تصريحات الفريق أول عبد الفتاح السيسى بأن الجيش ليس حلاً ولن ينزل عاجلاً أم آجلاً للشارع وأن الوقوف أمام صناديق الاقتراع 15 ساعة أفضل من تدمير البلاد، وذلك على هامش حضوره "تفتيش حرب" فى الفرقة التاسعة مدرعات بالمنطقة المركزية، مؤكداً ضرورة وجود (صيغة للتفاهم فيما بينكم) يقصد الفصائل السياسية - النظام والمعارضة- .. الفريق السيسى كان صارمًا حازمًا فيما قاله زاد عليه بأن الجيش نار فلا تلعبوا به ولا تلعبوا معه، لتكون أقوى رسالة موجهة بصورة فورية للمنادين بنزول الجيش ومن دعاة للتوقيعات المليونية لتوليه المسؤولية، وهو ما يجب أن يستوعبه سريعاً كل من روج لهذا الخيار المر والمستحيل بنزول الجيش، من أصحاب القلوب المريضة المسارعين بإشعال نار الفتنة بالوقيعة بين مؤسسة الرئاسة ورئيسها المنتخب شرعياً ليهدأوا ويبحثوا في دفاترهم الفقيرة عن رواية أخرى قد تشفى غليلهم بعدما أحبطتهم تصريحات الفريق السيسى الصارمة التى لا تقبل الجدال، فالرجل يعرف بكل ما يدور على الساحة ويعلم مقاصد دعاة نزول الجيش والهدف من وراء دعوتهم الخبيثة، وما يروجون له من مخاطر غابت عنهم بعدم تقديرهم لموقف الجيش فى حماية حدود بلد قارب عدد سكانه على ال 90 مليون نسمة، وما يحيط بمصر من مخاطر تتطلب من جيشها أن يكون دائمًا على أهبة الاستعداد لمواجهة أى من هذه المخاطر وأقربها المواجهة مع إسرائيل التى قد تندلع فى أى لحظة بعدما تعالت نبرتها وعلا صوتها مع مرور عامين على الربيع العربي.. الوضع الراهن لابد من الوقوف عنده كثيراً فالتصريحات التى أدلى به الرجل الأول فى القوات المسلحة المصرية جاءت فى توقيت مهم للغاية وسط تحركات مؤسسة الرئاسة الدائم الداعى للنهوض باقتصاد مصر وزيارات الرئيس مرسى المكوكية بين دول الشرق والغرب لفتح آفاق أوسع وأرحب أمام المستثمرين الأجانب، والاستفادة من تجارب الدول التى مرت بسنوات شبيهة بالتى مرت بها مصر، وما ضربها من فساد دفع بعضها للإفلاس وآخرها البرازيل، التى تعد تجربتها الأنجح والأقوى على الإطلاق فى بداية الألفية الثالثة عالمياً، وانتقالها من مصاف الدولة الأكثر فقراً للدول الأقوى اقتصاداً فى العالم الآن، وبالتزامن مع هذه التحركات جاءت طمأنة قواتنا المسلحة لرأس الدولة بأنها تقدر جهوده وتقف فى ظهره لمواصلة إنجاز السياسات المهمة فى وقت حساس لتكون لها إيجابياتها بما يخدم البلد وشعبها، وذلك على لسان المسؤول الأول فيها بأنه لن يسمح لإشاعة الفوضى وتعطيل عجلة دارت بالفعل من أجل أن تستعيد مصر عافيتها ومكانتها إقليمياً ودولياً، بسياسات النظام السابق المنكفئة على نفسها والفاشلة فى توجهاتها مع دول العالم، وهو ما يحاول مرسى استعادته بدعم من قواتنا المسلحة بمساعدته بشكل واضح، وتوفير له الأجواء الصحية للعمل، بطمأنتها الدائمة لمؤسسة الرئاسة بأنها تعمل تحت منظومة الدولة الشرعية، ولا ترغب فى لعب أى دور يروج له الكارهون لمرسى ليس إلا..!، وليتهم هذه المرة يقدرون موقف القوات المسلحة ويشيدون بولائها لمصر ويثمنون من موقفها، والتأكيد على أنها خارج كل الحسابات السياسية، والتفرغ لعملها الحقيقى بحماية حدود الوطن لكنهم لن يفعلوا.. وليس الانجرار وراء من يعانون من حالة الشبق السياسى الدائمة بالعمل على هدم الدولة والوقيعة بين مؤسساتها بإثارة البلبلة كلما اتجهت الأمور للهدوء، وثبت الرئيس مرسى من قدميه ومعه حكومته نحو عمل شيء لهذا الشعب المطحون، الذى لم ولن يكون مع نزول الجيش للشارع لتضييع الوقت وخلق نوعاً من الفرقة، مضيعاً بطولاته ليرضى حفنة الحاقدين على النظام وليس المعارضين بما تحمله كلمة معارضة من معنى حقيقى، والوقت الآن فى صالح مرسى بعدما أصر معارضوه لحرق أنفسهم بأنفسهم مرة بتأليب الجيش ومغازلته بالحب والهيام وإعطائه الضوء الأخضر لينقلب على الشرعية، وهو ما فطنت له قواتنا المسلحة الباسلة، والتى قررت أن تحترم الشرعية والديمقراطية، وتدافع عن خيارات الشعب فمن يقوده، فتأكيد الفريق السيسى بأن اللجوء للصندوق هو الفيصل والأفضل وعلى الجميع أن يرتضى بنتائجه قد وضع حداً للجدل الدائر، ولا علاقة للجيش بأى فصيل يحكم بقدر ما تكون العلاقة مبنية على الاحترام والتعضيد من موقفه بأنها المؤسسة الحامية لشرعيته.. والآن وبعد أن وضحت الرؤية بأن الجيش خارج اللعبة، فليس أمام فصائل المعارضة إلا أن تعمل فى إطار ما كفله لها القانون، وتكون حريصة على الشرعية أكثر من النظام الحاكم نفسه، لأنها ببساطة ارتضت بالديمقراطية وعليها أن تتحمل ذلك، وتكثف من جهودها لإسقاط النظام الحالى عن طريق الصندوق غير ذلك لا جدوى من وراء مساعيها وحالة الشبق السياسى الدائم التى تعيشها سوى تضييع الوقت.