قال الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، إن رسالة الأزهر دعوية غير معنية بالتبشير بالإسلام بالمفهوم الغربي في التبشير مستغلاً حاجة الفقراء بالأغذية والأدوية، موضحًا أن رسالته تهدف إلى كسر العوائق التي تحول دون تعريف الناس بالإسلام؛ الذي لا يحتاج إلا إلى تقديمه إلى الناس، وتبقى بعدها الإرادة لصاحبها في اعتناق ما يشاء، واعتبر أن ما تفعله حملات التنصير إنما هو في اتجاه مضاد لمشيئة الله تعالى بأن الاختلاف أزلي أبدي، ومحكوم عليه بالبطلان، قائلاً إن "اختلاف العقائد سنة ربانية في الخلق؛ والقرآن قد حسم المسألة في قول الله تعالى: (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُوْنَ مُخْتَلِفِيْنَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ)". وعرض الطيب خلال استقباله لجنة الشئون الإفريقية بمجلس الشورى التي تم استحداثها للمرة الأولى في تاريخ البرلمان المصري برئاسة النائب علي فتح الباب الجهود التي يقوم بها الأزهر في إفريقيا لنشر الفكر الإسلامي بين مسلمي إفريقيا بعد تمدد التيارات المذهبية غير الوسطية هناك مستغلة فترة تراجع الأزهر. ورأى أن ما يحدث بين المسلمين والمسيحيين من عنف في نيجيريا، وما يحدث من تناحر بين المسلمين في الصومال سببه غياب الثقافة الإسلامية الوسطية التي يتبناها الأزهر هناك، "فأينما حلت الثقافة الأزهرية حل السلام". واعترف الطيب بتراجع دور الأزهر تجاه القارة الإفريقية في العقود الست الماضية، لكنه عزا هذا التراجع إلى خضوع مؤسسة الأزهر لسيطرة السياسة العامة للدولة آنذاك، وكان المخلصون في الأزهر ينادون باستقلاله، وهذا ما تحقق بفضل الله بعد الثورة، ونص عليه في الدستور الجديد ليتفرغ لدوره العلمي والدعوي ليس في مصر وحدها بل في العالم أجمع. ودلّل على الدور الرائد للأزهر بالدول الإفريقية خلال السنتين الأخيرتين بأن من يدرس بالأزهر من القارة الإفريقية ثلاثة آلاف طالب، منهم ألف وثلاثمائة طالب فقط هم من يقدم لهم الأزهر منحة الدراسة المجانية، أما الألف وسبعمائة طالب الباقين فيتمسكون بالأزهر حبًا فيه ورغبة في وسطيته برغم تحمّلهم نفقات الدراسة. وأوضح أن الأزهر أنشأ بأفريقيا سبعة وعشرين معهدًا، كما يقوم الأزهر بإرسال بعثات من المعلمين الأزهريين إلى دول إفريقيا، والذين يتم اختيارهم وتأهيلهم بنظام جديد قائم على الكفاءة والإجادة، وقد تم إرسال قوافل طبية وإغاثية إلى بلاد النيجر والسودان والصومال وغيرها ومعها كميات هائلة من الأدوية لمساعدة المسلمين هناك. وأكد الطيب أن الأزهر يخطط لفتح مراكز لتعليم اللغة العربية بهذه الدول، ولكن ما يعوقه في الوقت الحالي هو ضعف مخصصاته المالية، بالإضافة إلى عدم التعاون الإيجابي من بعض الجهات المعنية بتلك الدول الإفريقية. وطلب من اللجنة المشاركة في تحمل هذه الأعباء بإنشاء صندوق لدعم الأزهر في إفريقيا، وزيادة المخصصات المالية للأزهر في الموازنة، وكذلك الدعم الأدبي والمعنوي؛ كزيادة الاهتمام بالأزهر إعلاميًا، فمن العيب أن نتعرف على أخبار الأزهر من الإعلام الأجنبي. من جهته، قال علي فتح الباب رئيس لجنة الشئون الإفريقية بمجلس الشورى، إن الزيارة استهدفت الوقوف على رؤية الأزهر الشريف وجهوده على مستوى دول العالم الخارجي بشكل عام، وفى دول القارة الإفريقية بشكل خاص، للاستفادة منها في إعداد خطة اللجنة لزيادة التعاون مع دول إفريقيا التي أُهملت في السياسة المصرية طوال العقود الثلاثة الماضية، وأن ذلك التعاون غير مقتصر على مجال المياه فحسب ، وإنما يشمل كل آفاق التعاون المختلفة من زراعة، وتجارة، وتدريب، وغير ذلك. و أثنى الوفد على تلك الجهود التي عرضها شيخ الأزهر والتي وَضعت اللجنة على المسار الصحيح لكيفية البداية مع تلك الدول، مثمِّنة لفكرة البرلمان الإفريقي، طالبين لقاء مندوبين عنه للتعرف من خلالهم على أوضاع دولهم الإفريقية، وآفاق التعاون المأمول معها.