الأطباء الذين يعالجون مرض السرطان بفيتامين B17 لا يدّعون صُنْع المعجزات ولكنهم يقولون فقط أن هناك حقائق ملموسة ، وأنهم سجّلوا حالات كثيرة استجابت فيها الأورام السرطانية لهذا العلاج ولم يعد هناك حاجة لعمليات جراحية، وأن اللوكيميا (سرطان الدم) قد استجاب أيضا للعلاج، ولم يعد هناك حاجة إلى الكيماوي .. وسنجد في هذه الجبهة المتفائلة الواثقة من مستقبل العلاجات البديلة للسرطان مدارس مختلفة: فمنهم من يرى أن فيتامين بى 17 في مصدره الخام يكفي، وهو أكثر فاعلية من المستخلص الدوائي.. ولكن يرى آخرون أن الحالات المتقدمة من المرض تحتاج إلى كميات مركّزة من هذه المادة (المُرّة الفعاّلة) التى لا تتوفّر فى مصدرها الخام بالتركيز اللازم، حيث يلزم جرعات مركزة من المستخلص ذائبة في الماء حتى يمكن حقّنها مباشرة في مجرى دم المريض، وهناك مدرسة ثالثة يرى أصحابها ضرورة استخدام محفّزات معيّنة لتعظيم أثرالدواء، أو تحفيز عناصر في الجسم للمساعدة في مضاعفة تأثيره .. وباختصار يعترف رواد هذا العلاج (بتواضع شديد رغم النتائج الباهرة التي حققوها) أن الحاجة إلى مزيد من البحث العلمي والتجريب لا تزال مطلوبة، شأن كل تقدّمم علمى جاد، وأنهم يرحّبون بكل إسهام تجريبيّ من زملائهم الأطباء والباحثين فى هذا المجال ... كذلك يرى هؤلاء الرّوّاد أن هناك ميزة أخرى في فيتامين بى17: وهي أنه لا توجد أسرار فى تركيبته الدوائية ، مما اعتادت شركات الأدوية الاحتفاظ بها لنفسها حتى تستأثر وحدها بالأرباح .. ذلك لأن مكتشف هذا الدواء لم يجعل له براءة اختراع ليحصّل منها ثروة .. ولا هو أنشأ مصنعاً خاصا به ، وإنما تركه لمن يقوم بذلك، وكان موقفه دائماً: أن هذا الدواء ملكية عامة لكل البشر ...!! وهنا نقطة هامة أيضاً (في موضوع الخلاف على هذا الدواء) وهي أن مؤيدوه لا يستفيدون منه مادياً، بل إنهم يقفون في جانب الغُرْم أكثر من جانب المغنم .. والذين عارضوه وجعلوه محظورا، هم الذين تسبّبوا فى جعله يباع في السوق السوداء بأسعار أعلى مما يجب .. وذهب العائد إلى جيوب صُنّاعه الذين لا يطولهم أحد، بينما يدخل الأطباء السجون ، تحت سطوة الوكالة الأمريكية للأغذية والأدوية . ويؤكد جى إدوارد جريفين أنه " حتى لو تمكنت الحكومة الأمريكية من القضاء نهائياً على صناعة فيتامين بى 17 بطريقة أو بأخرى، فستبقى الحاجة إليه قائمة والطلب عليه مستمراً للحفاظ على الحالة الصحية السويّة.. ويستطيع الناس أن يفعلوا ذلك حيث يجدون المادة المُرّة في نوي المشمش والخوخ والبرقوق والتفاح والنكترين ومصادر نباتية أخرى كثيرة ، أتاحها الله لخلقه بوفرة في هذه الطبيعة .. ولن تستطيع أى حكومة أن تمنع أحداً من تناولها ...! وسوف يكسب المناضلون في معركة علاج السرطان بالوسائل البديلة في النهاية، نعم سيكون هناك دون ذلك ضحايا كثيرون، من بينهم أولئك الذين لم يكتشفوا الحقيقة إلا متأخراً..." أظن أننا قد وصلنا إلى مرحلة من الإلمام بالقضية يجعلنا نطوى صفحتها جانبا (ولو مؤقّتا) لنطرح هذا السؤال الذى قد يلحّ على بعض العقول: ماذا عن السرطان الآخر ..؟! هذا الورم الخبيث المنتشر في جسم المنظومات السياسية المريضة ..؟! ماذا عن سرطان الاستبداد السياسيّ الذى يدمر المجتمعات الانسانية ويفسد حياتها..؟! ويجيب على هذا مرة أخرى "جى. إدوارد جريفن" متسائلا حيث يقول: "هل علينا أن نحافظ على صحتنا فقط لكى نظل بعد ذلك نحن وأبناؤنا من بعدنا عبيداً فى عجلة الإنتاج لحكومات مستبدّة...؟ " إنها نقلة فى صميم الواقع الإنسانيّ يلفتنا إليها جريفين فى نهاية مناقشاته وتحليلاته ليضع يدنا على مصدر الداء وأصله .. أقول: نعم هناك تشابه كبير بين السرطان وبين الحكومات الشمولية المستبدّة فالحكومات تشبه خلايا التروفوبلاست .. فهذه الخلايا وإن كانت ضرورية لحياة الإنسان ولكن لابد من السيطرة عليها حتى لا تتحول إلى نمو سرطاني ، كذلك الحكومات: هي نظام ضروري لحياة المجتمعات، ولا توجد حضارة ، بل لم تولد حضارة فى التاريخ البشريّ بدون حكومة، فالحكومة مؤسسة حيوية وهامة لحياة المجتمعات وتقدّمها وأمنها .. ولكن الحكومة مثل خلايا التروفوبلاست لابد من ضبط نشاطها حتى لا تنمو عشْوائيًّا ويتعاظم فسادها، وحتى لا تتغذى على الحضارة والقيم الحضاريّة وتدمرها في النهاية .. فكل حضارة ماتت في الماضي إما أنها قُضي عليها بضربة سريعة في حرب واجهت فيه جيشاً قوياً كاسحاً فدمّرها .. أو أنها ماتت موتاً بطيئاً كما يموت الجسم من السرطان .. تماما كما تفعل خلايا التروفوبلاست الحكومي الذي ينمو نمواً جزافياً عشوائياً فيأكل كل شئ في طريقه .. وفي النهاية تُدفن الحضارة والحكومة السرطانية معاً في مقبرة واحدة ...! وبمعنى بيولوجي: تقوم إنزيمات البنكرياس الطبيعية كعامل جوّاني بالجسم، وفيتامين بى كعامل برّاني بالسيطرة على خلايا التروفوبلاست سريعة التكاثر .. فإذا نقص أحد العاملين أصبح الجسم في خطر .. وإذا كان كلاهما ضعيفاً فإن خلايا التروفوبلاست تتكاثر تكاثراً هائلاً وتصبح الكارثة محققة..! وبالتطبيق على الأوضاع السياسية الأمريكية يقول جريفين: " من الناحية السياسية تشكم الحكومة عناصر [جوّنية] على رأسها الضمانات الدستورية ، ومنها فصل السلطات ، والحريات العامة ، و عناصر [برّنية] أبرزها وعْي الجماهير ومراقبة النواب المنتخبين لتصرفات السلطة التنفيذية ، ولسوف تصبح الحضارة في خطر إذا غاب أحد هذه العوامل ، عندئذ ينمو الفساد ويسفحل في جسد الحكومة، وتتحكم الفاشية والاستبداد وتموت الحضارة ... التشابه هنا-كما ترى- مدمّر ...!" ويتابع جريفين مبرّرا رؤيته الذكية فيقول : " لأن دفاعاتنا (الجوانية والبرّانية) – كما اتضح – قد أصبحت في حالة مَرَضيَّة بالغة السوء .. فقد انهار الوعي الجماهيري، وانطلق التروفوبلاست الشمولي من عقاله .. فهل يمكن أن تستمر حضارتنا ..؟! أم أن سرطانها قد نما أبعد مما نتصوّر؟ هذا هو السؤال..؟!" .. هذا هو السؤال العاجل الذي يسأله كل ضحية من ضحايا الاستبداد السياسيّ .. [وكأنه يعمم حكمه على جميع الأنظمة الاستبدادية فى العالم] وهنا يجيب جريفين قائلا: " بكل أمانة لا يبدو أن ما نتوقعه يدعو إلى التفاؤل .. فقد تطور السرطان السياسيّ بشراسة .. وبالنسبة للوضع الحالي لا توجد قوة تستطيع أن توقف هذا الزحف .. وطريقنا الوحيد اليوم للهجوم هو أن نبدأ في بناء دفاعاتنا الطبيعية بأسرع ما يمكن، ونعني بذلك بناء الوعي الجماهيري وهو الشرط الجوهري البرانيّ مصحوباً بمراقية النوّاب المنتخبين .. أما الشروط الجوانية اللازمة فتتمثل في إعادة بناء الضمانات الدستورية والتي ربما تحتاج إلى وقت أطول ولكنها ستتبع في وجودها بالضرورة لجهودنا في الحقل الأول...! [كأنها نصيحة مباشرة يوجهها جريفين إلى الدكتور البرادعى وأنصار التغيير فى بلادنا !!] ثم يتابع الحديث عن المشهد الأمريكىّ قائلا: " الذي يجب أن نقوم به فورا هو أن نخلق نوعاً من الفيتامين لتنشيط الوعي الجماهيري وإثارة الرأي العام .. نحقنه بأسرع ما يمكن وبلا مواربة في الجسم السياسي، مباشرة في قلب الورم السرطاني .. دع الحكومة وخصوصاً وكالة الأغذية والأدوية تشعر بالانتفاضة القوية لهذه المادة الجديدة .. إنها ستكون مثل السم المختار للخلية السرطانية وعلى الأخص هذه الوكالة السرطانية .. هذه الوكالة لابد من إعادتها إلى حجمها الطبيعي .. فليس هناك منطق أن تعطي حكومتنا (التى يُفترضُ أنها جاءت لخدمتنا) سلطة أن تفرض علينا دواء لا نريده وطعاماً نأكله بينما تعافه شهيتنا .. الوظيفة الوحيدة والممكنة للحكومة هي أن تشرف على عمليات الضبط والتغليف ووضع البيانات الصحيحة على المواد التي نتناولها بحيث نعرف بالضبط ماذا تحتوي عليه هذه الأدوية أو الأطعمة .. وما الذى نشتريه على وجه الدقة عندما نتناول سلعة ما من أرفف السوبرماركت..!؟ فإذا استشعَرَتْ الحكومة أن هناك مادة خطرة على الصحة فيجب أن يكون هناك بيان مختوم عليها يفيد هذا المعنى .. بمعنى آخر أتح الحقائق للناس ودعهم يختارون لأنفسهم .. بهذه الطريقة يختفي 90% من مهام الوكالة .. فإذا بدأ هذا الورم السرطاني في التراجع والانكماش اتجهنا إلى الكونجرس وكل الإدارات الحكومية الأخرى بحقنة الوعي الجديد.. إن سرطان الفاشية متقدم جداً والإصابة كبيرة ومتفشية .. فشعبنا قد فقد روح الاستقلال والتنظيم الذاتي، وهما الشرطان الأساسيان للشفاء الكامل .. أصبح الناس في حالة من الرخاوة والاعتماد على مساعدات الحكومة وعلى صدقاتها .. ويقتبس جريفين من توكفيل الفيلسوف الفرنسي الذي تنبأ بمثل هذه الحالة عندما رأى بذور المركزية تُبذر في الحكومة الأمريكية الوليدة منذ مائتي عام مضت.. حيث يقول: "إن إرادة الناس لا يمكن تحطيمها، ولكن يمكن تليينها وصرْفها وتوجيهها وجهة أخرى .. وتوجد عمليات كبح ثابت ومستمر عن الفعل الجماهيريّ، مثل هذه القوى ليس من الضروريّ أن تدمّرالأشياء ولكنها تمنع وجودها من الأصل [مثل تجفيف المنابع..!] ليس من الضرورى دائما أن ترهب وتقهر وإنما تكثّف وتضغط وتوهن .. إنها تطفئ وعْيَ الناس وتخدّره حتى تتحول الأمة إلى مسخ شائه.. تتحول إلى قطيع من حيوانات مذعورة كادحة .. وتصبح الحكومة في مثل هذه الأمة راعي القطيع المدجّن...!" .. هذا الكلام يذكّرنا بفريد جيتس العبقري الشريرالذي كان وراء جون دى روكفلر عندما قال: "لدينا موارد لا نهائية .. ومن أحلامنا أن نعلّم الناس وندربهم بحيث يقدّمون إلينا أرواحهم باستسلام كامل لكي نشكّلهم فيما نشاء من قوالب ..." [ كما فعل الإعلام بالناس مؤخّرًا فى الحرب الكروية بين فريقيْ مصر والجزائر..!!]. ينتهي إدوارد جريفين بخلاصة حاسمة .. يقول: "إختيارنا الوحيد هو أن نقاوم أو لا نقاوم..! ولا ينبغي أن نخضع أمام القوة الطاغية التى تتحكّم فينا، ولا يصح أبداً أن نخذل واحداً من بيننا يتصدّى لهذه السلطة الجائرة فى وقفة شُجاعة .. بل ينبغي أن نقف خلفه نشد من أزره وندعّمه..." انتهى كلام جى. إدوارد جريفين، فإذا تأمّلَتْ فيه المعارضة الساسية بإمعان ، واستفاد به البرادعى وأنصاره فهم وحدهم المسئولون عن فهمهم واختياراتهم ... ولله الأمر من قبل ومن بعد ...!!