لقد من الله علينا وعلى الأمة الإسلامية بربيع الثورات العربية، فهى صناعة ربانية بحتة، فكانت ثورة تونس ملهمة للشعوب، وجاءت ثورة مصر معلمة لكل الشعوب، وعندما تأملتها وجدتنى تعلمت منها الكثير، وهذا بعض ما علمتنى الثورة: تعلمت أن لا أفقد الأمل رغم كل الغيوم، فإن أشد أوقات الليل ظلمة، تلك التى تسبق بزوغ الفجر، ومن فقد الأمل فقد حكم على نفسه بميتة الأحياء. تعلمت من الثورة أن لكل ظالم نهاية وحد، إذا تعداه جاءت إرادة الله، حيث لا يمكن للظلم أن يستمر، وعندها فهمت كيف أن الله يمهل ولا يهمل . تعلمت أن جزاء الظالم من جنس ظلمه، فقديمًا قال فرعون (يا قوم أليس لى ملك مصر وهذه الأنهار تجرى من تحتى)، فأجراها الله من فوقه.!! وجاء قارون مفتخرًا بداره وكنوزه، فخسف الله به وبداره الأرض..!! وفى هذه الأيام رأينا بن على وهو يحارب كل مظهر إسلامي، فكان جزاؤه أن هرب إلى دولة لا يرى فيها إلا المظاهر الإسلامية.!! وتميز مبارك بفتح المعتقلات والسجون والمحاكمات العسكرية لمعارضيه وخاصة الإخوان المسلمين، فكان جزاؤه السجن والإذلال.!! ونادى القذافى كتائبه لقتل شعبه، ووصف شعبه بالجرذان، فكان جزاؤه أن أخرجوه من أنبوب صرف كالجرذان ثم قتله شعبه، فجاء الجزاء من جنس العمل. تعلمت أن لله جنودًا فى الأرض وفى السماء لا نعرفها، وتعلمت أن الغباء جند من جنود الله يسلطه الله على كل رئيس ظالم ومستبد ليكون سببًا فى هلكته. تعلمت أنه (ما ضاع حق وراءه مُطالِب، وما ضاع مطلب وراءه ثائر)، وأن الشعب أبقى من الحاكم، وأن الخوف حاجز سهل الكسر فإذا انكسر ظهرت إرادة الشعوب، ولابد لإرادة الشعوب أن تنتصر. تعلمت أن الشعوب وقت الأزمات والثورات تتحد فتصبح يدًا واحدة ولونًا واحدًا، فالكل ينصهر فى بوتقة واحدة؛ لِتكوٍّن سبيكة واحدة، تجيب طارقها برنين واحد متجانس.. (الشعب يريد إسقاط النظام).. فتوفرت للقدر أسباب الاستجابة، فاستجاب. تعلمت أنه إذا تحققت إرادة الشعب، تبدأ تلك السبيكة فى الانصهار ليتمايز كل معدن بخصائصه ولونه من جديد.. والكل يريد لنفسه شيئًا من مكتسبات الثورة..!! ولا غضاضة فى ذلك. تعلمت من الثورة أنه إذا اختفت الحرية، فلم يعد لوجود الإنسان معنى، وإذا اختفت العدالة لم يعد لوجود الإنسان قيمة. تعلمت أن للذل ضريبة، وللكرامة ضريبة، وضريبة الذل أكبر، وأن الموت والاستشهاد أصبح عند الشعوب أحب على النفوس من عيشة الذل لحظة واحدة.. وتعلمنا أن (حياة الشعوب تساوى دماء الشهداء) . تعلمت معنى حب الوطن ومعنى الانتماء الحقيقى للوطن الأصغر والأكبر. تعلمت من الثورة أن حقائق اليوم هى أحلام الأمس.. وأحلام اليوم هى حقائق الغد، فأحلم بأن تستقر بلادى وأن ينعم شعبى بخيرها وثرواتها، وأن نقود العالم إلى الحرية والعدالة، وأن ترجع مصر لمكانتها التى سلبت منها. أعلم أنه ما منا إلا وتعلم شيئًا من الثورة.. فهذا ما علمتنى الثورة فماذا علمتك؟