الانتماء إلى تلك البلدة الطيبة للأسف أصبح شعارًا يردد لدى الكثير من أبنائها، بينما على أرض الواقع نجد أنفسنا فى موقف أقرب للشك منه للتصديق، لأن الانتماء كما نفهم يعنى الحب والإخلاص والعمل، ولكن ما نراه الآن على أرض الواقع يجنح إلى التشكيك والتخوين من قوى على الساحة سواء إعلامية أم سياسية المفروض أنها قوى مسئولة واعية مدركة للأزمة التى تمر بها البلاد، والتى يعلم الجميع أن حلها متوقف ببساطة على إرادة من أطراف الأزمة ومصداقية للحوار وجدية من الطرف الذى يحكم، وهو أمر يعلمه الجميع، ولكن على أرض الواقع نرى أن كل طرف منكفئ على نفسه متمترس ببعض مؤيديه حاشدًا كل ما يملك ليس لرفعة البلد، وليس إشفاقًا على المواطن المطحون الذى نسيه الجميع فى غمرة مراهقتهم السياسية، وأنانيتهم التى تبيح لهم البحث عما يدعم ما يروجون له ولو كان الثمن وطن يسقط، واقتصاد يتهاوى، ومواطن مطحون يدفع ثمن كل ذلك، ولا يشعر به أحد. تلك الحالة المذرية لنخبة البلاد البائسة التى للأسف ترى الاستجابة للحوار دليل ضعف عكس المنطق الذى يفهمه الجميع أن الرافض للحوار إما ضعيف ليس لديه ما يقدمه وإما مغرض يراهن على سقوط الدولة، ومثل هذا يستحق أن نسال الله أن يخزيه وأن يفشل سعيه، لأن مثل هذا لا يمكن أن يكون منتميًا حقيقيًا لتراب هذا الوطن بل لا يستحق الانتماء إليه فهذا الوطن العظيم لن يتقدم إلا بجهود كل أبنائه كل مطالب بمد يده، وأن يسمو فوق غضبه إن كان حقًا يريد الاستقرار لهذا الوطن، فلا يعقل ألا يجد أحدنا حرجًا فى الجلوس والتفاوض مع كائن من كان، ولو كانوا من إسرائيل وباعتبار ذلك فى مصلحة الوطن، بينما نفس الشخص تأخذه العزة بالإثم حين تكون الدعوة للحوار من شركاء الوطن، فهل من عاقل يقبل بذلك، ومن يدفع ثمن هذا العناد والكبر سوى المواطن الذى ليس له إلا هذا الوطن الذى ربما لا يملك قوت يومه فيه، ومع ذلك يتنفض له ويصر على البحث عن مستقبل أفضل له على أرضه. أطراف الصورة معلومون للكافة معارضة فى طرف مدعية أنها الطرف المدافع عن مدنية الدولة، وأرى أنه قول جانبه الصواب لأن الضامن الوحيد المدافع عن مدنية الدولة هو صاحب هذا الوطن، وهو الشعب المصرى الذى تتجاهله هذه القوى مكتفية ببعض من التفوا حولها مكتفية بخوض معارك التنظير والسفسطة والجهاد الحنجورى على فضائيات إعلام مغرض ليس لديه سقف أخلاقى للخلاف سقطت كتيبة المارينز الإعلامية كلها أو معظمها فى مستنقع السفالة والدعارة و الردح الإعلامى دونما سقف من قيم أو أخلاق مثيرة من الأكاذيب أكثر مما تعرف من الحقائق مراهنة على قدرتها على تحويل الحق إلى باطل والباطل إلى حق، متصورة أن الشعب أبله ينقاد وراءها دونما وعى بينما أثبتت كل الانتخابات والاستفتاءات السابقة أن ذكاء هذا الشعب الفطرى أبلغ كثيرًا مما يظن أولئك الإعلاميون الذين لا يتورعون أن يغيروا توجههم وطريقة حوارهم بل موضوعاتهم حسب أجندة الممول فاختلط الكره والسفالة ليسمى نقدًا وظهر السقوط والردح وسمى حرية رأى، ورأينا تحرشًا فكريًا واستهزاءً برئيس منتخب وسمى ذلك وطنية وشجاعة، وهى منهم براء فلن يدوم الحال كثيرًا ولن يصبر الشعب المبتلى بأولئك كثيرًا، فالآن فرصة أن يسال كل منهم نفسه، ويعيد تقييم الموقف من منطق أنا والآخر وليس أنا وبعدى الطوفان، لأنه إن أصر على هذا المبدأ الذى يكرره إمعات الإنقاذ فسيكون أول الهالكين فى الطوفان، فقدْ فقدَ الشعب صبره، وبلغ السيل الزبى كما يقولون فليتق كل منهم ربه، وليقدم مصر وشعبها على غروره وطموحه الشخصى، ويستجب للحوار الشامل ليعلن فيه رأيه كاملًا وتصوره كاملًا، للخروج من الأزمة التى يدفع ثمنها الجميع بدلًا من المتاجرة بدماء أناس بسطاء ماتوا سواء من صفوف الشعب أو من صفوف جنود وضباط الشرطة فى تلك الموجة غير المسبوقة من العنف المدمر الذى لم نر له مثيلًا من قبل. يبقى الطرف الآخر وهو القوى الإسلامية وخاصة مؤسسة الرئاسة التى تتحمل الجزء الأكبر من وزر ما يجرى على أرض مصر، لأن قدر الكبير أن يبدأ بمد يده للجميع، وأن يتحمل سقطات البعض حبًا فى هذا الوطن وسعيًا إلى حوار صريح جاد به التزام لإعادة خلق مناخ الثقة الذى فقد بعد جلسات الحوار السابقة، والتى تم التنصل منها وأيا ما كانت الأسباب فعلى السيد الرئيس أن يقدم مصر على الجميع، وأن يتفاعل مع نبض الشارع بصورة أسرع، مما هى عليه فالرئيس مسئول عن طمأنينة كل مواطن فى هذا البل،د فماذا يفعل مواطن غلبان يرى بلده تحرق وإعلام لا يتورع فى استضافة أفراد ممن يطلق عليهم أصحاب الأقنعة السوداء فى سقطة إعلامية غريبة لم نر لها مثيلًا إلى جوار جلسات الشرشحة المسائية لكل ماهو إسلامى وللإخوان وللرئاسة، وعلى الوجه الآخر يجد هذا المواطن أن مؤسسة الرئاسة غير مهتمة ببث الاطمئنان إلى نفسه، وهذا هو سبب خروج الكثير من الناس فى جمعة الخامس وعشرين من يناير، لأن هذا الصمت الطويل من مؤسسة الرئاسة يساعد فى إشاعة جو الشك والخوف والرعب من المستقبل وكلها مشاعر سلبية للبسطاء كفيلة بخلق ردود أفعال سلبية تتفاوت فى سلبيتها حسب حب من يقوم بها لهذا البلد وحسب درجة الإحباط التى وصل إليها، ولذا فإن مؤسسة الرئاسة مطالبة بالتواجد باستمرار لمخاطبة الناس يوميًا فى كل الأمور فالناس تريد أن تعرف حتى تطمئن، وتجاهل ذلك هو الذى ضاعف من عنف الأحداث الجارية، فصدقًا مؤسسة الرئاسة مطالبة برعاية حوار جاد بدون سقف مسبق أو موضوعات مستبعدة من النقاش فهذا هو السبيل الوحيد للم الشمل والخروج من نار الأزمة التى تمر بها بلدن،ا ولا تسعد أى مخلص فى انتمائه لهذا الوطن. حفظ الله مصر وأهلها من كل سوء تحياتى درويش عز الدين