رأت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" – الأمريكية - أن الرئيس محمد مرسي يعتبر نفسه زعيمًا يتصدى للمؤامرات التي يُحيكها رجال أعمال فاسدون، وشخصيات غامضة تتآمر من داخل بيروقراطية واسعة تعجز بطانته الإسلامية عن ردعها. وأوضحت أن مرسي يري أن عدوه الفعلي والأكثر خطورة هو ما يعرف باسم الدولة العميقة والتي يري أن ممثليها هم المحاكم، والشرطة ووكالات الاستخبارات التي تكونت على مدى عقود من نظام المخلوع العلماني والتي تعمل من وراء الكواليس، وليس الإضرابات العمالية، أو حشود الطلاب أو حتى التظاهرات ضده. وقالت إنَّ العديد من رجال الاستخبارات والشرطة لا سيما الموالين للنظام السابق يخشون من أن يتجه مرسي بالدولة نحو أصولية إسلامية بعيدا ًعن تحالفتها الغربية. ووتابعت أن مرسي وأنصاره يتهمون "الفلول" بمحاولة عرقلة المرحلة الانتقالية التي تشهدها مصر بعد الثورة، لافتاً إلى أن الموقع الإلكتروني لجماعة "الإخوان المسلمين" يُعزي حالة التسمم في الطعام التي هددت حياة ما يقرب من 500 طالبًا أزهريًا إلى أن الدولة العميقة هي التي خططت لها لتشويه صورة مرسي. وقالت الصحيفة الأمريكية إن الإجراءات الأخيرة التي اتخذها الفضاء تشير إلى أن مؤسسات الدولة في الحقيقة تسعي لتحجيم سلطات مرسي؛ إذ قام بتجاهل الدستور الذي مرره مرسي رغماً عن رغبة الكثيرين، فضلا عن القرارات القانونية التي تبنتها لتتحدى سلطة مرسي. وأضافت أن المحكمة قضت بتأجيل الانتخابات البرلمانية رغم معارضة الإخوان لذلك وطالبت الرئيس بإعادة النائب العام إلى منصبه بعد أن أقاله خلال محاولته أحكام قبضته على سُدة الحكم في نوفمبر الماضي. وأوضحت أن تلك الأحكام جاءت بينما مسؤولون في الشرطة وأجهزة الاستخبارات – أولئك يمثلون الدعامة الأساسية لقوة مبارك – يعملون على التشكيك في شرعية الرئيس الإخواني. وقالت إن خصوم مرسي السياسيين يرون بأن مرسي يبالغ في قوة النظام المُطاح به؛ وأنه يرغب من وراء ذلك ببساطة أن كسب ولاء الشعب له، بينما يقول النقاد بأنه يتبنى تعزيز المحسوبية والسلطوية كما سلفه المخلوع ولكن في نسخة إخوانية. وأشارت إلى أن الجماعة تدعم مشروع قانون في مجلس الشورى الذي تهيمن عليه من شأنه تهديد استقلال القضاء ويجبر ما يقرب من 3,000 قاض على التقاعد المبكر من مناصبهم، وأضافت أن القضاة يزعمون بأن التشريع يهدف إلى استبدالهم بآخرين موالين لأجندة الإخوان لافتًا إلى تظاهر الآلاف من أنصار الجماعة الجمعة الماضية للمطالبة "بتطهير القضاء". ونقلت عن الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة – قوله: "إن مرسي وجماعته قد كشفوا للشعب أنهم بلا خبرة في الحكم وأنهم يسعون للهيمنة والاستيلاء على السلطة بجشع... هناك شعور سائد في الشارع المصري بأن الثورة قد سُرقت وبأن هناك محاولات لأخونة الدولة". وقالت "لوس أنجلوس تايمز" إن صورة الجماعة قد اهتزت في أعين الكثير من المصريين بعد الثورة، ففي السابق كانت الجماعة الممثل الوحيد للصوت غير الفاسد ضد النظام؛ لكن بعدما وصلت إلى سُدة الحكم أصبحت تُقارن بالحزب الوطني المُنحل، لافتاً إلى أن المحكمة كانت قد قضت بعدم شرعية الجماعة مُستندة إلى حكم قضائي صدر في عام 1950. وتابعت أنه على الرغم من ذلك يواصل مرسي الحديث عن أصابع خفية تحاول أن تعبث باستقرار البلاد. وكشفت عن أن الرئيس مرسي نادر ما يُحدد هُوية الغرباء المحتشدون ضده؛ لكنهم يقولون إنه ربما يقصد عملاء إسرائيل وفي بعض الأحيان المسؤولين الأمريكيين، مشيرةً إلى دخول مصر وواشنطن في حرب على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" لاتهام الأخيرة مرسي بتقييد حرية التعبير على خلفية استدعاء الإعلامي باسم يوسف للتحقيق معه بتهمة إهانة الرئيس؛ إذ اتهمت جماعة الإخوان المسلمين الحكومة الأمريكية ب"التدخل السافر" في شئون البلاد الداخلية. ورأت الصحيفة الأمريكية أن المؤمرات سواء كانت حقيقة أم من خيال مرسي؛ إلا أنها أمر خطير بالنسبة لدولة تعاني من الانقسامات السياسية والدينية، وتصاعد معدلات البطالة والتضخم واقتصاد بات على حافة الهاوية. وذكرت أن الإخوان يزعمون بأن الموالين للمخلوع وقادة المعارضة ممن خسروا فى السباق الانتخابي، يريدون في إثارة رد فعل عنيف ضد القادة الإسلاميين، فالتظاهرات المناهضة للحكومة بما فيها تزايد الإضرابات العمالية التي سفرت عن سقوط العشرات من القتلى، وأصابت مدينة بورسعيد التجارية بالشلل وغيرها من المدن الأخرى في الأشهر الأخيرة. وأضافت أنهم أي الإخوان يتهمون الحرس القديم بتمويل البلطجية للتسلل وسط حشود المتظاهرين ضد الحكومة وإثارة أعمال الشغب، كما تتهم "الدولة العميقة" أيضًا بإضرام النيران في المحاكم لإفناء أي أدلة ضد مبارك وأعوانه بما فيهم صفوت الشريف – رئيس مجلس الشورى السابق. وقالت إن بعض المعلقين يقولون إن الخيار الأفضل للمعارضة السياسية هو تبني استراتيجية التظاهر والإضرابات لإجبار الجيش على القيام بانقلاب عسكري ضد مرسي؛ للحيلولة دون الانهيار الاقتصادي الذي يهدد البلاد. ونقلت عن زياد عقل – المحلل البارز في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية – سيضطر الجيش لاتخاذ قرار في القريب العاجل، فالبلاد باتت أكثر ضعفًا من ذي قبل.. فإذا ما قرر الشعب الدخول في مواجهة مع السلطة الحاكمة، فإن الجيش سيتبني مواقفه المؤيد له كما في السابق". وأضافت الصحيفة الأمريكية أنَّ هناك مَن يتشككون في رغبة الجيش في العودة إلى الحكم لما قام به البعض من محاولة تشويه صورته التي يبجلها المصريون، وقالوا إنه على الرغم من تهديدات الجيش المستترة مؤخراً بالتدخل؛ إلا أنه يقف بجانب مرسي إلى الآن بعدما منحه دستور مرسى استقلالاً واسعاً وحمي مصالحه الاقتصادية. وترى "لوس أنجلوس تايمز" في ختام تقريرها أنه على الرغم من نجاح استراتجية جماعة الإخوان المسلمين التي تصور من خلالها خصومها السياسيين بالعملاء والخونة، في أن ينظر الشارع المصري خاصة في المحافظات بعين الريبة والتشكك لجبهة الإنقاذ الوطني وغيرها من الأحزاب المعارضة؛ إلا أن الانتخابات البرلمانية المُقبلة من المفترض أن تكون مقياسًا لاستمرار شعبيتها. فعلي الرغم تراجع شعبيتها في العاصمة إلا أنها لا تزال تحظي بتأييد شعبي في المحافظات، لكن تلك الشعبية قد تتراجع أيضاً إذا ما استمرت حالة عدم الاستقرار ونجح السلفيون في استقطاب ناخبي الجماعة. ونقلت عن الدكتور نافعة قوله:"إذا ما خسر الإخوان شعبيتهم في الانتخابات، فإنني أعتقد أن حزب الحرية والعدالة سينتهي للأبد.. إنه لمن الواضح أنهم ليسوا البديل الجدير بإدارة دفة البلاد بدلا من نظام المخلوع".