أعْلنت جماعة الإخوان المسلمين في مصر برنامجها لانتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى 2010، والذي ينطلق من شعار الجماعة "الإسلام هو الحل". ويتكون البرنامج الانتخابي للجماعة من 7 فصول، ضمت طرق إصلاح أحوال مصر داخليًّا وخارجيًّا، سواء كان سياسيًّا أو اقتصاديًّا أو اجتماعيًّا أو تنمويًّا أو قوميًّا. وبحسب ما نشر على موقع إخوان أون لاين، أكدت الجماعة في برنامجها أنها تخوض انتخابات التجديد النصفي لانتخابات مجلس الشورى؛ إيمانًا منها بضرورة القيام بالواجب الشرعي لتحقيق الإصلاح الشامل، وإزالة التعارض المزعوم بين مبادئ الشريعة الإسلامية وبين الدولة المدنية الحديثة، وترسيخ مبدأ الحرية لكل إنسان، والدعوة إلى قيام حكم رشيد قائم على العدل والمساواة بين جميع أفراد الأمة. وأضافت أن خوضها للانتخابات جاء تأكيدًا لعدد من الحقوق والمبادئ؛ كاحترام إرادة الأمة وتحقيق مبدأ الفصل بين السلطات والتداول السلمي للسلطة، ومبدأ استقلال القضاء، وحرية تكوين الأحزاب، وحق إصدار الصحف، فضلًا عن محاربة كل صور الفساد والاستبداد والانتهاك لحقوق الإنسان، ولتأكيد رفضها حالة الطوارئ وكل القوانين المقيدة للحريات، بالإضافة إلى سعيهم للمساهمة في تقديم الحلول العملية لمشكلات الأمة، وتخفيف الأعباء عن المواطنين، وتقرير حق أبناء الشعب في الاستفادة المتساوية من ثروات الوطن وموارد الدولة. وأكدت أن شعار الإخوان المسلمين- الذي تخوض به الانتخابات "الإسلام هو الحل"- يتفق مع العديد من مواد الدستور المصري، خاصةً المادة الثانية، وهو ما سبق وأكدته المحكمة الإدارية العليا، فضلًا عن كونه معبرًا عن هوية الدولة والأمة، ويحقق كذلك مبدأ المواطنة في أسمى صورها، ولا يفرق بين المواطنين على أساس الاعتقاد، أو اللون أو الجنس. وأكد برنامج الجماعة أن أهم أسس ومقومات الإصلاح المنشود هو تكوين قيمة كبرى للإنسان في ذاته، لأنه الأداة الفاعلة لكل تغيير أو إصلاح منشود، بالإضافة إلى أهمية توافر الحريات وحقوق الإنسان لكل أفراد الشعب، بغض النظر عن لونه وجنسه ومعتقده؛ لأن الحرية الكاملة للإنسان المصري هي مبدأ أصيل وحقٌّ من حقوقه؛ لذا يسعى الإخوان إلى ضمان وتحقيق الحريات والحقوق الأساسية لكل مصري في أي مجتمع متقدم، خاصة منظومة الحريات التي نصَّت عليها المواثيق الدولية، (فيما عدا التي تخالف الشريعة الإسلامية التي جعلها الدستور المصري المصدر الرئيسي للتشريع). وتحت بند الحرية وضعت الجماعة عددًا من المجالات، كالإعلام والثقافة والفن والمرأة والشباب والطفل والمواطنة، والتي أكدوا فيها أن المصريين- مسلمين ومسيحيين- (مجتمع واحد)، وجزءٌ متلاحم ومتكامل من النسيج الوطني، متساوون في كافة الحقوق، وعليهم كافة الواجبات، دون تمييز أو تفرقة وفق مبادئ الإسلام وقواعده، وأنهم شركاءُ في الوطن وبناة لحضارته، متضامنون في النهوض به والدفاع عنه من أي تهديد داخلي أو خارجي، مشدِّدين على رفضهم الفتنة الطائفية التي يعتبرونها ظاهرة دخيلة على المجتمع المصري المتماسك. وفي المجال السياسي، دعت الجماعة في برنامجها إلى إصلاح النظام السياسي للدولة؛ ليكون نظامًا ديمقراطيًّا في إطار الشريعة الإسلامية، والتي تقرِّر حق الفرد في المشاركة السياسية الفاعلة كأساس لترشيد القرار السياسي داخليًّا وخارجيًّا، وتأكيد أن الشعب هو مصدر السلطات، وأن حرية تداول السلطة تكون عبر الاقتراع الحر المباشر، وتحت الإشراف القضائي الكامل، وأن حرية الاعتقاد وحرية إقامة الشعائر الدينية لجميع الأديان السماوية واجبة، كما يجب تشكيل الأحزاب السياسية بمجرد الإخطار. وطالب البرنامج بأن تقتصر مدة حكم الرئيس على فترتين رئاسيتين، مع ضرورة تحديد صلاحيات رئيس الدولة، وابتعاده عن أي إطار حزبي بصفته (رئيسًا) لكل المصريين، مع أهمية إنهاء حالة الطوارئ، وإلغاء القوانين الاستثنائية المقيِّدة للحريات وتعديل المادة (76) التي تعوِّق ترشُّح المستقلين للانتخابات الرئاسية، وتعديل المادة (77) لقصر فترة الرئاسة على مدتين، والمادة (88) لتحقيق الإشراف القضائي التام على الانتخابات، وإلغاء المادة (179). وعلى صعيد الإصلاح الانتخابي، دعت الجماعة إلى أن تتولَّى لجنة مستقلة تتشكَّل من الهيئات القضائية فقط- وغير قابلة للعزل- مسئولية الإشراف الكامل على إدارة العملية الانتخابية والاستفتاءات، بداية من الدعوة إلى الانتخابات ومرحلة الترشيح والتصويت والفرز وإعلان النتائج، مع خضوع كافة الأجهزة التنفيذية والمحلية والأمنية التي تتصل أعمالها بالانتخابات (لهذه اللجنة القضائية المستقلة). ودعا برنامج الجماعة إلى إعادة النظر في الاتفاقات والمعاهدات الدولية- خاصةً كامب ديفيد- وعرضها على الشعب، وتفعيل جامعة الدول العربية بإعادة النظر في ميثاقها وآليات العمل العربي المشترك، وتفعيل الدور المصري الإفريقي، والمشاركة في كل ما يضمن حق الشعوب في الحياة الحرة الكريمة بعيدًا عن هيمنة الدول الكبرى. ودعت الجماعة إلى الاهتمام بضبط الأمن العام، مع تحقيق استقرار مؤسسات المجتمع ودعم سبل مكافحة الجريمة، وحماية الأخلاق، من خلال تبنِّي فلسفة تهتم بإصلاح أجهزة الأمن المختلفة، ودعمها وتحديد أهدافها في إطار حماية المجتمع دون تحيُّز أو انحراف. وشددت على ضرورة استقلال القضاء بإصدار قانون جديد للسلطة القضائية يكفل هذا الاستقلال بإلغاء تبعية التفتيش القضائي لوزارة العدل، ووضع حدٍّ لهيمنة السلطة التنفيذية على سلطة القضاء باستقلال موازنته واستقلال منصب النائب العام. وعلى الجانب الاقتصادي، قالت الجماعة إن أي إصلاح لا بد أن يعتمد على تبنِّي نموذج تنموي للاعتماد على الذات، من خلال تعبئة المدخرات المحلية والاستفادة من كافة الموارد المحلية "الطبيعية المالية والبشرية"، وإعادة النظر في الدور الاقتصادي للدولة، وشدَّدت على ضرورة توافر الشفافية، وقاعدة بيانات دقيقة، وخلق مناخ استثمار يتسم بالاستقرار والوضوح لمجموعة العوامل الحاكمة له. وعن برنامج الخصخصة، قالت الجماعة: إنها تثق في إمكانيات وموارد الاقتصاد المصري، وتؤمن أن قطاعاته الإنتاجية قادرة على النمو والتطور، من خلال مصادر تمويل محلية لو أحسن إدارتها، ولهذا يعتقدون أن بيع الأصول العامة ليس هو الشكل الوحيد المناسب للاقتصاد المصري إلا بعد الإجابة عن التساؤلات: "لماذا نبيع؟!، وماذا نبيع؟! وبكم نبيع؟! ولمن نبيع؟! كما أشارت الجماعة إلى ضرورة إلغاء الدعم المقدم للصناعات كثيفة وترشيد بعض بنود الدعم كمقدمة للصادرات وزيادة دعم المزارعين ودعم معاش التضامن الاجتماعي، فضلًا عن أهمية تعديل قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية لتحفيز المبلغين عن الجرائم الاحتكارية، مع تغليظ العقوبات على مرتكبي هذه الجرائم. واقترحت الجماعة- من خلال برنامجها- مجموعة من الوسائل لمحاربة الفساد تتلخَّص في تبنِّي نظام ديمقراطي يقوم على مبدأ الفصل بين السلطات، وسيادة القانون، وقيم الشفافية والمساءلة؛ بما يضمن خضوع الجميع للقانون، وضمان تنفيذ أحكامه، وتطوير دور الرقابة والمساءلة الجادَّة للهيئات التشريعية، عبر الأدوات البرلمانية، وتعزيز دور هيئات الرقابة العامة، والتركيز على البعد الأخلاقي في محاربة الفساد، وتشجيع الصحافة ووسائل الإعلام على كشف الفساد، وتعزيز دور مؤسسات المجتمع المدني في مكافحته للحد من خطورته. ولمواجهة الفقر دعت الجماعة إلى إعمال الزكاة والوقف بشكل حضاري، يُتيح فرص العمل للفقراء، ويقدم لهم إمكانيات التدريب، وإعادة توزيع الدخول للعاملين في الجهاز الإداري للدولة بما يحقِّق العدالة وتوفير الخدمات الأساسية الصحية والغذائية والتعليم والسكن لتنمية مستوى حياة الأفراد. ويتبنَّى برنامج الجماعة سياسة تهدف إلى حلِّ مشكلة البطالة، تتلخَّص في إعادة تشغيل الطاقات المهدرة والموجودة في مختلف قطاعات الاقتصاد القومي، وإعادة النظر في سياسة الخصخصة والعمل على تحسين مناخ الاستثمار والنهوض ببرامج الخدمات الصحية والتعليمية العامة، والتوسع في برامج التدريب للمهن اليدوية. وعن رؤيتهم في إصلاح المؤسسات الدينية، دعا برنامج الجماعة إلى تفعيل مجمع البحوث الإسلامية، وإعادة تشكيله بدمج هيئة كبار العلماء فيه، واختيار أعضائه بالانتخاب، واختيار الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر بالانتخاب، بالإضافة إلى تطوير قطاعات الدَّعوة والوعظ والإرشاد، والاهتمام بقطاع البعوث الإسلاميَّة، وتطوير مناهج التعليم الأزهري، بالإضافة إلى ضرورة إصلاح البنية التَّشريعيَّة والإداريَّة التي تحكم قطاع الأوقاف في مصر، وتحسين الاستثمار الاقتصادي لها، وتشجيع الوقف في المجالات الحيوية. وعن الكنيسة القبطيَّة المصريَّة قال برنامج الجماعة: "يرى الإخوان المسلمون ضرورة دعم دور الكنيسة المصريَّة في مجال صيانة قيم المجتمع وأخلاقياته، وكذلك مواجهة موجات الغزو الفكري، الآخذة في التَّنامي، والموجهة إلى المجتمع المصري والعربي والإسلامي، على أنْ يتمَّ ذلك عبر التَّعاوُنِ مع مُختلف مُؤسَّساتِ الدولة والمجتمع المدني المصري، وتطوير حوار بنَّاءٍ وفاعل بين الكنيسة من جهة والأزهر الشريف والأوقاف وسائر المؤسسات الإسلاميَّة المدنية الأخرى من جهة أخرى".