يعتبر الخميني أبو الشيعة في العصر الحديث، ومؤسس دولتهم القائمة على نظريته في ولاية الفقيه، وللخميني كلام كثير عن النبي صلى الله عليه وسلم، سأختصر على بعضه لبيان موقفه من النبي عليه السلام. وخلاصة اعتقاد الخميني أولًا: أن الإمامة الشيعية الفارسية مقدّمة على الإسلام، والإمام أعلى من الرسول؛ فيقول الخميني في كتابه «الحكومة الإسلامية» (ص/52): «فإنّ للإمام مقامًا محمودًا ودرجة سامية وخلافة تكوينية تخضع لولايتها وسيطرتها جميع ذرات هذا الكون، وإنّ من ضروريات مذهبنا أنّ لأئمتنا مقامًا لا يبلغه ملَك مقرب، ولا نبي مرسل» إلى أن يقول الخميني: «وقد ورد عنهم (ع) إن لنا مع الله حالات لا يسعها ملَك مقرب ولا نبي مرسل» أه. ثانيًا: أن الإمامة عنده صنو النبوة، فقال في «كشف الأسرار» (ص/173): «من يعرف شيئًا عن بدايات ظهور الإسلام، وأول أيام الدعوة النبوية، يوقن بأن الإمامة كانت منذ اليوم الأول وحتى آخر أنفاس رسول الإسلام صنوًا للنبوة» أه. ثالثًا: من يقرأ كلام الخميني سيشعر أن النبي عليه السلام؛ ما بُعث إلا لتثبيت الدين الإمامي الشيعي، فيقول الخميني في «الكشف» (ص/175): «لقد تبين بأن النبي بعد الساعات الأولى من إعلان نبوته، أعلن عن خلافة علي وعن إمامة علي بن أبي طالب، وأن أقاربه تلقوا هذا الكلام بالضحك والسخرية، وأنه سعى في آخر سنوات عمره لتثبيت ذلك»، قال: «كما أن آخر حديث للنبي كان عن الإمامة» أه. إلى أن يقول (ص/177): «وقد أثبتت كتب التاريخ بأن النبي منذ بعثته وحتى وفاته سعى من أجل الإمامة» أه. رابعًا: ويذهب الخميني إلى أبعد من هذا فيتجرأ على الله وعلى جميع الأنبياء؛ ويقول في «ديوان شِعْرِه» (ص/319) «في مدح ولي العصر» (المهدي): «وهو حضرة صاحب الزمان مشكاة الأنوار الإلهية* مالك الكون والمكان مرآة الذات اللامكان* مظهر القدرة، ولي العصر، سلطان العالمين* قائم آل محمد ومهدي آخر الزمان» أه. إلى أن يقول (ص/320): «ولأجل تقبيل قدومه حضر الأنبياء أجمعين*ومن أجل تعظيمه انحنت السماء* هلم واسمع بأذن قلبك نداء (انظروني)* يا من فقدت الوعي خوفًا من خطاب (لن تراني)» أه. يشير الخميني لقوله عز وجل لموسى: «لَنْ تَرَانِي» [الأعراف:143]، بينما يناديهم إلههم المهدي المجوسي: (انظروني)، وهم ينتظرون خروجه، وسيسمح لهم برؤيته، بينما لم يسمح الله عز وجل لموسى برؤيته، وبهذا يفضل الخميني إلههم المهدي على الله عز وجل. بل وكلام الخميني السابق يصرح بأن آلهتهم (أئمتهم) تخضع لسيطرتهم جميع ذرات الكون، فهم حسب هذه الصورة الخمينية آلهة تسمح بما لا يسمح به إله المسلمين، ثم هم عنده أيضًا أعلى منزلة من الملائكة والأنبياء. ومن هنا بدأ الخميني يسطر ما ينبغي بزعمه على الله والرسول تجاه الإمامة، فيقول في «الكشف» (ص/154): «فكما أن الله والرسول ينظران إلى الدين والقرآن باهتمام، فإن الإمامة ينبغي أن تكون لها نفس المكانة عندهما»، إلى أن قال: «فبالإمامة يكتمل الدين، والتبليغ يتم» أه. خامسًا: يتهم الخميني النبي عليه السلام بشأن الدعوة للإمامة، فيقول الخميني في «الكشف» (ص/150): «وهكذا يتضح من مجموع هذه الأدلة ونقل الأحاديث؛ بأن النبي كان متهيبًا من الناس بشأن الدعوة إلى الإمامة، وأن من يعود إلى التواريخ والأخبار يعلم بأن النبي كان محقًا في تهيبه، إلا أن الله أمره بأن يبلغ، ووعده بحمايته، فكان أن بلغ وبذل الجهود في ذلك حتى نفسه الأخير» أه. وإذا كان المثل يقول: «إذا كنت كذوبًا فكن ذَكُورًا»؛ فلم يكن الخميني كذلك بل عاد بعد صفحات ليخالف كلامه ويتهم النبي عليه السلام بعدم التبليغ، فقال الخميني (ص/155): «وواضح بأن النبي لو كان قد بلغ بأمر الإمامة طبقًا لما أمر به الله، وبذل المساعي في هذا المجال، لما نشبت في البلدان الإسلامية كل هذه الاختلافات» أه. فالنبي عليه السلام في نظر الخميني أقل من الإمام، ومتهم بالتهيب، ومرة بلّغ، وثانية متهم بعدم البلاغ، وثالثة يسعى لتثبيت الإمامة حتى آخر نفس. ورغم هذا التضارب الخميني الصارخ في الكلام عن النبي عليه السلام، فإن تناثر الاتهامات الخمينية للنبي عليه الصلاة والسلام، وتقليل منزلته دون منزلة الأئمة ورفعهم لمنزلة الآلهة، كل هذا يفضح الحقد الدفين لدى الخميني وغيره من أئمة الشيعة تجاه النبي عليه السلام، خاصة، وتجاه الإسلام عامة. [email protected]