لا وألف لا.. لأن يكون هناك شلل تام في جميع مرافق الدولة، وتعطل جميع مؤسسات الدولة أو بمعنى أدق لا لوقف حركة المواصلات ومحطات السكك الحديدية والمترو والأتوبيسات والمرافق العامة والخاصة، وألا تحصّل الدولة ضرائب وفواتير كهرباء وفواتير مياه وتقف جميع الإيرادات للدولة حتى بما فيها وقف الممر الملاحي في مصر، وهو قناة السويس والتي تدر دخلًا يوميًا بملايين الدولارات والمطارات والموانئ، ولا لوقف المصانع والشركات ولا لامتناع الأطباء في المستشفيات العامة والخاصة والعيادات الخاصة ومكاتب الاستشاريين ومكاتب المحاماة، لذلك كله نرفض الانجرار إلى العبث وبث الشلل التام في جميع مرافق الدولة !!! إن الدعوة للعصيان المدني تعد دعوة غير مسئولة ولا تعبر عن الثورة التي قامت من أجل حياة كريمة وأفضل للشعب المصري، خاصة أن الحالة التي تمر بها البلاد لا تتحمل هذا العصيان المدني الذي ينشدونه بالقوة، كما أن الرئاسة بمحاسنها وبعض أخطائها غير المقصودة على الإطلاق ليست بقوة احتلال حتى ندعو للعصيان المدني ضدها ويجب علينا أن نعي تمامًا أنه لولا وقوف شباب الإخوان المسلمين مع الثورة في موقعة الجمل، وكذلك رفض الشعب لمخطط التوريث بكافة أشكاله ومعانيه والزج بقيادات الإخوان والمعارضين في السجون عهود وعهود لكانت الأمور تعقدت بشكل كنا معه لم ولن نصل إلى حريتنا التي ننعم بها الآن ولا كنا سمعنا مثل تلك الدعوات غير المسئولة من عصيان مدني ومحاولة فرضه بالقوة !! . كما أن الحديث عن القصاص للشهداء لا يكون بهدم البلاد ودفعها إلى الفوضى، بل يجب أن تكون الدعوات من كل الجبهات للعمل الجاد، ولو بشكل رمزي كنوع من رفض الدعوة، فبلادنا باتت في أزمة وتحتاج إلى زيادة العمل والإنتاج وليس إلى توقفه، حيث أصبح العصيان المدني ليس بمثابة تسليم السلطة لفريق أو لفصيل لا يعي ما يفعل كما طالبت الدعوة، وإنما تدمير بلادنا بأيدينا ودفعها إلى الفوضى، أن الشعب المصري احتفل في 11 فبراير من العام المنصرم بسقوط نظام المخلوع مبارك وتطلعنا جميعًا لمستقبل أفضل، ومضينا يسوقنا الأمل أن يأتي هذا اليوم علينا مرة ثانية ومصر في أبهى صورها، فتبدل الحلم الجميل بكابوس بشع، لنجد أنفسنا الآن أمام فوضى ومؤامرات واضطرابات ودعوات لعصيان مدني في حين كان من المفترض أن يكون عيدًا لمصر والمصريين، وتعتبر الدعوات غير المسئولة للعصيان المدني مضيعة لأهداف ثورتنا في غياهب الفوضى والتخبط، وكأنها تزيل نسائم الحرية، وتعمل على تناثر أشلاء الديمقراطية ما بين جرذان خرجت من جحورها لتلتهم بشراهة كل ما ضحي الشعب من أجله، وآخرون من السياسيين والمثقفين والمفكرين وغيرهم ممن يفترض أنهم قادة ورموز انشغلوا للأسف بالبحث عن موقف وتحقيق الشهرة واعتلاء السلطة، ولو على حساب المبادئ والقيم النبيلة وتغيرت جلودهم فأجادوا أدوارهم وسايروا الشارع من أجل السلطة لا من أجل مصر الوطن. ولا أخفي عليكم القول بأنني أثق في أن هذه الدعوات سيصيبها التفتت والانهيار، ولم ولن يشارك بها الشعب على الإطلاق، لأن الهدف الذي تسعى له كافة القوى السياسية الآن هو تطهير الأجهزة الأمنية حتى يتم العمل الحقيقي اقتصاديًا مع توافر الأمن، وحتى ولو افترضنا أن هناك نسبة لا بئس بها قد توحدت لممارسة هذا العصيان المدني المزعوم فلا ينبغي علينا المبالغة في توقع آثار الدعوة إلى العصيان المدني، فهو بالتأكيد ليس الشبح المنذر بالفوضى والدمار الذي يتوهمه البعض، وهو أيضا قد لا يكون سلاح الحسم الأخير كما يأمل البعض الآخر، يا سادة.. العصيان المدني هو في النهاية أداة جماهيرية سلمية قوتها وأثرها يعتمد على اختيار الناس لأن تستجيب للدعوة إليها أو أن تنصرف عنها، ولذا فهذه الدعوة تكرر وضع الخيار الشعبي في مقدمة المشهد وتعيد التذكير بأن الفاعل الرئيسي كان ولا يزال هو الشعب المصري الذي قرر منذ قيام ثورته أن يسترد حق تقرير مصيره ولا أظنه ينوي التخلي عن مقدرات الوطن وآماله والتطلع إلى مستقبل واعد في مهب الريح. E-mail : [email protected]