الإسلام دين وليس بدولة.. !! ما علاقة الإسلام بالسياسة والدولة والديمقراطية..!! ما علاقة الإسلام بالاقتصاد العالمي.. !! ما علاقة الإسلام بالحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية.. !! بلاش نقول إن الإسلام دين ودولة (( بطلوا تخلطوا السياسة بالدين .... )) .. !! خلوا الدين في مكانه والدولة في مكانها .. !! كثيرًا ما أقابل من يقول هذا الحديث وأيًا ما كان قوله ناجم عن فهم لأحكام الإسلام أم أنه غير فاهم إلا أن النتيجة أنه غير قابل لفكرة النقاش حول أن الإسلام بالفعل وضع قواعد للدولة ونظامها وعلى جميع المستويات: الاجتماعي والفكري والاقتصادي والسياسي والقضائي. وقبل أن أوضح كيف رسخ الإسلام قواعد أساسية للدولة أريد أولًا أن أقول لماذا يقول البعض إن وجود دولة إسلام في العصر الحديث شيء صعب وخصوصًا مع وجود أقليات، بالإضافة إلى أنه غير قابل لفكرة الدولة الإسلامية بالشكل الذي يريده الإخوان أو السلف ... ولكن على جانب آخر ليس معنى أني أميل بفكري لوجود دولة إسلامية لثقتي في النظام الإسلامي إلا أن ذلك لا يعني تأييدي للإخوان أو أي تيار ديني إسلامي ظهر، فحقيقة الأمر لم يكن هناك من يمثل الإسلام بصورته الحقيقية، وهو ما جعل البعض يميل إلى أنه لا يمكن تصور نظام إسلامي، أو أنه ينكر على الإسلام أنه وضع قواعد لنظام كامل في الدولة. علاقة الإسلام بالدولة: الإسلام دين وليس سياسة، ولكنه دين يؤسس للسياسة فيضع لها من المبادئ والأحكام والقيم والمعايير ما يمكنها من إقامة المجتمع السياسي على أسس وقواعد تحقق له الوحدة والقوة والعزة والمنعة وتقيم الأخوة والمساواة بين أفراده والعدل بين الناس. فالقرآن نزل من أجل إرساء أنساق الحلال والحرام، والخير والشر، والحق والباطل، والفجور والتقوى، والصلاح والفساد، ومن أجل تأصيل و ترسيخ مبادئ الأخوة والمساواة والعدل وحرية الرأي والشورى ليوجه من خلال ذلك الأفعال الاجتماعية، ويشكل الأطر العامة للتوجه السياسي للمجتمع. بل هو الذي يحدد أحيانًا طبيعة الفعل السياسي أو يوجه إليه، بما يضعه من مبادئ دينية أخلاقية سياسية، تفرض أشكالًا من التعامل دون غيرها في مواقف معينة، كالتعامل مع الدول والمجتمعات الأخرى ووضع مبادئ السلم والحرب، وطرق معاملة الأسرى ووضع الاتفاقيات والمواثيق والعهود. لذلك فإن العلاقة بين الدين والدولة لم تنفصم في يوم من الأيام، قد تضعف، و قد لا تكتمل ولكنها لا تنفصل ولا تنفصم. لم ينص القرآن على نظام محدد للمجتمع الجديد من حيث أداة الحكم والطرق، بل ترك ذلك للناس ولاجتهادهم، ولم يضع أحدًا حجة على غيره يفرض كيفية معينة أو نظامًا دون آخر. إن بناء الدولة كآليات أو كمؤسسات وهيئات وهياكل سياسية أو إدارية أو شعبية أو مهنية هو ما يجب أن يخضع للتطور التاريخي، ويحكمه تقدم المجتمعات وتطور المعارف والعلوم من عصر إلى عصر، ومن بيئة إلى بيئة ومن مجتمع إلى مجتمع. وعندما نتحدث عن الديمقراطية أو عن البرلمانات والمؤسسات فنحن نتحدث عنها كآليات ومؤسسات لا كمبدأ من مبادئ النظرية السياسية الغربية، فلا يجوز اعتبارها من الإحداث الديني، فهي ليست بدعة مذمومة أو محظورة لا ينبغي الأخذ بها أو الالتفات إليها أو الاستفادة منها، ليست ضلالة، لأنها ليست مضمونًا، بل هي مجرد آليات تنظيمية تمنح الفرص والإمكانيات للحد من سلطة الحاكم ومن استبداده وطغيانه، وتوفر الأسلوب الصحيح للناس لتنظيم شؤونهم السياسية ولممارسة حقهم في التعبير وفي المشاركة السياسية وتحقيق المساواة بينهم وحفظ حقوقهم السياسية. وفي الحديث عن الديمقراطية وعن علاقتها بالشورى نتحدث عن ديمقراطية محايدة، أو عن أجهزة ديمقراطية محايدة في ذاتها، ولا نتحدث عن ديمقراطية علمانية أو رأسمالية أو مسيحية أو غربية، ولا نتحدث عن قيم ملحقة بها أو تابعة لها، بل نتحدث عن الديمقراطية كآلية لا كمضمون، كمنهج للممارسة السياسية لا كموضوع للممارسة فالديمقراطية ليست قانونًا قطعيًا صارمًا، إما أن يطبق كله بما يحمله أو بما يلحق به من أفكار وقضايا وفلسفات سياسية اجتماعية أخلاقية، أو يترك كله بما فيه من أجهزة وآليات وأدوات لممارسة العمل السياسي. فاطمة محمد حسين المحامية