تتجه مصر إلى فتح آفاق جديدة مع مختلف دول العالم من خلال التحول في سياستها الخارجية بما يفيد ويخدم على مصالح شعبها، هدفت مصر بهذا الفكر الجديد إلى ضرب أكثر من عصفور بحجر واحد، لجأت إلى إقامة علاقات وشراكات اقتصادية فاعلة مع القوى الاقتصادية الصاعدة الواعدة، مثل باكستان وتركيا وجنوب إفريقيا بهدف الاستفادة من تجاربها في مختلف مناحي التنمية، خصوصًا الاقتصادية التي تحتاج مصر إليها الآن أكثر من أي وقت آخر، كما سعت إلى التقارب مع 3 دول مهمة ضمن مجموعة "ألبريكس" فزار الدكتور مرسي الهند والصين وأخيرًا روسيا، وهي دول لها ثقل دولي كبير على مختلف الصعد الاقتصادية والسياسية، أما الهدف الثالث وهو لا يقل أهمية عما سبق من أهداف فهو محاولة مصر أن تنأى بنفسها عن الهيمنة الأمريكية والخضوع للقرار الصهيوني الذي أذاق مصر الذل والعار لعقود ثلاث مضت، وهذا بالطبع أمر لا يروق للولايات المتحدة، ما يؤكد أنها ستحاول عرقلة الجهود في هذا الاتجاه، لأنها تدرك أن قوة مصر هي قوة للعرب وإضعاف لحليفتها وابنتها المدللة إسرائيل. الجولات الخارجية للرئيس منذ توليه منصبه قبل 10 أشهر، لم تشمل أمريكا أهم حلفاء مصر في حقبة المخلوع مبارك، ما يعكس اتباعه لنهج دبلوماسي جديد يعتمد على استقلال مصر وانفتاحها على الجميع من دون التبعية للقطب الأوحد ، على أساس الندية في التعامل والاحترام المتبادل والمصالح المشتركة تماشيًا مع النظام العالمي الجديد، وهذا بالطبع سيساعد مصر على استعادة دورها المحوري المؤثر في الشرق الأوسط . لذلك نؤكد أن زيارات الرئيس الخارجية تعكس رؤية جديدة للسياسة الخارجية المصرية الهادفة إلى تطوير علاقات مع الأطراف الفاعلة على الساحة الدولية وفقًا للمنظومة العالمية الجديدة وتحول الثروات من الغرب إلى الشرق في ظل تراجع وتعثر اقتصاديات غربية عديدة. ونمو الاقتصاد المصرى لا يقتصر على التفاعل مع هذه الدول الناهضة فقط، بل لابد من توافر بيئات مناسبة حاضنة للاستثمارات الأجنبية المنتظرة، وهنا أشير إلى ضرورة أن يهدأ الشارع المصري، وتتوقف حدة التوترات والانفلات الأمني في مصر، لأن الاقتصاد حتمًا يتأثر بالاضطرابات التي تعتري الساحة الداخلية. وجاءت زيارة الرئيس الأخيرة لروسيا لتصب في هذا الاتجاه الأخير، رغم سعي البعض " كالعادة " تحميل الزيارة أبعادًا سلبية، لكن من إيجابياتها الاتفاق على مشاركة روسيا في تشييد محطة للطاقة النووية وفي تطوير مكامن لليورانيوم في مصر، لاسيما في ظل اتجاه مصر نحو بناء 4 محطات نووية قبل 2025 لتضيف طاقة تصل إلى 4000 ميجاوات . زيارة الرئيس لروسيا سترفع من حجم التبادل التجارى بين مصر وروسيا الذي لا يراوح 3.5 مليار دولار. يذكر لروسيا أنها لم تمنع مواطنيها من السياحة في مصر طوال العامين الأخيرين، في وقت حذرت فيه دول أوربية عديدة رعاياها من ذلك، فضلًا عن أن أحدًا لا يستطيع تجاهل دور وقوة روسيا على صعيد النفط والاقتصاد وغيره فهي تشكل قاعدة مثلث مهم في آسيا ضلعاه الصين والهند. المطلوب من المستثمرين المصريين تحسين المنتج المصري حتى يتمكن من الصمود أمام الأسواق المفتوحة في روسيا، فيزيد الطلب على السلعة المصرية، وضرورة استثمار وجود 450 معهدًا لتعليم العربية في روسيا في عمل اتفاقيات تبادل ثقافي بين البلدين. كما هو مطلوب من حكومتنا فهم ثاقب لسيكولوجية السائح الروسي الذي يفر هاربًا من طقس بلاده الملبد بالثليج حوالي 9 أشهر في العام، علينا تلمس حاجاته من شموس وهدوء وطبيعة خلابة، وأجواء آمنة، لكي نستفيد من قرابة 6 ملايين سائح ينتظر زيارتهم مصر سنويًا. هناك من يسعى لقطع الطريق نحو السياسة الخارجية المصرية الجديدة التي تسجل نجاحًا كبيرًا حتى الآن، هناك من يسعى لبقاء مصر داخل الصندوق الأمريكي حماية للمصالح الإسرائيلية في المنطقة، ويجب على السلطة الحاكمة أن تعي ذلك جيدًا ولا تتأثر بالأدوات التي تصب في هذا الاتجاه وتخدم عليه.