هناك حملة محمومة مسعورة تجرى بصورة مركزة ومكثفة تستهدف النيل من حركة حماس، وزرع روح الكراهية لها بين المصريين تقودها الآلة الإعلامية الجهنمية بكافة صورها ووسائلها المختلفة، والتي لا تتوقف عن الدوران ليل نهار لترسيخ صورة ذهنية سلبية شديدة السوء عن حماس في أذهان المصريين تقوم على نشر أخبار مجهلة لا يعرف مصدرها، وفبركة الوثائق، ونشر الأكاذيب. ولقد تزايدت وتسارعت وتيرة هذا الإفك والبهتان في الأسابيع والأيام القليلة الماضية من ناحية الكم والكيف بصورة ملفتة للنظر تدعو للتساؤل عن المغزى وراء ذلك؟ والواقع أنه إذا تأملنا هذه الأخبار المتداولة عن حماس لا نجدها تصمد أمام المنطق العقلي، ولا تحتاج إلى عناء كبير لإثبات ضعفها وتهافتها فما هي الفائدة التي تعود على الإخوان من وجود عناصر حماس في مصر فهل هناك حرب أهلية ويحتاج الإخوان إلى مساندة ؟ وهل وجود هذه العناصر المزعومة يضر أو يفيد الإخوان ؟ وماذا لو اكتشفت هذه العناصر وألقي القبض على بعضهم ؟ ثم أين الميلشيات المزعومة للإخوان الذين لا يكلون ولا يملون من الحديث عنها حتى يتم الاستعانة بعناصر أجنبية من حماس؟وما الفائدة إذن من ميلشيات الإخوان والتي لم نر لها أثرًا عند حرق 30 مقرًا للإخوان وحزب الحرية والعدالة؟! أما مسألة التوطين في سيناء فالفلسطينيون لم يتخلوا أبدًا عن حق العودة رغم الإغراءات التي تقدم لهم فهل يتصور أن يغادروا أرضهم، وهم الذين يطالبون بحق العودة لمن اضطر إلى مغادرة أرضه أمام المذابح الصهيونية عام 1948، وهل من يريد من أهل غزة مغادرة أرضه ستكون وجهته سيناء أم كندا وأستراليا ؟!!! وهل الفلسطينيون الذين رأينا مدى تشبثهم بأرضهم وتدفقهم على معبر رفح للعودة لغزة أثناء الهجمات الصهيونية عليها يقدمون على مغادرة أرضهم بهذه السهولة ؟ وبعيدا عن كل ما يثار من أكاذيب وترهات فإن الأمرين الذين يجب التوقف عندهما لخطورتهما هو ما يتعلق بملابس القوات المسلحة وموضوع مصرع الجنود المصريين في رفح. وبالنسبة للأمر الأول فإن ما أعلن عنه أن القماش الذى يصنع منه ملابس الجيش قد ضبط في سيناء، وقبل تهريبه عبر الأنفاق وقد ذكرت مصادر فلسطينية "تاني مصادر" أن هذا القماش يهرب منذ سنوات وأنه يصنع منه ملابس الأجنحة العسكرية الفلسطينية وبعيدًا عن ذلك فإن الأمر بيد الجيش الذى يجب عليه التحقيق في هذا الموضوع، والإجابة عن الأسئلة التي يطرحها هذا الأمر فهل كان هذا القماش في طريقه إلى غزة فعليًا؟ وإن كانت هذه وجهته فعليًا فما هو الغرض من تهريبه إلى هناك؟ وقد نفت مصادر عسكرية أي علاقة لتغيير زي القوات المسلحة بتهريب الأقمشة وأن موضوع تغيير الزي كان مقررًا من قبل أما موضوع مقتل الجنود المصريين في رفح وتوجيه الاتهام لحماس بارتكابها فيحتاج إلى وقفة، نظرًا لبشاعة هذه الجريمة ولعل السؤال الذي يطرح نفسه ما هو الدافع لحركة حماس لارتكاب هذه الجريمة؟ إن المبررات التي تساق في هذا الصدد هو الانتقام من إقدام الجيش المصري على هدم الأنفاق، والبعض الذي يغرق حتى أذنيه في نظرية المؤامرة. يذهب إلى إقدام حماس على هذه الجريمة لتقديم المبرر للرئيس مرسي لاستغلال الحادث للتخلص من المجلس العسكري، ومن الواضح أن كلًا المبررين لا يقدمان مسوغات مقنعة لإقدام حماس على هذا الجريمة فهل تقبل حركة حماس - التى التزمت منذ نشأتها بعدم التدخل في شئون الدول الأخرى واقتصار عملياتها العسكرية على الداخل - على ارتكاب هذه الجريمة البشعة فى شهر رمضان وقت الإفطار؟ وحتى إذا تغاضينا عن الوازع الأخلاقي فقد تعرضت حماس للحصار، وكذلك محاولات عمل جدار عازل لإغلاق الأنفاق أيام النظام السابق فلماذا لم تقدم على مثل هذا العمل من قبل؟ فضلًا عن أن الموقف فيما يخص معبر رفح بعد الثورة تحسن كثيرًا وقدمت الكثير من التسهيلات والتيسيرات كما أن الإقدام على هذه الجريمة لن يفيد حماس في شيء بل يضر بقضيتهم. أما الحديث عن مؤامرة للتخلص من المجلس العسكري، فهو أمر غاية في الغرابة لأن أول المتضررين من هذه العملية كان هو د مرسي نفسه بصفته رئيس الجمهورية، والتي نالته الهجمات والانتقادات التي تحمله المسئولية عن هذه الجريمة. فهذه الجريمة لا تصب أبدًا في مصلحة الرئيس فلا يمكن أن تقدم حماس على هذا العمل ولومن باب انتمائها للإخوان الذى يلعب على وتره البعض على الأقل حتى لا تحرج الرئيس. لقد صرح عادل المرسي - رئيس هيئة القضاء العسكري السابق - ردًا على اتهام حماس بهذه الجريمة، أن التحقيقات فشلت في الكشف عن المتورطين في الجريمة. وأن الأدلة المتوفرة حاليًا ليست كافية للتوصل إلى مرتكبها، موضحًا أن علم بعض أجهزة المخابرات بوقوع الحادث لا يعني معرفتهم بالمسئول عنه. إن الحملات الموجهة إلى حماس ومحاولة تشويهها وتصويرها على أنها خطر على الأمن القومي الهدف منه الزج بها فى الصراع والاستقطاب السياسي في مصر بين التيار الإسلامي وعلى رأسه الإخوان المسلمون، والتيارات الأخرى ومحاولة إدخالها كطرف في المعادلة السياسية المصرية، ومحاولة استغلال انتمائها الفكري للإخوان المسلمين لتشويه الإخوان في مصر، وإظهارهم بمظهر الذين يتواطئون مع حماس ضد مصالح مصر، وعلى حساب الدماء المصرية والأمن القومي المصري، وضرب التعاطف الشعبي مع حماس والفلسطينيين، والذي لم يتأثر بقيام ثورة يناير وانشغال المصريين بشئونهم الداخلية وهو ما تجلى بوضوح في المظاهرات الصاخبة التي شهدتها مصر بعد الثورة ضد الكيان الصهيوني وحصار السفارة الصهيونية وإنزال العلم الصهيوني من عليها. د صفوت حسين مدرس التاريخ الحديث والمعاصر كلية التربية – جامعة دمنهور [email protected]