اتفق خبراء قانونيون ونشطاء حقوق الإنسان ومحللون سياسيون على ضرورة صياغة دستور جديد للبلاد بدلا من ترقيع دستور عام 2012 الذى وضعته جماعة الأخوان المسلمين المبنى على رؤية إيديولوجية وطائفية لا تتناسب مع معطيات القرن الواحد والعشرين ولا تتفق مع التطورات الدولية فى مجال حقوق الإنسان وقواعد الشرعة الدولية. جاء ذلك فى ختام اجتماع لجنة الخبراء التى عقدتها المنظمة المصرية لحقوق الإنسان الأربعاء الموافق 24 يوليو تحت عنوان "دستور مصر بعد ثورة 30 يونيه " لمناقشة المواد المطلوب تعديلها أو إلغائها أو إعادة صياغتها فى دستور عام 2012 المعطل، وهل الأفضل هو تعديل مواد هذا الدستور كما نص الإعلان الدستورى الذى أصدره رئيس الجمهورية المؤقت أما صياغة دستور جديد، وما هى المبادئ والمواد الأساسية المطلوب تضمنيها فى الدستور الجديد. و أجمع المشاركون فى الاجتماع ضرورة صياغة دستور جديد للبلاد لسقوط دستور عام 2012 اثر قيام ثورة 30 يونيه لعام 2013 وإعلان خارطة للمستقبل من قبل القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول عبد الفتاح السيسى فى 3 يوليو لعام 2013 تتضمن عزل رئيس الجمهورية وتعيين رئيس المحكمة الدستورية العليا رئيسا مؤقتا للجمهورية، وحل مجلس الشورى الذى كان يتولى سلطة التشريع. وأشاروا إلى أن المواد المطلوب إلغائها أو تعديلها تتجاوز ثلث مواد الدستور فضلا عن أن دستور 2012 يؤسس لدولة دينية أو شبه دينية، هادما بذلك أسس الدولة المدنية الديمقراطية التى ناضل الشعب المصرى إلى تأسيسها منذ 200 عاما واستخدام عبارات إنشائية فضفاضة ومطاطة غير محددة وغامضة مما يكشف عن جهل باللغة العربية وبالفقه القانونى والدستورى الذى يتطلب أن تكون صياغة المواد دقيقة ومحددة ليس لها إلا تفسير واحد فقط. و جاءت صياغة بعض المواد استعراضية للغاية، سببًا آخر لافتين إلى أنها تقحم على النص الدستورى الكثير من اللغة الأخلاقية ذات المضامين المطاطية التى تغير طبيعته وتهدد تماسكه. واقترح الخبراء المشاركون فى الاجتماع مجموعة من المبادئ والأسس العامة لتضمينها فى مواد الدستور الجديد، وهى :أن ينص الدستور الجديد على أن الاتفاقيات والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان جزء من التشريع المصرى إضافة إلى قيام الدولة على قواعد وأسس المواطنة باعتبارها دون غيرها مناط الحقوق والحريات العامة، واحترام الدولة وحمايتها للحريات العامة والخاصة وكفالة العدل والمساواة وتكافؤ الفرص لجميع المواطنين دون أى تفرقة أو تمييز وتأكيد التعددية. ومن بين الاقتراحات ان يتم النص على النظام الاقتصادى للدولة فى الدستور الجديد، والتأكيد على التنمية الوطنية الشاملة والمستدامة والمعتمدة على الذات والتى تهدف إلى تحقيق الرفاهية الاجتماعية وتلبية الحاجات الأساسية للمواطنين وتشجيع الاستثمار وحماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية وحماية المستهلك وتحقيق العدالة الاجتماعية وعدالة توزيع عائد التنمية على المواطنين، وربط الأجر بالإنتاج وتحديد الحدين الأدنى والأقصى للأجور. ونصت الاقتراحات على إلغاء مجلس الشورى وأن تكون السلطة التشريعية مكونة من مجلس واحد وهو مجلس النواب، وخاصة فى ظل الرفض الشعبى والمجتمعى له ومقاطعة الشعب له فى انتخاباته الأخيرة؟ ووضع صلاحيات كثيرة لم تعرف لأى مجلس تشريعى فى العالم فضلا عن التكلفة الاقتصادية التى تتحملها الدولة والتى تصل إلى 4 مليار جنيه فى الدورة البرلمانية الواحدة. كما نص على وجود آلية دستورية لسحب الثقة من رئيس الجمهورية طبقا للإرادة الشعبية، وتحديد الصلاحيات الأساسية لرئيس الجمهورية وكفالة وتعزيز وحماية قيم التعددية والنص على تعيين نائب للرئيس وأن يكون هذا المنصب بالانتخاب مع انتخابات رئيس الجمهورية مع وضع ضمانات استقلال السلطة القضائية وعدم الجور عليها، من قبيل ضمان استقلالية منصب النائب العام وأن يكون اختياره من قبل المجلس الأعلى للقضاء، وأن يكون اختيار أعضاء المحكمة الدستورية العليا من قبل جمعيتها العمومية. وأكد ضرورة بيان حقوق المرأة والمساواة بين النساء والرجال التأكيد على الدولة المدنية الديمقراطية وأن الشريعة الإسلامية والشرائع السماوية الأخرى والقيم العليا للأديان مصدر رئيسى للتشريع فضلا عن النص على انتخاب شيخ الأزهر ومفتى الديار المصرية. واقترح الخبراء إلغاء مادة العزل السياسى لجعل الفرصة للشعب لكى يقول كلمته الأولى والأخيرة فى المرشح وأن يكون الاحتكام للشعب والنص على لا مركزية الإدارة المحلية واستقلال الوحدات المحلية، وأن يكون تعيين القيادات المحلية طبقًا لشروط الوظائف الإدارية المدنية ومسابقات التعيين طبقا للوصف الوظيفى وواجبات واختصاصات الوظيفية، وتنظيم بناء الشراكات المجتمعية لمنظمات المجتمع المدني. وقرر الاجتماع تفويض عدد من الحاضرين بصياغة تعديلات مواد دستور عام 2012 وتقديمها للجنة القانونية المشكلة لتعديل الدستور فى حالة إذا لم تأخذ بمبدأ إصدار دستور جديد للبلاد بدلا من دستور عام 2012.