كنت ومازلت أراهن - رغم كل شيء - على أن جريدة «الشروق» لصاحبها إبراهيم المعلم تصلح لأن تحتل موقع الصحيفة القومية غير الحكومية التي تطبق الحد الأدنى للمعايير المهنية المحايدة في زمن تتهم فيه الصحف بالانحياز لأنها تلتزم الحياد.. تحت عنوان: «تزوير الموت» كشفت «الشروق» في تحقيق استقصائي فريد أجرته الصحفية المميزة (نادية مبروك) وقائع التصفية الجسدية عن طريق التعذيب حتى الموت لأعضاء الجماعة الإسلامية التي كان يتم إصدار أحكام بالإعدام ضد كل أفرادها إلا أن الضباط كانوا يفضلون التصفية الجسدية كنوع من أنواع الثأر.. وقال التحقيق إن التخلص من الجثث كان يتم عن طريق الدفن في الصحراء والدفن أسفل مقر فرق الأمن التي تتم فيها عمليات الإعدام غير القانونية، وإقحام جثة المعتقل على موقع اشتباك، وبيع الجثث لطلاب كلية الطب عن طريق وسطاء من متعهدي دفن الموتى.. تحقيق يستحق القراءة وهو منشور في الشروق يوم الأربعاء 23 يناير 2013.. وإذا كانت «الشروق» تفتح صفحاتها للأستاذ هيكل.. فإنها لم تغلق باب الهجوم والانتقاد للأستاذ هيكل فقد نشرت «الشروق» مقالًا للأستاذ محمد المنشاوي قال فيه: إن الأستاذ هيكل يقول إن واشنطن ضغطت على المجلس العسكري لإعلان نجاح الرئيس مرسي برئاسة مصر، وتجاهل الأستاذ هيكل اطلاع سفارات الدول الكبرى في القاهرة على نتائج اللجان الفرعية التي سُلمت لمندوبي المرشحين وأكدت فوز مرسي قبل بزوغ فجر 18 يونيو الماضي، وقال إن الأستاذ هيكل لم يتحدث عن قيمة التغيرات المجتمعية التي نتجت عن عقود ستة من حكم عسكري مستبد استند على شرعية السلاح والانتخابات المزورة. وقال إن الأستاذ هيكل لم ينتقد فشل حكم ناصر والسادات ومبارك في القضاء على أمية ملايين من المصريين خاصة في الريف واختار بدلاً من ذلك توجيه النقد لهم لتصويتهم للقوي الإسلامية ولدستورها.. هذا الكلام نشر في «الشروق» وهي صاحبة الامتياز في نشر هذه الردود القوية على الأستاذ هيكل.. المقال نشر يوم الجمعة 4 يناير 2013. ومما يكشف الانحياز المبدئي للمهنية في «الشروق».. ما نشرته للببغاء الذي يسمي محمد أنور السادات الذي هرتل وقال: إن قطر تحصل على أراضٍ بالمخالفة لحظر التملك في سيناء.. «الشروق» نشرت له كلامه.. لكنها في نفس الوقت لم تنس الطرف المسئول الذي نفي الهرتلة وأكد كذب النائب المزعوم، تلك هي المهنية في أبهي صورها التي تجلت أيضًا في تغطية رئيس تحرير «الشروق» عماد الدين حسين الذي قام بكتابة تقرير إخباري من الرياض كان غاية في الحياد والتجرد حول لقاء الرئيس بالجالية المصرية في السعودية.. أما ضربة المعلم فقد تجسدت في استكتاب الكادر السلفي (نادر بكار) الذي يكتب عمودًا يوميًا في «الشروق» والتي تتميز عن كل أشقائها بأنها تحتكر فهمي هويدي وهو العلامة المميزة لها والتي تباهى به بين الصحف.. فإن فهمي هويدي هو النخبوي الوحيد الذي لم يتغير لا قبل الثورة ولا بعد الثورة. وفي النهاية فإنني كنت أهنئ «الشروق» بفهمي هويدي والآن أهنئ فهمي هويدي ب"الشروق".