رغم ما يمر بنا من أحداث ومؤامرات ليل نهار لا يكل مدبروها ولا يملون, إلا أننى أجد نفسى متفائلاً بالنصر القريب الذى تشرق شمسه ويلوح فجره من بين براثن الظلام الحالك. كما قال أحمد محرم: رأيت النصر أمرًا مستطاعًا *** وأسد الغيل تأبى أن تراعى وكما قال فى موضع آخر: أيها القائد العظيم تقدم *** أنت بالحرب والكتائب أعلم يطلع النصر من لوائك فجرًا *** فى دياجى الوغى إذا النقع أظلم وفى موضع ثالث: لا يجزع القوم إن السيف مرتدع *** عما قليل وإن النصر قد أزفا فحالة الإفلاس التى وصلت إليها قوى الظلام، قد بلغت قمتها بعد أن دخلت تلك القوى فى سلسلة متعاقبة من الفشل المستمر، محاولين الوصول إلى السلطة بإفشال الرئيس المنتخب وحزبه ومشروعه, بما يملكون من أياد خبيثة فى كل أجهزة الدولة ومؤسساتها، خاصة القضاء والإعلام والداخلية, منفقين على ثورتهم المضادة مالاً حرامًا سرقوه واغتصبوه من دماء شعبنا المظلوم, ترعاهم بالتخطيط وبالمال أيضًا, قوى خارجية تسوءها أن تنهض مصر، وتتقدم لما يؤثر على مصالحهم وأمن نبتتهم الشيطانية فى المنطقة. وقد مرت تلك الثورة المضادة حتى الآن بمراحل أربعة: 1- مرحلة الرفض: حيث لم تستطع تلك القوى والمؤسسات تقبل: أ- أن هناك ثورة قامت, ستستعيد منهم ما اغتصبوه من مال وسلطة وستزج بهم جميعا إلى السجون حتى ولو طال وقت تشويشهم وفوضاهم, وشاهد هذا فى: 1- الإعلان الدستورى الذى استبق به المجلس العسكرى نتائج انتخابات الرئاسة، والتى كانت تذهب بصورة واضحة إلى الدكتور مرسى. 2- تعامل المشير طنطاوى والمجلس العسكرى مع الرئيس مرسى كزميل فى رئاسة مصر. وتعامل الإعلام وكل المؤسسات مع هذا الحلم كحقيقة وواقع. ب- أن المزاج الانتخابى للشعب المصرى هو للإسلاميين فى أكثريته. 2- مرحلة الاحتواء: حيث سعت تلك القوى الظلامية إلى محاولة احتواء الثورة وتقبل التعامل مع الواقع الجديد المغاير، الذى يقوم على حرية العمل السياسى واعتماد الديمقراطية كطريقة حكم, واعتبار أن أصوات الجماهير هى الفيصل الوحيد لاختيار من يقودها, فكان تأسيس أحزاب فلولية جديدة بأقنعة ثورية, والدخول فى أحزاب بالفعل قائمة شرط تمويلها والصرف عليها, بالتالى توجيهها, شاهد هذا فى: محاولة حزب الدستور كسب الشارع عبر مهرجانات تخفيضية ومعارض جماهيرية للملابس والكتب والأدوات المدرسية والأجهزة المنزلية والمواد التموينية. 3- مرحلة العنف: وتأتى هذه المرحلة بعد استصعاب القوى الظلامية لهذا الطريق الديمقراطى الشاق الذى يتطلب وقتًا وتنظيمًا وجهدًا وكوادر مطيعة متجردة ثابتة, وهذا ما لا يملكون ولا يستطيعون, فالسهر والتنظير والسفسفطة فى القنوات الفضائية المكيفة المريحة أسهل بكثير من هذا الطريق الشاق, فجمع شملهم وتوحد سلاحهم, فكانت جبهة الخراب وكان المولوتوف والفوضى وميليشيات البلاك بلوك, ما أسهله وأسرعه من طريق.. وقد انتهت (كخيار) هذه المرحلة إلى الإيمان بعدم جدوى العنف، نظرًا لعدم تقبل المجتمع لهذا السيناريو. 4- مرحلة استدعاء العسكر والاستقواء بالخارج: وقد أتت بعد استنفاذ الجهد فى كل ما تقدم والوصول إلى القناعة المؤلمة بعدم قدرتهم على التغيير بأى طريقة تذكر، رغم كثرة وتوافر كل الأدوات اللازمة للانقلاب الناعم, وإبعاد الإخوان المسلمين عن سدة الحكم وقطع الطريق عليهم قبل أن يحققوا نجاحات تضمن لهم البقاء على رأس الأمر على غرار تجربة العدالة والتنمية فى تركيا, ولكن قدر الله أن الفريق السيسى ومن معه من رجال كانوا على قدر المسئولية الوطنية التى منعتهم من السير فى هذا الطريق الانقلابى المكلف. أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]