حدثان استأثرا بأهتمام الشارع المصري بعد ما جعل الإعلام منهما مادة تعج بالإثارة والتشويق وهما انتخابات مكتب ارشاد جماعة الأخوان المسلمين وما أشيع حول ظهور السيدة العذراء في كنيسة بالوراق ثم في شبرا أن الأخوة الأقباط في مصر المحروسة معروف عنهم ميلهم الشديد للعلم والتعليم وكانت كليات القمة في الجامعات المصرية تفتح أبوابها لاعداد كبيرة منهم ظهرت بعد ذلك في وجود الكثير من الأطباء والمهندسين ورجال القانون وغيرهم الأمر الذي يشير إلى نمو الوعي العلمي والموضوعي لديهم لكن هذه المقولة أصبحت محل شك بعد الادعاء بظهور السيدة العذراء، وبدا واضحًا أن الخرافة في الجماعة القبطية أصبحت أشد تأثيرًا من العلم وأن الجري وراء الغيبات أصبح أشد تأثيرًا من الموضوعية والواقعية ولقد لفت نظري صديق قبطي يعمل طبيبًا مرموقًا وهو جالس كالطفل الصغير يستمع باهتمام وقدسية لمبالغات قبطي آخر يعمل جزارًا في الوراق ولا يعرف القراءة أو الكتابة كان هذا هو أول ما لفت انتباهي كإنسان مواطن قبل الدخول في معمعة التحليلات لقد تابعت ما قاله مفكرون أقباط في وسائل الإعلام المختلفة ولاحظت تباينًا واضحًا بين فريق متشدد وفريق يرفض الخرافة، ولاحظت انقسمًا حادًا بين الطوائف المسيحية في مصر، فمن يقود حملة التجلي كما تسمى هم طائفة الأرثوذوكس أما الانجيلين والكاثوليك فلهم رأي مخالف وحيث أنني ممن يسكنون ويعملون بالقرب من منطقة الوراق فقد استطلعت أراء بعضهم وكان أغرب الآراء أن الكنيسة هناك كانت تمر بأزمة مالية خانقة مما أدى لعدم قدرتها على استكمال بعض منشأتها وعدم استطاعة شراء بعض المنازل التي تجعلها تطل على شارع النيل، لكن بعد ما أشيع عن ظهور السيدة العذراء أنهالت التبرعات بشكل لم يكن في الحسبان فهل من أجل ذلك تتجلى السيدة مريم؟ وقد سألت محاميا قبطيا لماذا لم يأخذ هذا الأمر بعدًا دوليًا أو حتى أقليميًا؟ فرد على سؤالي بسؤال ولماذا لا تظهر العذراء إلا في مصر؟ انها صناعة سياسية والدليل على ذلك توقيت التجلي وأماكنه، فالتوقيت يصاحب دائمًا أزمات سياسية يمر بها النظام مثلما حدث في كنيسة الزيتون عام 1968 بعد النكسة مباشرة، كما أن المكان يكون في مناطق شعبية تمتلئ بالأميين وأنصاف المتعلمين والحرفيين والفقراء مما يساعد على سهولة التجمهر والحشد والتصديق أن مصر تمر بأزمات لم يشهد تاريخها مثيلا لها والفساد أصبح هو الذي يسير دواليب الدولة والجماعة المسيحية تشهد انقسامًا وتضاربًا وتمزقًا فكانت هذه العملية السياسية للخروج المؤقت من ذلك أما بالنسبة لانتخابات جماعة الأخوان المسلمين فكان الاهتمام الإعلامي بها أكبر من المتوقع والمحتمل خاصة وان النظام يصف الإخوان بأنهم جماعة محظورة أي ممنوعة من العمل السياسي العلني والسري وأنها تعمل بالمخالفة للقانون فلماذا أذن هذا الاهتمام؟ أن البعض يرد ذلك للعلنيه التي تظهر لأول مرة في انتخابات الجماعة لكن السؤال التلقائي ومن الذي ساعد على هذه العلنية لجماعة تسمى بالمحظورة أليس النظام والسلطة؟ وهذا ما يدعو فريق آخر للقول بأن الدولة تعمل على تشجيع ما يطلق عليه الإسلام السياسي المعتدل ضد التيارات المتطرفة ويرى هذا الفريق أن هذا سيتيح للجماعة حرية العمل في حدود وأن سبب ذلك هو صفقة تمت بين الإخوان والنظام كان نصيب الجماعة فيها ما يحدث الآن إضافة لإطلاق سراح بعض الرموز المعتقلة ويأخذ النظام في المقابل تأييدًا لمرشح الحزب الوطني في انتخابات الرئاسة القادمة لكن ماذا عن انتخابات مجلس الشعب؟ أن أكثر ما يهدد هذه الصفقة هو سيطرة الجناح المحافظ على مكتب الأرشاد لقد بدأ النظام يتلمس وهو مغمض العينيين أن الشارع المصري فقد الثقة نهائيًا بالأحزاب السياسية بما فيها الحزب الوطني مما يجعل هذا الديكور غير كاف لإضفاء الشرعية على الانتخابات القادمة ولا يساعد أيضًا على كسب أصوات الناخبين إلا بالتزوير لهذا تحاول السلطة استخدام الدين في الحملة الانتخابية عام 2011 وهذا يحتم أرضاء قطاعات من المسلمين والأقباط فكانت هذه المغازلة للإخوان، وكان التفاهم الذي ظهر في تصريحات البابا شنودة المؤيدة للتوريث لكن قطاعات كبيرة من الجانبيين ترفض ذلك فكان العمل على تشجيع الإخوان كنوع من الرضا والدعم .. وإطلاق الخرافات بين القطاعات المسيحية لتقوية الكنيسة وإضعاف مواقف معارضيها [email protected] E. mail