وللإجابة تعالوا نستعرض معاًً نموذجاً حديثاً لنهجنا فأقول: خبطت كفاً بكف، بعد اطلاعى على خبر عرض مؤسسة الرئاسة، عبر أحد أعضاء جبهة الخراب، كى تقدم اقتراحاتها بشأن التعديل الوزارى، ثم حمدت الله عندما اطلعت على خبرٍ لاحق، يفيد بأنهم رفضوا العرض الرئاسى واعتبروه يفرق صفهم، وأن على الرئاسة أن تخاطبهم مجتمعين، وإلا "هيعيطوا وهيكلوا فى بعض من الغيرة"، بينما لو كنت مكانهم لاستثمرت العرض فى ملاعبة الإخوان، والحمد لله على ما يتحلون به هؤلاء، من عجز فكرى وفلس سياسى. دعوة هؤلاء من قبل الرئاسة، وخاصة أن طلباتهم لن يُستجاب إليها غالباً لاستحالتها المعتادة، يعود بنا إلى نهج الطبطبة والعشوائية ووجع الدماغ، وفكروا قليلاً أيها الإخوان فالأمرُ ليس لغزاً، كما أن شئوننا المصرية لا تُدار عبر الأمانى الزائفة، مثلما لا تُدار أيضاً عبر الهواجس المرضية، وسأظل أكرر وأكرر أن مشاكل مصر بل وأغلب المصريين، مرجعها غياب الإدارة. مشكلة الإخوان السياسية بل والفكرية إجمالاً بعد الثورة، بدأت حين ربطت نفسها بخصومها السياسيين، بينما لم تكن الجماعة ومبكراً فى احتياج إلا لإعلان مبادئ عامة ثم تجنح إلى شيء من «الصمت السياسى»، وتجاوز للخصوم عبر الأفكار المبدعة الكبرى والعمل على الأرض وسط الناس، ولم يكن لذلك أن يتحقق، إلا عبر «غرفة إستراتيجية» نصحناها بها مبكراً أن تعمل من خلالها، وتخلفت الجماعة وما زالت عن تدشينها. أبداً لست ضد توفير الأجواء السياسية الصحية عبر التواصل مع الخصوم، ولكن أى خصوم؟ الخصوم الواعون بقواعد الديمقراطية التى يدعونها، وبصراع السياسات والبرامج والأفكار إجمالاً، لكن هؤلاء المعوقين/2011، ثم لاحقاً المخربين، لم يكن ينفع معهم لكى نوفر قدراً معتبراً من الأجواء السياسية الهادئة، إلا تجاوزهم، وقد شرحنا ذلك مراراً وتكراراً، وتحديدًا بدءاً من الأيام الأخيرة من فبراير 2011، ثم ظللنا نُلح بعد الاستفتاء وإلى اللحظة!.. وكان يأتينى من الإخوان «أننا نسعى للتوافق»، وكنت أقول لهم هذا «توافق غبى ولن يتحقق»، ثم أكرر النصيحة الإجمالية التى أسلفتها، ولا حياة لمن تنادى!.. إلى هنا، وبعد كل مشكلة كنا نقول، أبداً لن نيأس ودوماً ثقتنا فى الله، أن الحلَ دائماً ممكنٌ ومتاحٌ، فقط علينا ابتداءً أن نتعرف على أسباب مشاكلنا، وعوار نهجنا، ثم ننفتح على الإبداع. نحن غالباً أسرى للهواجس المرضية من جانب، ومن جانب آخر للأمانى الزائفة التى لا علاقة لها بالطموحات، ومن ثم فنتاجنا إما جزئى أو أعمال صغرى. بينما الطموحات فهى تلك التى يتخيرها المعايشون المستشرفون المحلقون المبدعون المترجمون، المعايشون لواقعهم، المستشرفون لاحتياجاته، المحلقون فى «العلالى» الراصدون للحالة بشمولها، والمبدعون للمشروعات العظمى الكلية والولادة، هؤلاء هم فقط من يستطيعون ترجمة ذلك كله، إلى رؤى وسياسات عامة وأخرى نوعية ثم برامج تنفيذية، يعنى وإجمالاً أنهم أصحابُ نهجٍ مبدعٍ فى التفكير ونهجٍ مبدعٍ فى الحركة، وإنجازات كبرى على الأرض. الخلاصة، أن لدينا مشكلة نفسية وأخرى مع الأسباب التى حضنا ديننا الشامل عليها. استخدمنا كثيراً الدفوع النفسية وتوسعنا فى «الاحتيال» اعتقاداً زائفاً منا أنه فى نطاق المشروع، لدينا مشكلة مع «الإخلاص» والثقة فى النفس بعد الثقة فى الله، وإلا فمَن يبرر لنا الانغلاق على النافع وتكرار الأخطاء، والاحتيال فى مواضع لا يجوز فيها إلا الصدق والمواجهة، وأخرى لا يجوز فيها إلا الصدق والاعتراف؟ نحن أنصار التيار الإسلامى العريض، قد قدرنا المنحة الإلهية العظيمة التى منحها الله سبحانه وتعالى، باعتلاء الإخوان المسلمين لموقع خدمة مصر وشعبها، حق قدرها وحمدناه سبحانه وتعالى عليها، بينما لا نشعر أن الإخوان قد وعوا قدر هذه المنحة، وعملوا على النجاح فى الاختبار. الإخوان لا يدرون أن التنافس السياسى القادم، سيكون مختلفاً، وسيكون محوره الرئيس، الاقتصاد. تعوز جماعة الإخوان المسلمين، ونحن معها، إلى الوعىٍ بشمول الدين الخاتم، ونسأل الله سبحانه وتعالى، النجاة. * أقسم بالله أن قضاءنا يحتاج إلى تطهير، شأنه شأن كل أوجه حياتنا العامة، كما لا نخلو نحن أيضاً من عوارٍ يحتاج إلى علاجٍ، ولكن.. ولكن نبهنا أن كفانا عشوائية وتعاطٍ أرعن مع شئوننا العامة، وأن تفريطاً فى الهيبة يزداد يومياً، وسؤالنا كان، ماذا نريد من القضاء فى هذه المرحلة «البايخة»، وخاصةً أننا تخلفنا مبكراً مرتين عندما كان الأمر «ممكناً»؟ نريد الآن ومؤقتاً، أمورًا ثلاثة فقط، ومن سيعترض من القضاة عليها، سيكون اعتراضه «كاشفاً» ولا أزيد، وهى: الأول: فهم واحد من كافة الهيئات القضائية، لكافة النصوص الدستورية والقانونية. الثانى: توسيع وتفعيل صلاحيات التفتيش القضائى، وضمان اختيارات القائمين عليه. الثالث: تأمين معايير راقية، عادلة وشفافة، للالتحاق بالسلك القضائى. إلى هنا، فيا أيها الإخوان، سنوا مواد قانونية، تحقق لنا هذه الثلاثية، بل وغيرها مما لا يمكن إلا لغير النزيه أن يعترض عليها، دون أدنى تقصير فى النصوص، يعنى قدموا لنا نصوصاً محكمة «ما تخرش ميه». وأرجئوا أى تعاطٍ مع قانون السلطة القضائية بشموله، إلى ما بعد الانتخابات البرلمانية القادمة، التى يجب أن نحمى نزاهتها، ولكن هذا موضوعٌ آخر. * الجهد الفكرى لتحصين الأغلبية الإسلامية فى الحقل السياسى، والحفاظ وتأمين الأصوات الانتخابية، ومن ثم جهوزية البديل الإسلامى / الإسلامى لحين الضرورة، كان ويجب أن يظل شغلنا الشاغل، فى التيار العريض بإذن الله، رغم الصعوبات التى صنعناها بأنفسنا، ومازلنا للأسف. محسن صلاح عبدالرحمن [email protected]