاوى قضائية أمام المحاكم الكويتية مرفوعة من مواطنين كويتيين يطلبوا فيها وقف إرسال تلك المساعدات صونًا لثروتهم القومية. (وللحديث بقية) عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.