أخيراً وبعد معاناة طويلة لما يزيد عن عامين، وصلت ثورة يناير المجيدة إلى وزارة الثقافة المصرية، وبمجرد أن بدأ الوزير الثورى أولى خطوات التطهير فى مستنقع الفساد اليسارى الآسن، حتى خرجت علينا أبواق العلمانيين والشيوعيين فى إعلام الفلول والصحافة الصفراء كى تهاجم الوزير الجديد بأسلوبهم المتدنى المرتكز دوماً على ترديد الأباطيل ونشر السفاهات التى لا أصل لها، وانطلقت أوركسترا حظيرة فاروق حسنى فى معزوفة نشاز متصاعدة يوماً تلو الآخر ترمى الوزير بكل نقيصة، وتدعى أنه مجرد تابع للإخوان المسلمين وأنه لا ينتمى للثورة وغيرها من الأكاذيب، هذا مع الإعلان عن إضرابات فى فروع الوزارة ووقفات واعتصامات لكتبة اليسار وخريجى الحظيرة وكومبارسات الفن الهابط، كلها تسعى لإقالة الوزير مهددة بالويل والثبور وعظائم الأمور!! الوزير الجديد د.علاء عبدالعزيز الذى شارك فى الثورة، وكان من أبطال موقعة الجمل شأنه شأن أبطال الثورة الذين صمدوا فى وجه الهجوم البربرى، يتم اتهامه الآن بأنه دخيل على الثورة، والمثير للغثيان أن من يتهمونه بذلك هم سدنة مبارك عبيد النظام البائد وكتبة أمن الدولة ومثقفى العرى والإلحاد (يوسف القعيد، الغيطانى، بهاء طاهر، وحيد حامد، جابر عصفور، صلاح عيسى، أحمد عبدالمعطى حجازى... وغيرهم من خريجى الحظيرة الشيوعية)، رافعين شعارهم الأثير ((رمتنى بدائها وانسَلَّت)). لم يجن الرجل جرمًا، وإنما حاول القيام بالأمانة الملقاة على عاتقه من تطهير للوزارة، فتصدى للفساد المالى الفاضح فى إقطاعيات الوزارة المختلفة الموكلة للاتباع والمحاسيب من شذاذ الآفاق ومثقفى البورنو، ورفض منحهم رواتب ومخصصات دون أى عمل، كما منع توزيع المكآفات نظير إنتاج كتب ومجلات وصحف لا توزع سوى 10% من الأعداد المطبوعة!! مخطئ من يظن أن الحرب على الفساد هى السبب الرئيسى لتلك الحرب الشعواء على الوزير، فالدافع الأصلى لهذه الحملات الهيستيرية هو انتماء الوزير الجديد لخلفية فكرية إسلامية، فضلاً عن كونه ينتمى لمدرسة المفكر الموسوعى الراحل عبدالوهاب المسيرى، لذا فقد اندفعت كل مخلفات الفكر اليسارى الساقط كى تدافع عن مكتسباتها التى استولت عليها بالبلطجة والتدليس والسطو طوال 50 عاماً، كان فيها مثقفو السلطة الغاشمة وكهنة الاستبداد الذين يسبحون بحمد النظام ويباركون فساده مقابل إطلاق أيديهم فى الإعلام والصحافة والتعليم والثقافة، فنهبوا أموال الدولة ونشروا فكرهم الشيوعى العلمانى وحاربوا الإسلاميين، ساعين لمحو هوية مصر الإسلامية، لتنشأ أجيال من المصريين تتلقى فى التعليم وتستقى من الثقافة والإعلام أن الهوية المصرية لا تعدو كونها فرعونية أو قومية، كانت تلك هى بنود الاتفاق الأسود غير المكتوب بين الطاغية عبدالناصر وبين اليساريين والماركسيين، الذين ارتفعت أسهمهم مع ارتماء ناصر فى أحضان السوفييت أوائل الستينيات، وقد امتدت تلك السيطرة حتى الآن مخلفة أثاراً مدمرة على الثقافة المصرية التى تشوهت معالمها نتيجة الحرب الضروس التى استخدمت كل أساليب الكذب والتدليس والإفساد لمحو هوية مصر الإسلامية، والتى كادت أن تؤتى ثمارها لولا أن قيض الله لهذا الوطن رجالاً من الحركة الإسلامية نجحوا فى الحفاظ على تلك الهوية، بل وصبغوا المجتمع بالعديد من المظاهر الإسلامية. وقد تواصل الانحطاط فى منظومة الثقافة الحكومية التى انحدرت من الغمز فى الانتماء الإسلامى والتركيز على كتابات الشيوعيين وتوجيه الثقافة نحو الانتماء القومى العروبى فى الستينيات والسبعينيات، ثم توالى السقوط فى الوحل، فرأينا فى العقدين الماضيين إقصاءً تاماً لكل ما يمت للإسلام بصلة، ورأينا فى 1998 الاحتفال بمرور 200 عام على الاحتلال الفرنسى لمصر، والهجوم المتكرر من الوزير وأعضاء حظيرته على فريضة الحجاب وعلى مظاهر التدين المتزايدة فى المجتمع!!! ثم نشروا القصص والأشعار الإباحية الجنسية، ليتواصل السقوط بنشر وترجمة أعمال تغمز وتلمز فى العقيدة الإسلامية، حتى جاهروا بطباعة ونشر الكتابات التى تمس الذات الإلهية وتسب الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو ما تجلى فى أزمات عديدة، كان أشهرها أزمة نشر وزارة الثقافة لكتاب (وليمة لأعشاب البحر) للشيوعى السورى الملحد (حيدر حيدر)، والتى فجرها د.محمد عباس فى جريدة الشعب صيف 2000، (ما نتج عنه حل حزب العمل وإغلاق صحيفة الشعب)، إذ احتوت الرواية على سب صريح للقرآن وللرسول ولشعائر الإسلام وتعدٍ على الذات الإلهية، ورفض الوزير المشبوه الاعتذار أو سحب الرواية مدافعاً عن حرية الإلحاد ومهاجماً للإسلاميين المتشددين، بالإضافة لتوزيع جوائز الدولة على المهرطقين وحملة الشهادات العلمية المزورة والمتطاولين على الإسلام أمثال (نصر حامد أبوزيد، سيد القمنى ) !!!!! إن تلك المعركة الدائرة الآن تعد واحدة من أهم معارك التحرر الثقافى التى نمر بها منذ الاحتلال البريطانى لمصر، فنحن إزاء وزير ثورى من خلفية إسلامية يسعى لإصلاح منظومة الثقافة ويحارب لتطهير مستنقع الفكر اليسارى العفن الذى ابتليت به مصر سنين طوال. فنداء للوزير أن امضِ فى طريق التطهير ولا تبالِ بنعيق الفاسدين، فتلك معركة الثورة، بل معركة كل وطنى مخلص، وفى مقدمتهم الإسلاميون، الذين غُيبوا قسراً وطويلاً عن المشاركة فى البنية الثقافية المصرية . أحرامٌ على بلابله الدوحُ ..... حلالٌ للطيرِ من كلِ جنسِ؟ @ShahinFawzy