وفاة أفقر رؤساء العالم ورئيس أوروجواي ينعاه بكلمات تهز القلوب    شهروا بيه، تامر حسني يحرر محضرا رسميا ضد شركة دعاية وإعلان بالشيخ زايد    باختصار.. أهم أخبار العرب والعالم حتى منتصف الليل.. ترامب: نستخدم قوتنا العسكرية لإحلال السلام.. وروسيا: المحادثات مع أوكرانيا يجب أن تعقد خلف أبواب مغلقة.. والاتحاد الأوروبى يحتاج 372 مليون يورو استثمارات    ترامب: ما حدث فى السابع من أكتوبر لم يكن ليحدث فى وجودى    ترامب يعلن رفع العقوبات عن سوريا والكويت تؤيد: خطوة نحو الاستقرار    بوتين: لن تعود العلامات التجارية الأجنبية إلى روسيا إلا إذا أضافت قيمة حقيقية    الخطيب يهنئ رجال يد الأهلي بعد الفوز بالسوبر الإفريقي علي حساب الترجي    نجم الأهلي: حزين على الزمالك ويجب التفاف أبناء النادي حول الرمادي    سامبدوريا الإيطالي إلى الدرجة الثالثة لأول مرة في التاريخ    الدكش يكشف رد فعل الرمادي بعد خطأ عواد الكارثى أمام بيراميدز.. فيديو    مدبولى: الحكومة حريصة على الاستماع لمختلف الآراء بشأن رد الأعباء التصديرية    إصابة 9 أشخاص إثر حادث اصطدام سيارة برصيف فى التجمع    تعليم سوهاج تواصل تقديم المحاضرات المجانية لطلاب الثانوية العامة.. صور    التحفظ على سيارات بدون لوحات معدنية ودراجات بخارية مخالفة بحى المنتزه بالإسكندرية    فتحي عبد الوهاب: "مش بزعق في البيت وبحترم المرأة جداً"    محافظ الإسماعيلية يشيد بالمنظومة الصحية ويؤكد السعى إلى تطوير الأداء    محافظ الدقهلية يهنئ وكيل الصحة لتكريمه من نقابة الأطباء كطبيب مثالي    طريقة عمل أم علي، ألذ تحلية لأفراد أسرتك وضيوفك    رئيس جامعة المنيا يستقبل أعضاء لجنة المشاركة السياسية بالمجلس القومي للمرأة    سعر الطماطم والخيار والخضروات في الأسواق اليوم الأربعاء 14 مايو 2025    حرس الحدود يعين أحمد عيد عبد الملك مديرًا فنيًا جديدًا للفريق    «لماذا يركز على لاعبي الأبيض؟».. نجم الزمالك السابق يهاجم سياسة الأهلي    نجم الكرة المصرية السابق: رحيل كولر أنقذ الأهلي.. والنحاس يسير بخطى ثابتة    بورفؤاد يتحدى الإنتاج الحربي في صراع الصعود إلى دوري المحترفين    عيار 21 الآن بعد الانخفاض الجديد.. سعر الذهب اليوم الأربعاء 14 مايو في الصاغة    سعر السكر والارز والسلع الأساسية في الأسواق اليوم الأربعاء 14 مايو 2025    نشرة التوك شو| استعدادات الحكومة لافتتاح المتحف المصري الكبير.. وتعديلات مشروع قانون الإيجار القديم    في وجود ترامب بالمنطقة.. الحوثي يستهدف مطار بن جوريون الإسرائيلي بصاروخ باليستي    «بيطري دمياط»: مستعدون لتطبيق قرارات حيازة الحيوانات الخطرة.. والتنفيذ خلال أيام    هدوء ما بعد العاصفة .. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم الأربعاء    «من الخميس للثلاثاء».. تفاصيل جدول امتحانات الصف الرابع الابتدائي 2025 بدمياط    أرعبها وحملت منه.. المؤبد لعامل اعتدى جنسيًا على طفلته في القليوبية    البيت الأبيض يكشف عن أبرز الصفقات مع السعودية بقيمة 600 مليار دولار    فرصة لخوض تجربة جديدة.. توقعات برج الحمل اليوم 14 مايو    الكثير من المسؤوليات وتكاسل من الآخرين.. برج الجدي اليوم 14 مايو    وقت مناسب لاتخاذ خطوة تجاه من تحب.. حظ برج القوس اليوم 14 مايو    بحضور يسرا وأمينة خليل.. 20 صورة لنجمات الفن في مهرجان كان السينمائي    حدث بالفن | افتتاح مهرجان كان السينمائي وحقيقة منع هيفاء وهبي من المشاركة في فيلم والقبض على فنان    هل أضحيتك شرعية؟.. الأزهر يجيب ويوجه 12 نصيحة مهمة    الجيش الإسرائيلي يأمر بإخلاء واسع شمال قطاع غزة    أحمد موسى: قانون الإيجار القديم "خطير".. ويجب التوازن بين حقوق الملاك وظروف المستأجرين    وزير التعليم يستقبل الممثل المقيم لصندوق الأمم المتحدة للسكان    مهمة للرجال .. 4 فيتامينات أساسية بعد الأربعين    لتفادي الإجهاد الحراري واضطرابات المعدة.. ابتعد عن هذه الأطعمة في الصيف    فتحى عبد الوهاب: العلاقة تاريخيا ملتبسة بين الإخراج والإنتاج ويشبهان الأب والأم    اجتماع لمجلس النقابة العامة للمحامين والنقباء الفرعيين غدًا    من بين 80 غزوة.. علي جمعة يكشف عدد الغزوات التي شارك فيها النبي؟    هل تعليق الصور في البيوت يمنع دخول الملائكة؟.. أمين الفتوى يحسم    هل تأثم الزوجة إذا قررت منع الإنجاب؟.. أمين الفتوى يجيب    محافظ جنوب سيناء خلال لقاؤه «الجبهة»: المواطن السيناوي في قلب الأولويات    الصين صدرت 242 ألف سيارة تجارية في الربع الأول من 2025    التقنية الحيوية ومستقبل مصر.. رؤية من جامعة القاهرة الأهلية    المستشارة أمل عمار تشهد ختام التدريب التفاعلي الثالث لقاضيات مجلس الدولة    محمد رمضان يكشف موعد طرح أحدث أغانية «البابا راجع»    انطلاق المسابقة العالمية للقرآن الكريم بمديرية أوقاف كفر الشيخ    براتب 87 ألف جنيه.. تعرف على آخر موعد لوظائف للمقاولات بالسعودية    الأكاديمية الطبية العسكرية تفتح باب التسجيل ببرامج الدراسات العليا    جدول مواعيد امتحانات الترم الثاني 2025 في محافظة أسيوط جميع الصفوف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كنت ناصريا .. فاهتديت
نشر في المصريون يوم 18 - 01 - 2013

أحد الصحفيين (والاعلاميين) الناصريين، والذى يعف قلمى عن ذكر اسمه، لكنه يقدم برنامج توك شو (بمفرده) خلفا لسيدة زوجها صاحب قناة (التيت) للرقص، قال هذا الصحفى: "ما أحوجنا لعبدالناصر فى ظل الخضوع والإذعان الذى نعيش فيه".
إنه يتحسر على عهد عبدالناصر، مثله مثل أغلبية رموز الصحافة والإعلام والسياسة فى مصر الآن، بل أصبح إعلامنا فجأة كله ناصرى التوجه، رغم أنه قبل سنوات كان ذلك يعد من قبيل التهم التى يتعرض أصحابها للاضطهاد، وأنا هنا بصفتى من الذين انتموا لهذا التيار سنوات طوال مغيبا متعاميا عن الحقائق، لابد أن أبرىء ذمتى أمام الله أولا ثم أمام الدنيا كلها، فلقد اكتمل عقلى، ونضج فكرى، واهتديت بفضل الله تعالى إلى أننى كنت ضالا فاستفقت وهدانى الله الذى ما كنا لنهتدى لولا أن هدانا، وأحمد الله أنى قد استفقت قبل لقائه، مؤكدا على أننى لا أنتمى لأى أحزاب أو جماعة أو ائتلاف، ولن يحدث هذا أبدا.
لقد عشت ردحا من عمرى وأنا مثل هؤلاء أرى فى عبدالناصر زعيما استثنائيا لن يأتى الزمان بمثله، فلما تقدم بى العمر وازددت نضوجا واتسعت دائرة مداركى ومعارفى، وأخذتنى هواية البحث والتنقيب فى تاريخ الأمة، رأيت ما لم أره فى زمن (المراهقة المعرفية) من سلبيات وجرائم، جعلتنى أنزل بعبدالناصر من على قمة التمجيد إلى أسفل درجات التحقير، وبدأت أرى حقيقة ما غاب عنى خلال عهد الهزائم والانكسارات، وقتما كان يجلس على قيادة الجيش شخصا أرعنا هوايته مجالسة المومسات، وكل وقته ضائع بين الخمر والنساء.
عبدالناصر بنى المصانع وأقام المشاريع والشركات، لكنه بناها على أطلال المصانع والشركات التى أممها وانتزعها من أصحابها، والسؤال: ماذا لو أقدم الرئيس محمد مرسى اليوم على تأميم كل المصانع التى يملكها رجال الأعمال وأغلبهم لصوص وفتح أبواب هذه المصانع لتكون ملجأ لكل المتعطلين فيقبضون رواتب بلا عمل، ونفرح أياما بذلك، ثم نبكى سنينا بعدما تخرب هذه المصانع مثلما خربت مصانع ناصر وانهارت من داخلها لأنها تحولت إلى مأوى لكل المتعطلين الغير فاعلين؟.
بعد قيام ثورة يوليو عام 1952 قدم عبد الناصر القرابين (من لحم الوطن) للغرب لينال رضاءهم، فبدأت حكومتة المفاوضات مع بريطانيا حول السودان فى 20 نوفمبر سنة 1952، وانتهت فى 12 فبراير سنة 1953، وقبل التفاوض مع الانجليز على الجلاء عن مصر، وكان هذا التصرف مقابل أن يختفى اللواء محمد نجيب عن صدارة المشهد، ويصبح عبدالناصر (34 سنة) هو رئيس وزعيم أكبر دولة عربية، وكان الثمن هو التخلى عن السودان التى كانت كانت جزءً من مصر، وفى أواخر سنة 1953، أجريت انتخابات برلمانية فى السودان صورية برعاية انجليزية، وتم سحب القوات المصرية من السودان عام1955 ، وهى جريمة تستحق المحاكمة بتهمة الخيانة العظمى، لأنه فرط فى ثلاثة أرباع الوطن.
ولم يقف الأمر عند هذا الأمر، بل لعب دورا قبيحا بعد ذلك، فساعد فى تسليح المتمردين بجنوب السودان، الذين انفصلوا بدورهم هم الآخرين فى دولة جديدة عام 2010 برعاية حسنى مبارك والبشير والقذافى، رغم أن هذه الأراضى كانت خاضعة للسيادة المصرية منذ عام 1838م، ويرفع عليها علم مصر.
ومع اتساع دائرة البحث، اكتشفت أمورا رهيبة، فالزعيم الذى صدع رؤوسنا عن القومية العربية (وهى فى حقيقتها دعوى استعمارية خبيثة) كان يساعد ويدعم المتمردون الأكراد ضد العراق، وأيضا كان يدعم الهند ضد باكستان المسلمة، ويدعم اليونان ضد تركيا المسلمة، ويدعم الروس ضد دول الاتحاد السوفيتى الاسلامية .. فيا لهول ما اكتشفته متأخرا.
فى كل صراع يكون فيه الاسلاميون طرفا، نجد عبدالناصر يقف مع الطرف الآخر ضد الاسلاميين، فقد كان دوره محددا وواضحا، وهو مناهضة المد الاسلامى، تحت دعاوى (القومية العربية) تارة، أو تحت شعارات التقدم والنهوض وغيرها.
راجعوا معى عهد عبدالناصر من خلال الصحف والسينما، ستجدون فى عهده كانت صور أغلفة المجلات مخصصة للعاريات العاهرات، وفى أفلام الخمسينيات والستينيات سنرى كيف كانت النساء يرتدين ملابس فوق الركبة بشبر أو أكثر، وكان إعلام الدولة موجه لنشر هذا الانفلات ورعايته وتشجيعه ونعته بالتقدم والتحرر، فأسس لهذه الموجه من الانفلات الأخلاقى التى تشهدها البلاد حاليا.
بعد مصرع السفاح محمود سليمان الذى روع مصر وقتها، خرجت جريدة الأخبار يوم 10 ابريل سنة 1960 بعنوان رئيسى كبير يقول:
مصرع السفاح
عبدالناصر فى باكستان
دون أن يقوم سكرتير التحرير التنفيذى بوضع خط يفصل بين السطرين، رغم أن السطر الأول كان بالأسود والثانى كان بالأحمر، إلا أن عبدالناصر قرأ الخبر على أنه هو الذى لقى مصرعه فى باكستان، وأنه أيضا هو السفاح، فغضب الزعيم (الديمقراطى) بشدة وأصدر قرارا تاريخيا بتأميم الصحافة فى الثالثة فجرا، ونفذ القرار بأسلوب الانقلابات العسكرية، ثم زرع فى كل جريدة رقيب من أسافل الضباط المبتزين اللصوص.
وفى عهده حدث انهيارا صخريا أثناء العمل فى مشروع السد العالى، ولقى 300 مهندس وفنى وعامل مصرعهم، فأمر بعدم نشر الخبر، لكن جريدة الجمهورية نشرته على سبيل السهو، فتم إقالة رئيس تحريرها.
لقد شاهدت على قناة خاصة فيلم (الكرنك) يوم الأربعاء الماضى، وكأنى أشاهده لأول مرة، رغم أنى شاهدته قبل ذلك مرارا لكنى كنت لا أهتم بمحتواه وأظنه افتراءات، شأن كل الافلام التى صورت لنا ما كان يجرى من انتهاكات بشعة للحريات والحياة الخاصة للمواطنين، ومن هذه الأفلام: امرأة من زجاج، طائر الليل الحزين، العرافة ... إلخ، شاهدت فيلم الكرنك فى هذه المرة بعيون الانسان العادى المنزه عن الهوى، ورايت كيف نجح السيناريست ممدوح الليثى فى نقل صورة حقيقية لتلك الأيام، وكدت أبكى وأنا أرى فى أحد المشاهد كيف كان الطيران الاسرائيلى يضرب العاصمة والمدن المصرية فى ذات اللحظة التى كان فيها زبانية السجن الحربى من ضباط وعساكر يجلدون خيرة الشباب المصرى بالكرابيج، ويرفعون عليهم رشاشاتهم لأنهم صرخوا فيهم وقالوا لهم: اتركونا نخرج نحارب عن بلدنا، فكان الرد مزيدا من الضرب والتعذيب على أصوات قنابل الطائرات الاسرائيلية التى تنفجر على بعد أمتار منهم (!!)، فى السابق كنت لا أصدق هذا، لكنى مع البحث والتحرى، مع التدقيق والتمحيص فى كل ما كتب، وكل ما قيل، تيقنت من صحة كل هذه الوقائع.
لقد وضع عبدالناصر مادة فى دستور 1956 تحصن كل قراراته السابقة واللاحقة من الطعن عليها أمام القضاء، وأرسل احد غلمانه (الرائد سعد زايد) ليضرب فقيه فقهاء القانون فى مصر والعالم العربى الدكتور عبدالرازق السنهورى، يضربه بالحذاء فى مبنى مجلس الدولة الذى تأسس على أكتافه، وكافأ عبدالناصر سعد زايد فيما بعد فجعله محافظا للقاهرة، وفى عام 1969 كانت مذبحة القضاء، حيث تم إبعاد نصف مستشارى محكمة النقض، وتشريد ثلث قضاء مصر فى وظائف غير قضائية.
الزعيم حل مجلس نقابة المحامين عام 1954، بعد أن اجتمعت جمعيتها العمومية فى 26 مارس 1954، وطالبت الجيش بأن يعود لثكناته، فأقدم الزعيم على سابقة (تنضم لكومة سوابقه)، بحل مجلس النقابة، وعزل النقيب عبدالفتاح الشلقانى، وتعيين عبدالرحمن الرافعى نقيبا للمحامين، وهو المؤرخ الذى أفرط فى مديح الثورة وقادتها، ولما قبل التعيين كنقيب للمحامين بالمخالفة لكل الأعراف والقوانين، سقط من نظر الكثيرين.
لقد كانت مصر قبيل ثورة 52 واحة للديمقراطية، حيث الأحزاب المختلفة والصحف والمنابر، فلما جاء الزعيم حل كل هذه الاحزاب، وشكل تنظيما واحدا تحت مسميات مختلفة، مهمته الهتاف وتأليف الشعارات، حتى عند الهزائم والنكبات.
الزعيم هو الذى ابتدع نسبة 99.999% موافقون على أى استفتاء أو انتخابات تتم بشكل صورى، استلم مصر وحدودها فى الجنوب تضرب عند اثيوبيا، وحدودها الشرقية نهاية حدود قطاع غزة، فتركها دون السودان، ودون غزة، ودون سيناء، والعدو الاسرائيلى على بعد 50 دقيقة من القاهرة.
ترك مصر بعدما أسس لحكم عسكرى مستبد غاشم، مزق الوطن فتركه أشلاء، وترك جيشا مدمرا، وشعبا خانعا خائفا.
والحديث عن كوارث الزعيم لا ينتهى، ولذا فإنى أعلن ندمى على كل كلمة مديح وإشادة له ولعهده، وأعتذر لكل من هاجمته بضراوة من الكتاب والمفكرين العظام الذين انتقدوا عهد الزعيم، وعلى رأسهم المرحوم المفكر الكبير الدكتور مصطفى محمود، فى أعقاب مقال له بجريدة أخبار اليوم عام 1987 بعنوان "يسقط اليسار"، فقد كان محقا، وكنت أنا متجنيا على المفكر الكبير حينما رددت عليه بتحقيق صحفى مثير فى جريدة "صوت العرب" بعنوان "شربة الشيخ مصطفى محمود"، وأعتذر لكل من ناصبته العداء يوما ما بسبب دفاعى عن زعيم النكبات والهزائم.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.