نحن الشعوب العربيّة يستهوينا البكاء إلى حدّ التماهي به وكأنه أصبح جزءاً كبيراً من هويتنا الشخصية التي تميّزت بالنكد ، فلماذا نجهش بالبكاء بالمواقف المفرحة بدل أن نسعد ونبتسم ونضحك !! لماذا علينا أن نبكي بدل أن نفرح !! نعم الإنسان شحنات من العاطفة فلا بأس أن نتأثر ونؤثر في الآخرين .. ويبقى البكاء شكلاً من أشكال التعبير عن العاطفة .. ولكنه من المؤكد أنه ليس الوحيد ، فلماذا نصرّ على ارتداء البكاء في كلّ المناسبات . ففي الحزن نبكي وفي الفرح نبكي ونقلب المناسبات الحلوة إلى نكد ! عند فراق الأحبة نبكي فلماذا عند لقائهم نبكي أيضاً ؟ وفي رسوب أبنائنا في مراحلهم الدراسية نبكي ولكن ما الداعي للبكاء حينما ينجحون ؟ وفي زفافهم أيضاً نبكي بدلاً من الفرحة ! وعندما نرزق بالأطفال نبكي نستبدل الفرحة والشكر لله بالبكاء ! حتى في المباريات وعند الفوز نبكي .. وكذلك أمام الفضائيات بأفلامها ومسلسلاتها وأغانيها نبكي .. الخ وما أكثر المناسبات النكدية لدينا نحن العرب . فلماذا لا نعطي الحقائق والمواقف ما تستحق من طبيعتها ؟ لماذا لا نسعد أولادنا يوم زفافهم ويوم نجاحهم ويوم عودتهم من سفر وشفائهم من مرض ، ونخفي دمعة العاطفة العكسية التي سحقت أفراحنا وقلبت الموازين والمواقف الحياتية اليومية إلى دموع ..أصبحنا نشتهي البهجة والفرحة الحلوة .. هل سنبقي البكاء هو الحاضر المقدس لمناسباتنا الأحلى ؟ . ولا شكّ أن غالبية الناس يشعرون بتحسن مزاجهم بعد البكاء ، نعم فالبكاء رحمه ونعمه من الله يخرج به الإنسان همومه ويطهر عينيه في نفس الوقت.. وأفضل البكاء البكاء من خشية الله وأثناء الاستغفار والتوبة من الذنوب والدعاء.. ويقول الحق سبحانه وتعالى : ( وأنه هو أضحك وأبكى ) معناه أن الضحك والبكاء من الله .. وكونه من الله فيكون لجميع خلقه.. وهي حالة يتميز بها البشر دون سائر المخلوقات ، وهذه الآية فيها إعجاز فالله يعطي الخلق جميعا وذلك هو عدل الله لا يميّز بعطائه ، فإذا نظرت إلى الدنيا كلها تجد أن الضحك والبكاء موحدان بين البشر جميعا على اختلاف أعراقهم ولغاتهم .. فلا توجد ضحكة إنجليزية وضحكة أمريكية وضحكة افريقية وعربيّة .. بل هي ضحكة واحدة للبشر جميعا ونبرة صوتها واحدة تعرفها وتشعر بها مهما اختلفت لغة لسان ضاحكها ، ولا يوجد بكاء آسيوي أو بكاء أسترالي أو عربي فهذه دعوة لأن نعطي أفراحنا حقها من الفرحة ولا نظلمها بالبكاء . أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]