السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أختي الفاضلة أستاذة أميمة، سلام الله عليكِ وبارك الله فيكِ. أنا مهندس أبلغ من العمر 32 عامًا، نظام عملي يجعلني معظم الوقت أسافر خارج مكان إقامتي، مشكلتي هى عندما أردت الزواج، واجهتني مشكلة البحث، وكيف أبحث عن زوجة، وأنا أعمل في الصحراء، حيث لا نساء هناك، فكان لابد لتكليف الأهل والأصدقاء بالبحث، وفعلاً وجدوا لي عروسًا وبسبب تسرعي الدائم تقدمت لخطبتها دون أن أسأل عنها، أو حتى أجلس معها، حيث إنني اكتفيت برؤيتها عن بعد، وعلى الرغم من عدم إعجابي بشكلها إلا أنني وافقت عليها، كيف؟ أقسم لكِ لا أدري، لكني بعدها فعلاً آمنت بالنصيب، المهم مضى على زواجنا 5 سنوات، ورزقنا بطفل والحمد لله، وأنا من أول يوم أعامل زوجتي بما يرضي الله، وهي لا تقصر في شيء من ناحيتي، ولكن كلما أتذكر مواصفات فتاة أحلامي ولا أجدها في زوجتي التي لم أخترها، أكتئب جدًا لكني لا أبين لها حتى لا أجرح شعورها عملاً بقول رسولنا الكريم "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته". سيدتي إحساس صعب جدًا أنني أعيش مع امرأة لا أحبها وكل كلام الحب الذي أقوله لها كذب، لكني أعلم أنه كذب حلال من قول رسول الله "إن الكذب حلال في 3 حالات منها كذب الزوج على زوجته إذا كان يمتدحها بالكذب"، أي يقول لها أنتِ أجمل شيء وما شابه, سيدتي فكرت كثيرًا في الانفصال لكن لا أريد أن يتربي ابني بعيدًا عن أمه وأبيه.. فما الحل؟ (الحل) وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أخي السائل.. ذكرني موضوعك هذا بقصة مماثلة عرضت عليَّ لحلها منذ أكثر من عشر سنوات، وكان تفكير الشاب متقاربًا جدًا من أسلوب تفكيرك وتخيلاتك, فهذا الشاب كان يضع مقاييس مثالية، ومعايير يصعب مطابقتها بالواقع في اختيار شريكة لحياته, وقال لي وقتها: إنه ظل يبحث عنها كثيرًا, إلى أن وجدها بنفس المعايير الشكلية التي يتمناها, في حين كان حوله العديد من الفتيات متوسطات الجمال ذوات الخلق واللائي كن يصلحن تمامًا لحياة زوجية طيبة، ويكن زوجات وأمهات مثاليات في حياة أي رجل, وكانت إحداهن والتي خطبها بالفعل وهى إحدى قريباته تتمنى الزواج منه ولكنه كان يتطلع لأجمل منها دائمًا, الأمر الذي جعله ينهى خطبته منها ويتركها جريحة, ليبحث هو عن فتاة أحلامه, وبالفعل تحقق حلمه وما رسمه خياله عن تلك الزوجة التي إذا نظر إليها لم تسره فقط بل تغمره سعادة وتملأ عينيه, وأتذكر أنني نصحته وقتها بألا يترك خطيبته وأن يزن الأمور بعقله أكثر ولكن في نفس الوقت لابد وأن يتزوج عن اقتناع تام بها فهى الأفضل له. ولن أدخل في تفاصيل حياته فيما بعد, واختصارًا.. أرسل إلىَّ بعد عامين من زواجه وإذ به يعترف لي بأنه فاق من حلمه وخياله الجميل المتمثل في جمال زوجته الرائع, على كابوس واقعي من شخصيتها ولسانها البذىء وإسرافها وإهمالها، و... و.... و....، مما جعله يرى للأسف كل جمالها تحول إلى قبح, وعندما نظر للحياة من حوله بنظرة أكثر واقعية بعد الإفاقة, وجد أن خطيبته السابقة حياتها مستقرة جداً مع زوج يعيش معها أسعد حياة, ولو كان بيده ليعود إليها لما تردد لحظة ولكن "سبق السيف العذل".. وللأسف كثيراً ما تعرضت لمثل هذه العقليات الرومانسية الحالمة التى تبنى فى مخيلتها شكلاً مثالياً يكاد يتعايش معها على أرض الواقع, ولكنها تصطدم بالواقع الحقيقى حين تدور فى ترس الحياة وتكتشف أن راحة البال والتفاهم والوفاق هى منبع السعادة الزوجية... أخى الفاضل.. بالطبع وصلك الهدف من طرحى عليك هذه القصة التى وددت من خلالها أن أثبت لك أن راحتك مع زوجتك المطيعة الطيبة التى لا تقصر معك فى شىء على حد قولك هى السعادة الحقيقية, والحب الحقيقى والسكن لكل رجل يبحث عن الاستقرار.. ونصيحتى لك.. حرر نفسك وعقلك من خيالك الحالم ومن شكل معين تتمناه فى زوجتك, وانظر دائماً فى زوجتك لإيجابياتها فستجد الكثير, انظر لها نظرة أخرى وبعين مختلفة لا تسمح فيها بتدخل الشيطان والعياذ بالله الذى يكرهك فيها لتبتعد عنها, فالشكل والجمال الخارجى أخى الطيب, زائل لا محالة ومعرض للتشويه والمرض والشيخوخة المبكرة أحياناً ولن يدوم معك غير الأخلاق الكريمة والطاعة والمودة من زوجتك.. أنت تعمل فى صحراء, وفرصتك فى البحث عن زوجة كان بالأمر الصعب, ومن اختارها لك من الأهل أراد الله تعالى أن يكون سبباً فى إعطائك هدية ونعمة صدقنى, ويمكنك أن تجرب أن تعطيها إجازة من حياتك ولتكن لمدة شهر مثلاً, لتكون هى وابنك بضيافة أهلها, على أن تحادثها تليفونياً فقط, وانظر بعدها لحالك, فستجد أنك لا يمكنك الاستغناء عنها من حياتك, ووقتها ستتأكد أنك بالفعل تحبها وحياتك لن تستقر بدونهما.. وبالنسبة للشكل أيضاً, فإن الابتكار فى التجميل فى عصرنا الحالى دون تغيير لخلق الله فى المرأة قد أصبح بالأمر اليسير, فيمكنك أن تسأل لها عن أحد بيوت التجميل الموثوق فى سمعتها الأخلاقية على أن يكون للأخوات فقط، حتى تتعلم كيف تتزين لك وتسرك حين النظر إليها، وهذا الأمر قد أباحه علماؤنا الأفاضل فى الدين.. ونصيحتى الأخيرة لك.. أنت تعترف بأنك تسرعت فى الموافقة عليها والزواج منها, فأرجو ألا تظل على تسرعك وتحاول أن تتخلص من هذه العادة وهذا السلوك السيئ, ولا تتسرع مرة أخرى وتظلمها وتظلم ابنك بالانفصال عنها, فاتقِ الله فيها, فقد لا تجد مثلها يوماً ما, ووقتها ربما يعاقبك الله بما يجعلك تندم عليها باقى حياتك.. فاستعن بالله دائماً وادعوه جل وعلا أن يرضيك بزوجتك وأن يدم عليكما نعمة السعادة والاستقرار. لإرسال مشكلتك والتواصل مع الأستاذة/أميمة السيد [email protected]