لا يستحى أفراد الحظيرة الثقافية فى أحاديثهم وتصريحاتهم من التطاول على الشعب المصرى المسلم، حين يجاهرون علناً وعلى رءوس الأشهاد أنهم يقفون ضد إسلامه ودينه وعقيدته، وأنهم قادرون على حرمانه من مؤسساته التى يملكها وينفق عليها من عرقه وكدحه ودموعه أحيانا، ويُشعرونه أنه لا قيمة له فى اتخاذ قراره المستقل والتعبير عن نفسه وعن آماله وطموحاته. قبل حين قال رئيس ما يسمى المجلس الأعلى للثقافة لن أسمح بتديين الفن ولا أسلمة الأدب! وتبحث عن القوة التى تقف خلف هذا المسئول ليلقى بتصريح مثل هذا التصريح فلا تعرف. وتحاول أن تفهم الدافع إلى مثل هذا التصريح المنافى لأبسط حقوق الشعب المصرى المسلم فلا تفهم. الذى تعرفه وتفهمه هو إصرار السادة الذين يسكنون حظيرة الثقافة على إخراج الشعب المصرى من عقيدته وإيمانه وإسلامه لحساب الفكر العلمانى. وقبل فترة قصيرة أدلى موظف آخر فى المجلس المذكور بتصريح مشابه، حيث ذكر أن قيادات وزارة الثقافة ستقف ضد أى محاولة لفرض وزير إخوانى على وزارة الثقافة، وهدد بالإضراب عن العمل والتظاهر ضد أى محاولة لأخونة الوزارة قائلاً إن أى محاولة لأخونة الدولة هى محاولة لاغتصاب مصر، ولن يسكت عليها أحد! وهذا كلام يبدو أن صاحبه يملك من القوة ما يفوق إرادة الشعب المصرى كله ومؤسساته المنتخبة، ورئيسه الذى جاء فى تصويت عرفه العالم أجمع، ولم يأت صدفة أو على ظهر دبابة، ولكن موظف الحظيرة يؤكد أن ما يسمى قيادات الوزارة ستقف ضد تعيين وزير إخوانى لوزارة الثقافة! وإنى أسأل الموظف المحترم: من الذى يعين الوزراء؟ هل هو المجلس الأعلى أو موظفو الحظيرة؟ وهل الوزير الإخوانى مصرى أو صهيونى؟ ثم ما هى جريمة الوزير الإخوانى الذى يمكن أن يتولى وزارة الثقافة؟ هل لأنه مسلم يحفظ القرآن ويفهم الحديث الشريف ويلتزم بأخلاق الإسلام فلا يسرق ولا يفسد ولا يروج لقيم معادية للفطرة الإنسانية؟ ثم ما معنى الإضراب عن العمل والتظاهر لأن السلطة تختار لوزارة الثقافة وزيرًا مسلمًا وليس وزيرًا شيوعيًا أو انتهازيًا أو ناصريًا أو ليبراليًا أو مواليًا للغرب الاستعمارى؟ الذى أعرفه أن معظم قيادات وزارة الثقافة موالية للنظام السابق، جاءت بمعرفته واستمرت فى مناصبها بناء على رضا الأمن، ومعظمها منقوع فى بئر الفساد ومُعاد صريح أو مقنع للفكرة الإسلامية، ويكفى أن الوزير الذى أعلن استقالته قبل أيام هو من صناعة النظام البائد الفاسد، الذى كان يعادى الإسلام صراحة، ويعتقل أتباعه وعلماءه وأنصاره، ويلقى بهم وراء الأسوار بلا رحمة ولا شفقة، ثم إنه – أى الوزير - حريص على إرضاء الشيوعيين والناصريين وأنصار النظام السابق، مع أنه أزهرى النشأة والتعليم، ويعلم جيدًا ماذا يعنى الإسلام فى مواجهة العلمانية والعلمانيين! إن مصطلح الأخونة لا يعيب المسلمين ولا المنتمين إلى الإخوان، وإذا كان الانتماء إلى الإسلام يعنى الأخونة، فمرحبًا بها فى كل وقت وحين. ثم إن التيار الإسلامى قد فاز فى الانتخابات التشريعية بالأغلبية ومن حقه أن يؤخون السلطة، وأن يأتى بالإسلاميين الذين ينفذون برنامجه أو مشروعه الحضارى، ومن ضمنه وزير الثقافة ووزارتها التى يجب تطهيرها من الفساد المزمن والفاسدين المعمرين، وينبغى أن يوضع على رأسها وزير يخشى ربه ويحرص على الثقافة الإسلامية التى أهدرتها الحظيرة وأزرت بها، وأحلت مكانها الفكر العلمانى، وخاصة فرعه الماركسى. الغريب أن الموظف المذكور يصف مشاركة الإسلاميين بأنها أخونة للدولة وأنها محاولة لاغتصاب مصر، ولن يسكت عليها أحد! ومرة أخرى، هل جاء الإسلاميون على ظهر دبابة واغتصبوا نظام الحكم كما فعل العلمانيون منذ ستين عامًا؟ ومن الذى فوض الموظف المذكور ليتكلم باسم مصر التى لن تسكت على مشاركة الإسلاميين؟ يفترض فى هذا الموظف الذى يرأس لجان المجلس الأعلى أنه يملك حدًا أدنى من المعرفة ويعلم أن هناك شيئاً اسمه الديمقراطية التى تقوم على اختيار الشعب، وأن صندوق الانتخابات يأتى بالأغلبية التى تحكم برجالها وبرنامجها، فإذا نجحت أعاد الناس انتخابها، وإذا أخفقت رفضها واختار منافسيها. فكيف لهذا الموظف أن يرى مشاركة الإسلاميين اغتصابًا لمصر؟ من الذى يحاسب هذا الموظف على عدوانه ضد الديمقراطية، وتضليله للناس بتصريحاته الاستبدادية العدوانية؟ للأسف لم يكتفِ الموظف المذكور بهذا العدوان الصارخ ضد الحرية والديمقراطية، بل يعترف بجريمة نكراء حين يقول لبوابة الأهرام إنه جرت محاولات من قبل لإضافة أعضاء من الأزهر لتركيبة المجلس الأعلى للثقافة عبر تخصيص كوتة لهم، وهو ما وقف المجلس ضده بقوة، حيث إن المجلس يعد أى محاصصة على أساس تمثيل دينى أو طائفى يشكل خطورة كبيرة على المجتمع. هل وجود علماء أو أدباء من الأزهر الشريف تعد محاصصة دينية وطائفية؟ طيب قل لى أيها الموظف: ما معنى أن يكون تركيبة المجلس الأعلى من الشيوعيين الحكوميين والناصريين الحكوميين والليبراليين الحكوميين؟ هل حلال على هؤلاء حرام على من ينتمون إلى الشعب المصرى المسلم؟ هل نسى الموظف أن مصر مسلمة وشعبها كله مسلم بالعقيدة والحضارة وليس شيوعيًا ولا ناصريًا ولا ليبراليًا، وأن هؤلاء مجرد مجموعات تربت على حجر النظام البوليسى الفاشى طوال ستين عامًا، ولا تمثل قطاعات حقيقية فى الشارع المصرى؟ لا يعترف الموظف المذكور فيما يبدو أن وزارة الثقافة مؤسسة مصرية ملك للشعب المصرى بما فيه الإخوان المسلمون والسلفيون والجهاديون والوسطيون والجماعات الإسلامية وغيرهم من الإسلاميين، وليست قاصرة على اليساريين والليبراليين أو الحظائريين وحدهم، فالشعب المصرى المسلم هو الذى يدفع ميزانيتها من دمه وكدّه، ومن حقه أن يشارك فى تسييرها والتخطيط لعملها. ومن ثم لا يجوز لوزير الثقافة أو رئيس المجلس الأعلى للثقافة، فضلاًَ عن موظف من موظفيه، أن يمنع أغلبية الشعب من المشاركة فى حركة الثقافة بدعوى الأخونة. ليس من حق أهل الحظيرة أن يستمروا فى ادعاء ملكية وزارة الثقافة، وأن يتبجحوا بأنهم سيواجهون بحزم دخول من لا يعجبهم إلى المجلس الأعلى للثقافة. أيها الحظائريون أنتم لا تملكون الوزارة، ويجب على المسئولين الذين يعينون الوزير أن يقنعوا أهل الحظيرة بذلك.