سيطرت أحداث نجع حمادي وإلقاء عبوة مشتعلة أمام المعبد اليهودي بالقاهرة على اليوم الأول من المؤتمر الثاني والعشرين للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية الذي بدأ أعماله بالقاهرة يوم أمس، وسط تأكيد المتحدثين على حق غير المسلمين في العيش بأمان واطمئنان على أموالهم ونفوسهم وديارهم باعتبار ذلك أحد أهم مقاصد الشريعة الإسلامية. ودعا الرئيس حسني مبارك في كلمة ألقاها نيابة عنه الدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء إلى تجديد الخطاب الديني، تكرارا لدعوته في أعقاب أحداث نجع حمادي، التي أسفرت عن مقتل ستة أقباط وشرطي مسلم الشهر الماضي، حيث ألقى باللوم وقتها على الخطاب الديني لكل من الأزهر والكنيسة. وقال مبارك إن الأحداث الإجرامية المؤسفة التي تشهدها عدد من البلدان الإسلامية بين حين وآخر والتي ترتكب للأسف الشديد باسم الدين تؤكد الحاجة لخطاب ديني ويدعمه نظام تعليمي وإعلامي يؤكد التسامح وقبول الآخر، وحث عقلاء الأمة من الكتاب والمثقفين ورجال الفكر على العمل من أجل محاصرة الجهل والأمية الدينية والتعصب الأعمى والتصدي لكل عوامل الفرقة والانقسام والتطرف. من جانبه، دعا الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر إلى ترسيخ القيم الإنسانية والتعايش المشترك بين أصحاب الديانات المختلفة في أجواء آمنة بعيدة عن أية اعتداءات تستهدف الآخر وتجعله غير آمن على حياته. وقال إن الاختلاف في العقيدة لا يمنع التعاون مع الآخر وقد رسم لنا القرآن الكريم معالم العلاقة مع الآخر في شتى بقاع المعمورة، حين قدم الكلمة الطيبة كأهم معايير العلاقة مع الآخر، وضرورة أن يشعر الآخر بالأمن والاطمئنان على ماله وعرضه وداره ونفسه بعيدًا عن الفهم السيئ لمقاصد الشريعة الإسلامية والركون لتفسيرات متطرفة. وأشار إلى المعنى ذاته الدكتور محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف مؤكدا أن تعاليم الإسلام ومقاصد الشريعة الإسلامية تسير في فلك الاعتراف بالآخر وإعطائه جميع حقوقه وعدم الاعتداء على ما له أو نفسه أو عرضه ما دام يعيش في آمان ولا يتبنى من التصرفات ما يضر بالآخرين، لافتا إلى أهمية الاعتداد بمقاصد الشريعة والبعد عن التطرف والجهل بهذه المقاصد. من ناحيته، دعا البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية في كلمته إلى أهمية فهم معنى عدم الإكراه في الدين بحسب آيات القرآن الكريم، مضيفا أن من واجب من يتحمس لدينه الدعوة له بالحكمة والموعظة الحسنة والاكتفاء بدور المبلغ فقط دون الحاجة لاستخدام العنف أو الأسلوب الفظ، مؤكدا أن هذا المعنى هو إحدى غايات الشريعة الإسلامية، دون أن يتطرق إلى استفزازات الأقباط أو الاعتراف بوجود متطرفين مسيحيين يحرضون ضد المسلمين. أما الدكتور محمد الشحات الجندي الأمين العام للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية فأكد على أهمية حفظ النفس والحق في الحياة فلا جرم أعظم عند الله من قتل نفس معصومة تتمتع بالحصانة ضد من يسلبها حق الحياة بصفتها الإنسانية بغض النظر عن دينها وجنسها، "إن الآدمي بنيان الله ملعون من هدمه"، وطالب المجتمع الدولي بضرورة تجريم ازدراء الأديان ومكافحة الزندقة والإلحاد وحماية حق الاعتقاد.