قصة واقعية جميلة

جلس مبتسمًا صادحًا كعندليب.. يكاد يرقص من شدة الفرح, مع أن حاله لا يسُرّ عدوًا و لا حبيبًا.. قال: صدق ربي.. وبربي أقسم أنه صدق ربي سبحانه وتعالى إذ يقول: "إنّا كل شيء خلقناه بقدر".. يعني لا تستعجل... يعني نصرك مرتبط بصبرك, و و ذوبان الآه, موصول بسجود الجباه.. ومنتهى الفرج.. متعلق بارتهاج المهج... سبحانه في علياء سمائه, مطلع على كل صغير وكبير.. عليم بكل التفاصيل, كلها.. كلها.. المفاجأة التي لا ننتبه لها, أنه -سبحانه- قريب جدًا.. يسمع الشكوى, ويفرح بلجوء المشتكِي... فما أحلى الشكوى إليه.. بل ما أحلى الذل بين يديه.
استراح في مقعده.. قال: خُلِقتُ عجولًا.. لا أصبر... و لا طاقة لمثلي - من حقير- بالصبر.. أوصاني عجوز بلغ من التجارب عتيًا: "تصبّرْ,فإن من يتصبر يُصبره الله, ويرزقه نعمة الصبر."... جربت فوجدت أنها كأس مريرة علقم.. ثم تجرعت.. فجاء العلقم عسلًا مصفى.. فعرفت أن أروع من الفرج.. هو انتظار الفرج, و أن أجمل من اليسر هو الصبر عند العسر..
اعتدل في جلسته وأضاء وجهه الابتسام.. واستأنف الكلام: خُلقتُ جزوعًا.. إذا مسني الشر منوعًا.. و إذا مسني الخير متشائمًا.. حتى حينما كنت أفرح, كان يسبقني لساني وأقول: اللهم اجعله خيرًا.. يعني بالعربي والعامي"فقري".. فتأملت حالي ووجدت أن "فقري" نسبة إلى الفقر, فنظرت فهالني حال الفقراء, فشمرت عن ساعدي كي أساعد, فجاءني الهاتف: "إن من أعظم الحسنات, إدخال السرور على مؤمن".. فجهدت حالي لأصل إلى تلك الحال.. فلما رأيت صديقًا مؤمنًا فقيرًا متبسمًا.. تبسمت.. وقلت: يا دنيا غُري غيري, فقد قررت ألا أجزع..
أحنى ظهره.. نظر إلى تحت.. تواضع في حديثه.. قال: الأشياء الجميلة كانت حولي بكل مكان.. عشت أعوامًا أنظر بعين السخط والغضب والقرف.. فلم أر غير السخط و الغضب والقرف.. رأيت كل شيء قبيحًا.. لأني كنت أملك نظرة قبيحة... أعدت كشف النظارة.. وأنا في محل النظارات قررت أن أبدل القديمة بجديدة.. بصرها حديد.. قلت: لما لا أبدل عيني أيضًا, بعينين لا تعرفان غير نظرة عدل ونظرة رضا.. خرجت من المحل وأنا أرتدي النظارتين..رأيت كل شيء واضحًا جليًا ساطعًا بالجمال والضوء..
رفع بصره.. تأملني في هدوء.. قال: يا صديقي.. كن جميلًا ترى الوجود جميلًا.. وأجمل من كل الجمال يا صديق العمر.. هو قولنا: اللهم صل و سلم وبارك على محمد..
أصابتني عدوى العافية: فقلت خلفه: اللهم صل و سلم وبارك عليك يا نبي...
twitter.com/mmowafi
mowafi@outlook.com