سطر المصريون عبر تاريخ نضالهم الطويل لنيل الحرية صفحات مشرقة كان مدادها الرئيسي دماء طاهرة زكية تدفقت في بقاع الوطن المختلفة صونًا للأرض وحفاظًا على كيانه ومؤسساته ودفاعًا عن العرض ووفاءً بالعهد الذي قطعته الأجيال على نفسها بالذود عن أم الدنيا مصر. كانت دماء المصريين تراق من أجل حياة الوطن والحفاظ على كرامة أبنائه ورفع هامته عالية بين الدول. كانت دماء المصريين تعطر تراب مصر مجدًا وعزًا وفخرًا يتفاخر به الآباء والأمهات أنهم قدموا القرابين الذكية حياة لمصر. لم ينس التاريخ قلادة المجد التي ألبسها المصريون لأمهم مصر وقد رسخوها بدماء عطرة سالت في قناة السويس وفي 56 و67 و73 و25 يناير2011م . لقد كان للدماء يومها ثمن باهظ يسعى إليه جل المصرين ويتغنون به في أهازيجهم ويتناقلونه في مجالسهم ويتسامرون به في أحاديثهم بل صار أملًا يراودهم في منامهم. كانت الدماء تعطر تراب مصر مقاومة لمحتل غازٍ تعدى على حرمة الوطن ينهب خيراته ويسرق موارده ويذل أبناءه ويفرض قراراته ويحتكر أرضه وثرواته. لم ييأس المصريون بل بذلوا وضحوا وأريقت منهم الدماء وأشعلوا نار الثورات حتى انجلى المحتل وعادت مصر للمصريين. أو كانت تسيل الدماء تحريرًا لأرض الوطن من عدو غاشم اقتطع جزءًا منه عنوة غير عابئ بالمصريين فانتفض الرجال ودوى الهتاف وروت الدماء أرض سيناء ليسطر المصريون ملحمة 73 بدمائهم وينهوا أكذوبة العدو المحتل بدرس لن ينساه التاريخ. أو كانت تراق دماء المصريين قمعًا لظلم عانوه حقبة طويلة وتجرعوا من كأسه المرارة والأسى ورأوا منه كل ألوان البطش والبغي. ضيق عليهم في أرزاقهم وحاربهم في لقمة عيشهم ومنعهم من ممارسة حقوقهم وكبت حرياتهم وقمع آراءهم ورمى أفكارهم بالبهتان وصدر لهم الأزمات ونشر الفساد في المؤسسات واستأثر نفسه بخيرات مصر فثار الشباب ليطهروا البلاد من الفساد الذي طال كل شيء في مصر وليحققوا عدالة اجتماعية بين أبناء الوطن الواحد وليتنسموا عبير الحرية الغائب عن الأوطان فعطرت الدماء الميادين وبددت دياجير الظلام الذي خيم على مصر سنوات طوال وأشرق فجر مزهر لبناء مصر الجديدة. ولكن دماء المصريين الآن يعبث بها الحاقدون الذين لا يريدون خير مصر بل يسعون لتحقيق مآربهم ومصالحهم الشخصية وأغراضهم الدنيئة. دماء المصريين يتاجر بها لصوص الأوطان الذين يريدون سرقة مصر وإذلال أهلها من جديد. دماء المصريين تراق هذه الأيام هدمًا لكيان البلد وإحراقًا لثرواته ونشرًا لفوضى تقيض أركانه. دماء المصريين تسيل بأيدي الغادرين الناقمين على استقرار مصر واسترداد عافيتها. فشتان بين دماء أريقت من أجل بناء مصر وبين أخرى تسيل هدمًا لمصر، بين دماء أريقت عزًا ومجدًَا لثورة مباركة وبين دماء تسيل خرابًا ودمارًا للبلد. يا شباب مصر الدماء لها حرمة عند الله فلا تعبثوا بها بل احقنوا دماءكم وصونوا أرواحكم واحفظوا أوطانكم وساهموا في بناء مصر الجديدة بتعاونكم وحبكم ووطنيتكم. لقد ضربتم أروع المثل في الولاء والحنين والوفاء طوال ثورة 25 يناير فلا تكونوا إلا حماة للوطن ومؤسساته ودروع وقاية للشعب من كل عابث بأمن المصريين وحرماتهم وممتلكاتهم العامة والخاصة. واجبنا الآن يا أبناء مصر حماية الوطن وصيانته من أيدي الطائشين واللاهثين على السلطة، ولو على أنقاض الوطن وبدماء أبنائه. حفظ الله مصر وحقن دماء أبنائها وجعلها أمنًا وسلامًا. [email protected] أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]