إلى الدكتور محمد مرسي حفظه الله بداية لابد أن أسجل حبي لكم في الله، وهذا ما دفعني لتقديم هذه الهدية لكم، وهي نصيحة لا أبتغي من ورائها إلا الصالح العام وفيه صالحكم الدنيوي والأخروي. لقد ظننت يا سيادة الرئيس أنه يمكنني مقابلة رئيس مصر (بعد 25 يناير ) أو مكالمته تليفونيًا، وتقديم مقترح أو إبداء ملاحظة أو القيام بواجب النصح خاصة، وهو الحافظ لكتاب الله والمتبع لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - (نحسبك والله حسيبك ولا نزكي على الله أحدًا)، وقد التقيت سيادتكم بالعلماء وغيرهم وهذا ما شجعني على هذا الخيال. ولكنني للأسف صدمت بإقالة الدكتور خالد علم الدين مستشاركم السابق لشؤون البيئة بطريقة لا يحبها مخلص لمصر الجديدة . فبعيدًا عن تفاصيل الإقالة وما صاحبها من طريقة الإعلان والتضارب فمرة اتهام لقريب ثم لمعاون ثم له مباشرة ثم النفي لكل ذلك ثم الكلام عن اعتذار ثم التراجع عنه ... ثم... ثم... كل ذلك لن أتناوله ولكني سأقف مع أمر خطير يا سيادة الرئيس وهو وضع المستشارين هل هو شكلي أم ديكوري؟ بمعنى هل يتصور أن يعجز أحد المستشارين عن مقابلة سيادتكم؟ لقد التمس بعضنا بعض العذر لسيادتكم (لعلها ضرورة السرية) عندما أصدرتم الإعلان الدستوري دون مشاورة أغلب المستشارين مما نتج عنه جملة من الاستقالات وحتى من لم يستقل من المقربين نفى علمه بالإعلان. ولكننا في حادثة الإقالة أمام اتهام إنسان لا يستطيع أن يدافع عن نفسه بل لا يواجه بالأسباب. وأنت تعلم يا سيادة الرئيس من هدي حبيبك صلى الله عليه وسلم أنه جاءه الخبر من السماء عما فعله حاطب من تسريب أخبار المسلمين (خيانة عظمى) ومع يقينه في خبر السماء يسأل حاطبًا: ما حملك على ما صنعت؟. وتعلم يا سيادة الرئيس أن الجارية كانت تأخذ بيده صلى الله عليه وسلم وتطوف المدينة حتى يقضي حاجتها. وتعلم يا سيادة الرئيس قصة المرأة التي أنكر عليها النبي صلى الله عليه وسلم عدم صبرها على فقد ولدها فقالت إليك عني فإنك لم تصب بمصيبتي فلما انصرف قالوا لها إنه النبي - صلى الله عليه وسلم - فذهبت تعتذر إليه فلم تجد عنده بوابين. وتعلم يا سيادة الرئيس أن الفاروق عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - (جعلك الله مثله) كان يتحرى في اختيار عماله ويتتبعهم بل ويختبرهم ويقتص منهم ولكن إذا شكا أحدهم عاملًا من عمال عمر جمع بينهما (العامل والشاكي) . وتعلم يا سيادة الرئيس متابعة عمر الجيدة أيضًا لرعيته ومن ذلك قصة المرأة التي غاب عنها زوجها وقصة بائعة اللبن. كل ذلك لأقول يا سيادة الرئيس لقد صدمت حين علمت أن الدكتور خالد كان يحتاج لوساطة لمقابلة سيادتكم. لذلك أهدى لك يا سيادة الرئيس هذا الحوار الذي قفز إلى ذاكرتي سريعًا حين حدثت الإقالة وأزعجني عدم مواجهته بما لديكم ومن عجزه عن مقابلتكم. حوار جرى بين الرئيس السادات والأستاذ التلمساني، وقد استدعاه خصيصًا في لقاء فكري بالإسماعيلية 79 ( نص الحوار الصوتي على موقع الإخوان تيوب) وعلى الهواء مباشرة وجه الرئيس السادات بعض الاتهامات فرد التلمساني وقال: سيادتك اتهمتني وأنت رئيس الدولة.. لو أن غيرك اتهمني كنت أرفع الأمر إليك.. إنما اليوم إلى من أرفع أمري؟ .. أرفع أمري إلى الله.. أنا بريء من كل ما قلت.. أنا طاهر من كل ما قلت.. أنا نظيف.. أنا مسلم.. أنا مخلص غاية الإخلاص. فقال السادات: وحتى نجلي الأمر ولا أكون متجنيًا.. أنا لم أذكر وقائع تجنيت فيها عليك.. ولم أتخذ إجراء ولن أتخذ إجراء.. وإلا لم يكن هو السبيل الكلام الذي نقوله اليوم.. إذن لا حق لك في أن تشكوني إلى الله لأنني أخافه.. أخافه فعلًا . أنا أرسلت لك وحكيت ما حدث فعلًا.. ولو أن هناك نية مسبقة أو رأيًا كونته.... لاتخذت الإجراءات... والقانون معي.... ولعلك لا تذكر ولا تعرف أنني كلفت منصور حسن أن يدعوك للحضور، لأنه لم يكن في التخطيط حضورك... لماذا؟ لأننا كعائلة نجلس ونقول كل شيء بمنتهى الصراحة وبعد ذلك من يخطئ عليه أن يتحمل تبعاته.. ولو أنني كنت قد كونت رأيًا مسبقًا أو إدانة مسبقة.. لاتخذت إجراء. لذلك عليك أن تسحب شكواك أمام الله ورد عليه الأستاذ التلمساني قائلًا: المدعي الاشتراكي أرسل لي وحقق معي.. وليعلم محمد أنور السادات رئيس جمهورية مصر العربية الرجل المسلم أنه لا يمكن لعمر التلمساني لا خلقًا ولا دينًا ولا تربية ولا منشأ أن يتآمر.. أن يغش.. أن يكذب..أن يشتم ... أبدًا. وأنا إذا شكوت إلى الله فإنما أشكو إلى عادل، وأنا إن كنت قد تجنيت فيعلم الله أني لا أشكو إلى ظالم أشكو إلى عادل... بيده الحكم وإليه مرجعنا... وبدلًا من أن أسحب الشكوى... سيادتك اتخذ طريقًا تعالج به التعب الذي نالني. وختم السادات اللقاء بقوله: أظن أن أحسن طريقة أن كل ما تحدثنا عنه مضى وفات وعلينا أن نبدأ جميعا بمد أيدينا في أيدي بعضنا لنقيم البناء.. لم يكن هدفي أن أسيء إلى عمر أو إلى جماعة الإخوان.... وننتهز الفرصة وأقترح أن فضيلة الإمام الأكبر مع إخواننا منكم نشكل مجلسًا إسلاميًا أعلى من جميع الجمعيات الإسلامية ويكون مجلسًا للعائلة.. وعندما يجد أي شيء نجلس ونتناقش.. بكل الصراحة والإخوة والود... وبكل ما علمه لنا الإسلام من سماحة وصدق ويقين ...وأدعو لعمر بالتوفيق . يقول التلمساني في مذكراته (أيام مع السادات) أرسل إلي الرئيس السادات - بعد هذا اللقاء - وزير الأوقاف ووزير الثقافة ليعتذروا لي عما حدث . يا سيادة الرئيس إن الأمل لم ينقطع في سيادتكم أن تصلحوا ما فسد وتقوموا ما اعوج وتعطوا كل ذي حق حقه.