بعد نهاية الحرب العالمية الأولى، كانت الظروف العالمية تتهيأ على نحو يخدم الشعب المصري، فلكي تجذب الولاياتالمتحدة شعوب العالم للتحالف ضد ألمانيا وتركيا والنمسا, أعلن رئيسها ولسون مبدأ حق تقرير المصير للشعوب، ومبدأ تأليف عصبة الأمم لحل المشكلات سلميًا ودون حرب وفي ذاك الحين تبلورت الحركة الوطنية حول فكرتين أساسيتين هما: إنهاء الاحتلال البريطاني، وإعلان مصر دولة مستقلة ذات سيادة. وعليه أعلنت بريطانيا من طرف واحد في لندن والقاهرة في مثل هذا اليوم عام 1922، تصريحًا أعلنت فيه إنهاء الحماية البريطانية على مصر، وأن مصر "دولة مستقلة لها سيادة"، لكن احتفظت بريطانيا بحق تأمين مواصلات إمبراطوريتها في مصر، وحقها في الدفاع عنها ضد أي اعتداء أو تدخل أجنبي، وحماية المصالح الأجنبية والأقليات فيها، وإبقاء الوضع في السودان على ما هو عليه، حيث جاء نص هذا الإعلان كما يلي: بما أن حكومة جلالة الملك عملًا بنواياها التي جاهرت بها ترغب في الحال في الاعتراف بمصر دولة مستقلة ذات سيادة، وبما أن للعلاقات بين حكومة جلالة الملك وبين مصر أهمية جوهرية للإمبراطورية البريطانية، فبموجب هذا تعلن المبادئ الآتية: 1. انتهت الحماية البريطانية على مصر، وتكون مصر دولة مستقلة ذات سيادة. 2. حالًا تصدر حكومة عظمة السلطان قانون تضمينات (إقرار الإجراءات التي اتخذت باسم السلطة العسكرية) نافذ الفعل على جميع ساكني مصر تلغى الأحكام العرفية التي أعلنت في 2 نوفمبر سنة 1914. 3. إلى أن يحين الوقت الذي يتسنى فيه إبرام اتفاقات بين حكومة جلالة الملك، وبين الحكومة المصرية فيما يتعلق بالأمور الآتي بيانها، وذلك بمفاوضات ودية غير مقيدة بين الفريقين، تحتفظ حكومة جلالة الملك بصورة مطلقة بتولي هذه الأمور وهي: (أ) تأمين مواصلات الإمبراطورية البريطانية في مصر. (ب) الدفاع عن مصر من كل اعتداء أو تداخل أجنبي بالذات أو بالواسطة. (ج) حماية المصالح الأجنبية في مصر وحماية الأقليات. (د) السودان. وحتى تبرم هذه الاتفاقات تبقى الحالة فيما يتعلق بهذه الأمور على ما هي عليه الآن (ا.ه). وقد رفض الشعب المصري هذا التصريح، وكان هذا التصريح هو بداية دخول مصر في المرحلة الليبرالية، وبعد ذلك تألفت لجنة لوضع الدستور الجديد (دستور1923)، ولكن الملك أحمد فؤاد تدخل لإعطاء نفسه بعض الصلاحيات في الدستور للتدخل في الشئون المهمة للدولة، حيث أصبح من حقه حل البرلمان دون قيد أو شرط، وإقالة الوزارة مهما كانت رغبة الشعب، ومن هنا بدا تمرد الشعب واضحًا من خلال الثورات والجمعيات الوطنية، واغتيال الجنود الأجانب الذي أثار ذعر الجاليات الأجنبية حيث كان يتم في وضوح النهار.