تناقلنا العادات والتقاليد ونحينا الدين جانبًا حتى غلبتنا العادات وصارت دينًا يحرك أهم العلاقات الإنسانية، وهي علاقة المرأة بالرجل كزوجين.. فصارت قلة قليلة هم من يعرفون أول حقوق الزوجة على زوجها، وهو أن يؤسس لها منزل الزوجية دون أن يطالبها بأي مشاركة في أثاث منزلهما.. فعليه التأسيس على قدر إمكاناته وعليها الطاعة والرضا بظروفه المادية.. نعم عليه وحده تأسيس المنزل كاملًا. فكيف لرجل مسلم أن يقبل على كرامته أن يضع له رجل لا يعرفه (حماه) مليمًا في تأسيس منزله أو كيف يقبل على رجولته، أن يؤسس منزله بأموال امرأة (سواء عروس المستقبل أو أمها) ويزداد الطين بلة أن تكون حماته أرملة فتتسول من الناس لتشتري جهاز ابنتها، التي ضاعت مروءة زوجها، وهو يفرض عليها نصف جهاز بيته على أقل تقدير.. إنها الرجولة المفقودة التي لا تقبل القسمة على اثنين.. فالرجل الحقيقي لا يقبل بحال من الأحوال أن يتلقى أموالًا لقيطة، لكي يؤسس منزلًا هو المسئول الأول عن تأسيسه، وهو المطالب شرعًا بذلك، هو الاختبار الأول لرجولته وقوامته على زوجته بعد الزواج.. إذن فمن أين أتتنا تلك العادات المقيتة حتى صارت الفقيرة تتسول جهاز بيتها ويذهب ماء وجهها بحثًا على الصدقات ظنًا منها أنه واجب عليها، وصار الأب يقترض ويضيق على أولاده من أجل جهاز بناته.. تلك العادات أتتنا ابتداء من عدم قبول الزوجة المقتدرة بحال زوجها المادي.. فساعدته ثم تناقلت بيوت المسلمين العادة ظنًا منهم أنهم يساهمون في حل الأزمات وإسعاد بناتهم.. فظهرت أزمة تضيع بعض الأزواج لحقوق زوجاتهم فبحثوا عن حل فابتدعوا قائمة المفروشات المقيتة، فصارت الأنثى تضع أحلامها في قائمة مفروشاتها، مما استطاعوا شراءه، ومما لم يستطيعوا وصار عرفًا ولزامًا على الرجل أن يضع إمضاءاته الكريمة على القائمة حتى لو أتى هو بكل شيء وأسس منزله من الإبرة إلى الصاروخ. والأعجب أن صرت تسأل المشايخ فيقرون بالقائمة ويبقون على أعراف الناس التي ما زادت الناس إلا مشقة وما ما زادت المجتمع إلا فسادًا.. ففشل جلسات التفاوض على الزواج في أحيان كثيرة، والفشل الزوجي يكون سببه تلك البدعة! فتلك تحلم بطاقم صيني ربما يتقارب ثمنه مع ثمن إحدى الحجرات والعريس يمضي ولا حول ولا قوة إلا بالله.. تلك العادات آن الأوان أن نثور عليها وننفض عنا الرضوخ والاستكانة. والأعجب أن الرجل يرضخ متخيلًا أنه بذلك يجد من تساعده على تأسيس منزله ولكنه سراب يحسبه الظمآن ماء.. فلو تركوا الرجل لحاله يؤسس بيته بالأساسيات فقط، التي يستطيع أن يبدأ بها حياته لأغنته 6 من الأكواب عن أطقم عديدة من الزجاج والكريستال. ولأغناه المسجد عن حفلات الزفاف باهظة الثمن.. ولأغناه المهر البسيط عن الذهب.. ولكنها المظاهر التي تطيح بالشباب.. فكم من خطوبات استمرت سنوات، والشاب والفتاة يتبادلان الحب بينهما، وربما انزلقا إلى الزنا- والعياذ بالله- أو مقدماته دون التفات لحرمته، مستندين إلى عاداتهم منتظرين استكمال جهاز المنزل على أكمل وجه، والادخار لفرح يرضي طموحهم والفستان والعزايم إنها فوضى العادات، التي نعيشها في بلادنا النامية والكوميديا في الأمر أن ترى الزوج الثري ينتظر من زوجته المشاركة في الأساس والفقير يقضي سنوات خطوبة ليؤسس منزلًا فاخرًا.. وعلى النقيض نرى الأجانب ممن يتمتعون بحياة مرفهة قد يسكنون الشقق الاستديو المكونة من غرفة واحدة، ويشترون الحد الأدنى من احتياجاتهم فقط، ويعملون أفراحهم في الكنائس ويقدمون الخاتم ذا الفص الواحد في الخطوبة.. مفارقات تزهل لها العقول.. وأخيرًا المؤخر وما أدراك ما المؤخر هذا الذي مفهومه شرعًا هو ما تبقى من مهر لا يستطيع الزوج أداءه فيرجئه إلى وقت آخر بعد الزواج.. فيصبح عادة وثقلًا على كاهل الزوج لا يستطيع أن يعقد على زوجته دون أن يسمي لها مؤخرًا مهما قدم من مهر مقدمًا وصارت الفتيات تتباهى بمؤخرهن.. شيء له العجب حقًا.. إذا تخيلتِ نفسك سلعة فلماذا تجبرين من يشتريكِ على التقسيط فيدفع قسطًا مقدمًا وقسطًا مؤخرًا، إذا كان الرجل مقتدرًا ويستطيع أن يوفيكِ مهرك كله مقدمًا. في رأيي إن عادة مشاركة المرأة في الجهاز وعادة القائمة وعادة المؤخر هي أمور لم يحسن الشعب المصري استخدامها.. وخلط بينهم خلطًا أطاح بشبابه والأمر أيسر بكثير.. على الرجل تجهيز منزله بالأساسيات حسب قدرته وعلى المرأة القبول بإمكانيات زوجها وعدم انتقاص من قوامته، وعلى الرجل تقديم مهر يسير خالص لزوجته على قدر استطاعته.. وعليه أن يتمسك بواجباته، التي فرضها الله عليه لأنها حائط الصد المنيع، الذي يحمي كرامته ورجولته.. هنا فقط سيكون الرجل رجلًا والمرأة امرأة.